خبراء استراتيجيون: نصر أكتوبر علامة فارقة فى تاريخ المنطقة العربية والشرق الأوسط
أكد خبراء استراتيجيون، أن نصر السادس من أكتوبر 1973، غير مفاهيم كثيرة في القتال والاستراتيجيات العسكرية بالعالم، كما أنه يعد علامة فارقة في تاريخ المنطقة العربية والشرق الأوسط، لما تضمنه هذا النصر من دروس استراتيجية كثيرة.
وقال الخبراء الاستراتيجيون - في تصريحات - إن هذا النصر العظيم، الذي حققته القوات المسلحة المصرية، استند إلى عدة عوامل، لعل أبرزها التخطيط الجيد، خاصة في مرحلة ما بعد يونيو 1967، حيث عملت القيادة السياسية والعسكرية على إعادة تنظيم القوات، ووضع الخطط الاستراتيجية التي مكنت قواتنا المسلحة من خوض معارك الاستنزاف بنجاح منقطع النظير، وصولًا إلى نصر أكتوبر العظيم.
وفي هذا الإطار، يقول اللواء طيار دكتور هشام الحلبي المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، إن حرب السادس من أكتوبر كانت حربًا من أجل الشرف والكرامة، واسترداد الأرض الغالية، كما أن تلك الحرب كانت مرحلة لاحقة لمحاولات إجراء مفاوضات سلام قبل 1973، ولكن كانت إسرائيل تردد دائمًا وقتها قاعدة "السلام مقابل السلام"، وهو ما يعني أن تظل الأرض معها، وهو الأمر الذي رفضته مصر تمامًا، وكان لزامًا على مصر خوض معركة لكسر نظرية الأمن الإسرائيلية.
وأضاف اللواء طيار دكتور هشام الحلبي أن حرب أكتوبر 1973، كانت حربًا من أجل السلام، لافتًا إلى أن تلك الحرب أحدثت تغييرًا كبيرًا في الفكر الإسرائيلي الذي أُجبر على الجلوس إلى طاولة المفاوضات ويتغير المبدأ فيما بعد إلى "الأرض مقابل السلام"، وهو ما اعتُبر تغييرًا جوهريًا في الفكر الإسرائيلي بالنسبة لمصر.
وأوضح أن القوات المسلحة المصرية حققت الانتصار في أكتوبر 1973 نتيجة للتخطيط الجيد والإعداد المتميز لتلك المعركة، فضلًا عن استخدام نظريات لعل أبرزها "الخداع الاستراتيجي" الذي أثبت جدارته في مرحلة الإعداد للمعركة.
وتابع أن القوات المسلحة تبقى هي صمام أمان تلك الدولة ومن خلفها الشعب المصري الذي يثق دائمًا في قدرة مؤسسته العسكرية على تجاوز الصعوبات وقهر التحديات، لافتًا إلى أن مصر قادرة دومًا على حماية أراضيها واتخاذ ما يلزم للحفاظ على أمنها القومي.
وأشار إلى أن تلك الحرب كانت مفتاحًا لتنمية سيناء عبر مسارين مهمين، أولهما الحماية العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة، والآخر هو الحماية التنموية بمشروعات التنمية التي تساعد في زيادة عدد السكان ما يحمي سيناء لأنها البوابة الشرقية التي جاءت منها كل التهديدات على مر التاريخ.
ووجه الحلبي رسالة إلى الأجيال الحالية، حيث أكد على ضرورة عدم الانسياق وراء الشائعات والمحاولات التي يستهدف بها أعداء الوطن هذا البلد من خلال استهداف أفكار الشباب، مشددًا على أن سلاح الوعي يعد من أبرز الأسلحة التي يجب أن يتحصن بها المصريون في مواجهة كافة الأفكار الهدامة.
حرب أكتوبر كانت علامة فارقة في تاريخ الدولة المصرية
من جهته.. أكد اللواء الدكتور محمد الغباري مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، أن القوات المسلحة القوية هي الأساس لحماية الدولة، وحفظ استقراراها وأمنها.. لافتًا إلى أن حرب أكتوبر كانت علامة فارقة في تاريخ الدولة المصرية، حيث وضعت مصر من خلالها أسسًا وقواعد لحفظ أمنها واستقرارها من أي تهديدات.
وقال اللواء محمد الغباري إن مصر فرضت إرادتها على إسرائيل عبر حرب أكتوبر، واضطرت إسرائيل إلى الجنوح إلى السلم في نهاية المطاف..مشددًا على أن تلك الحرب كانت في الأساس حربًا من أجل السلام.
واستذكر مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، المرحلة التي تبعت نكسة يونيو 1967، مشيرًا إلى الدور الكبير الذي لعبته إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة في رفح الروح المعنوية للجنود، كما لعبت جولات القادة العسكريين المصريين آنذاك وحرصهم على التواجد وسط الجنود دورًا كبيرًا في استنهاض الهمم ورفع الروح المعنوية.
وأضاف أن نصر أكتوبر، سبقته واحدة من أفضل الفترات، وهي فترة حرب الاستنزاف التي شهدت بطولات وأفكارِا عظيمة للقيادة العسكرية المصرية، وأرسلت تلك الحرب "رسائل إنذار" إلى إسرائيل بأن مصر لن تفرط في شبر واحد من أرضها، لافتًا إلى أنه تم البناء على حرب الاستنزاف عند التخطيط لحرب السادس من أكتوبر.
وأوضح أن الحرب هي أداة من أدوات السياسة لتنفيذ الأهداف، فعندما تفشل السياسة يتم اللجوء إلى الحرب، لذلك لجأت مصر إلى خيار الحرب لاسترداد أرضها بعدما استنفدت كافة محاولات السلام مع العدو المتغطرس الذي رفع شعارات واهية لتأتي حرب أكتوبر وتقضي على تلك الشعارات وأبرزها "شعار الجيش الذي لا يُقهر".
وتابع الغباري "أن نصر السادس من أكتوبر كان نقطة فارقة وأساسًا للسلام القائم على القوة، منوهًا بأن القوات المسلحة أثبتت في تلك الحرب أنها قوية وقادرة على اتخاذ كل ما يلزم لدفع كافة التهديدات والتحديات التي تحدق بالأمن القومي المصري".
الأهمية القصوى لسيناء التي تعد العمق الاستراتيجي لمصر
من ناحيته.. أكد اللواء محمد زكي الألفي المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية أن حرب أكتوبر 1973 كانت واجبة بالنظر إلى الأهمية القصوى لسيناء التي تعد العمق الاستراتيجي لمصر من الجهة الشرقية، وتمثل قاعدة الدفاع عن البلاد ضد أي عدوان قادم من هذا الاتجاه.
وشدد اللواء محمد زكي الألفي، وهو أحد أبطال حرب أكتوبر، على أن القوات المسلحة المصرية حملت على عاتقها عبر الزمان حماية تراب هذا الوطن الغالي والذود عن أرضه.. وقال إن هذا المنطلق كان القاعدة التي انطلقت منها حرب أكتوبر؛ ليحقق الجيش المصري انتصارًا سيبقى أثره وصداه على مر التاريخ.
وأضاف أن القوات المسلحة المصرية حققت معجزة بكافة المقاييس في حرب السادس من أكتوبر، بالنظر إلى فارق الإمكانيات والتسليح الكبير بين إسرائيل ومصر، ولكن تبقى العبقرية المصرية والعزيمة التي تستطيع حسم أي معركة أو حرب لصالح المصريين.
ودعا الخبير الاستراتيجي، شباب مصر إلى الانتباه جيدًا لما يحاك ضد هذا الوطن من مؤامرات تستهدف النيل منه، وأن يكونوا مستعدين لتقديم الغالي والنفيس من أجل تراب هذا الوطن الغالي.. مطالبًا بضرورة الالتفاف والاصطفاف خلف القيادة الوطنية التي تقوم بجهود غير مسبوقة من أجل الحفاظ على الأمن القومي المصري، خاصة في الفترة الحالية التي تتوالى فيها الأخطار والتحديات من كافة الاتجاهات.