"الإتربى": استقرار الاقتصاد العربى مهدد فى ظل التحديات السياسية الحالية
قال محمد الإتربي رئيس البنك الأهلي المصري، ورئيس اتحاد بنوك مصر، خلال الكلمة الافتتاحية لمؤتمر إدارة المخاطر، برعاية اتحاد المصارف العربية، إن وطننا العربي يواجه تحديات شديدة الوطأة في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي؛ مما سيكون له أبلغ الأثر في أوضاع دول عربية شقيقة، مثل لبنان وفلسطين، ونحن هنا من مصر نشجب هذا العدوان السافر ونطالب بالوقف الفوري لجميع أعمال استهداف المدنيين والعدوان على الدول العربية الشقيقة، ونؤكد دعم وتضامن الشعوب العربية كافة في مواجهة هذا العدوان السافر، كما ندعو لاحترام سيادة وسلامة لبنان، ونؤكد أهمية تحرك المجتمع الدولي والأمم المتحدة لتنفيذ قرارات كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن وإصدار قرار ملزم لإسرائيل من مجلس الأمن لوقف عدوانها على كل من الأراضي الفلسطينية واللبنانية بشكل فوري.
وأضاف أن هذا العدوان له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على القطاع المصرفي في الدول العربية؛ نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، ما سيؤدى إلى زيادة المخاطر السياسية في المنطقة العربية ككل وتراجع السياحة الوافدة، إلى جانب تداعياته على السوق اللبنانية والأسواق الإقليمية.
وأشار إلى أن القطاع المصرفي العربي يواجه مجموعة من المخاطر والتحديات في البيئة التشغيلية الراهنة، والتي يمكن أن تكون لها انعكاسات كبيرة على أدائه واستقراره، من أهمها في المجال الاقتصادي ارتفاع معدل التضخم في بعض الدول؛ مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية ويؤثر على قدرة الأفراد والشركات على سداد القروض. مما يمكن أن يزيد من معدلات التعثر ويؤثر سلبًا على جودة الأصول لدى البنوك. كما أن تقلبات سعر الصرف تنعكس على قيمة الأصول والخصوم بالعملات الأجنبية، وتزيد من صعوبة سداد الديون بالنقد الأجنبي؛ مما يزيد من مخاطر السوق للبنوك، ويؤدي إلى زيادة تكاليف الاستيراد وتضخم التكاليف التشغيلية للشركات، مما يؤثر على قدرة هذه الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك.
وأوضح أن بعض دولنا العربية تواجه تباطؤ النمو الاقتصادي؛ مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على الائتمان والاستثمار، مما يؤثر على ربحية البنوك، ويؤدي إلى زيادة معدلات البطالة، مما ينعكس على قدرة الأفراد على الوفاء بالتزاماتهم المالية. وتؤثرالتغيرات في أسعار الفائدة على هوامش الربح للبنوك، حيث تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكلفة التمويل، فضلا عن أنه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يمكن أن ترتفع معدلات التعثر، مما ينعكس على جودة الأصول ويؤدي إلى زيادة مخصصات الديون المعدومة.
وقال إن هذه المخاطر قد تؤدى إلى تراجع ربحية البنوك نتيجة زيادة تكلفة التمويل، وارتفاع المخصصات، وتباطؤ نمو الائتمان، وتآكل رأس المال المصرفي، مما يؤثر على الملاءة المالية للبنوك، وبالتالي تحتاج البنوك إلى تعزيز ممارسات إدارة المخاطر، وتحسين كفاءة العمليات، والاستثمار في التحول الرقمي لتعزيز قدرتها على التكيف مع البيئة التشغيلية المتغيرة، موضحًا أن إدارة المخاطر في البنوك العربية شهدت تطورات ملحوظة، خاصة في استخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي.
على سبيل المثال، يمكن للبنوك استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل المعاملات المالية، رصد الإشارات التحذيرية، متابعة أخبار السوق، وتقييم تغيرات أسعار الأصول.
هذه التقنيات تساعد البنوك في تحسين قدرتها على التنبؤ وإدارة المخاطر بفعالية، من خلال جمع وتحليل البيانات المتعلقة بمخاطر المناخ والمجالات الأخرى ذات الصلة، حيث أصبحت إدارة المخاطر والاستدامة موضوعًا حيويًا في القطاع المصرفي العالمي، أما في مجال المدفوعات الرقمية فإن البنوك تحرص على تبنى أحدث المعايير الدولية لأمن المعلومات وحماية البنية التحتية التكنولوجية من الهجمات السيبرانية،وتعتمد على خطط استمرارية الأعمال وخطط التعافي من الكوارث، بالإضافة إلى إجراء اختبارات دورية لضمان جاهزية الأنظمة. كما تعمل جاهدة على رصد الأنشطة غير الطبيعية للكشف عن محاولات الاحتيال ومنعها، وتثقيف العملاء حول كيفية حماية معلوماتهم الشخصية ومراقبة حساباتهم.
البنك المركزي المصري
وأوضح الإتربي أن البنك المركزي المصري يقوم بدور رئيسي في إدارة المخاطر المالية في البلاد، من خلال تنفيذ مجموعة من السياسات والإجراءات التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي وحماية الاقتصاد من المخاطر المحتملة. ويعمل على وضع أهداف لمعدل التضخم ويستخدم أدوات السياسة النقدية للحد من التضخم.
كما يسهم في إدارة مخاطر سعر الصرف بهدف الحفاظ على استقرار الجنيه المصري، ويطبق معايير رقابية صارمة على البنوك لضمان سلامة رأس المال والسيولة. وذلك يشمل تطبيق متطلبات اتفاقية بازل الدولية الخاصة برأس المال بازل III، ويقوم البنك المركزي بعمليات محاكاة لاختبار قدرة البنوك على تحمل الصدمات.
ويسعى إلى تطبيق أفضل الممارسات الدولية في مجال الرقابة بهدف التحقق من سلامة واستقرار القطاع المصرفي، وتقييم المخاطر الحالية والمستقبلية، كما انضم البنك المركزي المصري لشبكة النظام المالي الأخضر الدولية "NGFS" في مايو 2022، وقام بإصدار التعليمات الرقابية الخاصة بالتمويل المستدام في نوفمبر 2022 والتي تتضمن تكليف البنوك بإدراج المخاطر البيئية والاجتماعية ضمن السياسات الائتمانية والاستثمارية،وقد أدت سياسات البنك المركزي المصري في إدارة سوق الصرف الأجنبي إلى ارتفاع صافى الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري لتبلغ 676.4 مليار جنيه في مايو 2024، وبلغت الودائع الأجنبية 26.6 % من إجمالي الودائع في مايو 2024، كما ارتفع أجمالي الودائع المحلية لتبلغ 11.8 تريليون جنيه، وارتفع أجمالي التسهيلات الائتمانية لتبلغ قرابة 7 تريليون جنيه.
وأوضح أن مؤشرات السلامة المصرفية في مارس 2024 تكشف أن القاعدة الرأسمالية إلى الأصول المرجحة بأوزان المخاطربلغت 18.1%، وبلغت الشريحة الأولى من رأس المال إلى الأصول المرجحة بأوزان المخاطر 14.6%، وبلغ رأس المال الأساسي المستمر إلى الأصول المرجحة بأوزان مخاطر11.5%، وبلغت الرافعة المالية 7.3%، وبلغت القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض 2.6%، وبلغ متوسط نسبة السيولة الفعلية لدى البنوك بالعملات الأجنبية79.3%. وبلغت نسبة صافى التمويل المستقر NSFR على المستوى الإجمالي "عملات محلية وأجنبية معًا" 214.8%.