العدوان الصهيونى يتواصل.. تاريخ طويل من المواجهات بين لبنان وإسرائيل
أعاد إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي اجتياح جنوب لبنان إلى الأذهان تاريخا من المواجهات بين المقاومة في الجانب اللبناني وبين قوات الاحتلال التي تخوض حربا شرسة ضد حركات المقاومة في لبنان وفلسطين.
وخاضت إسرائيل منذ إنشائها سلسلة حروب ضد لبنان كان لها آثارها المدمرة في طرفي القتال، واليوم يعاد سيناريو الحرب والعداون من جديد، وسط مخاوف من تحول الصراع إلى حرب إقليمية تطال نيرانها الجميع.
وبدأت هذه الحروب فعليا منذ تاريخ النكبة عام 1948 وما تبعها من حروب إسرائيل مع الدول العربية المجاورة، ومن بينها لبنان.
نكبة 1948
وفي ذلك العام شارك لبنان مع دول عربية في الحرب على القوات الإسرائيلية، ما دفع بجماعات الـ"هاجاناه" بقيادة مناحيم بيجن في الـ31 من أكتوبر 1948 إلى دخول بلدة حولا، إحدى قرى قضاء مرجعيون في جنوب لبنان، وتنفيذ مجزرة ضمن "عملية حيرام"، انتقاما من أهالي البلدة لمشاركتهم مع "جيش الإنقاذ العربي".
تلت ذلك مواجهات وحروب متكررة بين الطرفين، خاصة بعد حرب 1967 والتي لم يكن لبنان طرفا رئيسا فيها، لكنها أثرت بصورة كبيرة في المنطقة، وزادت من تدفق اللاجئين الفلسطينيين إليه. ومن ثم تأسس حزب الله في الثمانينيات كحركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان.
منظمة التحرير
وعلى خلفية استضافة لبنان عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين بعد نكبة 1948 ومن ثم بعد نكسة 1967، ازدادت التوترات الداخلية والضغوط على البنية الاجتماعية والاقتصادية للبنان، وأدى وجود الفصائل الفلسطينية المسلحة على الأراضي اللبنانية خاصة في الجنوب، إلى مواجهات مع إسرائيل، التي عدت وجودهم تهديدا لأمنها، ما صعد من حدة عملياتها ضد لبنان.
وفي خضم احتدام الحرب الأهلية اللبنانية، التي شهدت تدخلا من قبل قوى عربية وإقليمية ودولية، اتجهت إسرائيل إلى شن عملية عسكرية على لبنان، وذلك لإنشاء منطقة آمنة وإبعاد عناصر منظمة التحرير الفلسطينية من الجنوب اللبناني، بعدما كانت قد نشطت بكثافة داخل لبنان.
وفي 11 مارس 1978 اهتزت إسرائيل على وقع عملية كمال عدوان، وهي عملية نفذتها مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين، وجزء من سلسلة هجمات شنتها منظمة التحرير في فترة السبعينيات.
في تلك العملية خطفت مجموعة تابعة لحركة "فتح" بقيادة دلال المغربي حافلة إسرائيلية على الطريق الساحلي بين تل أبيب وحيفا، بهدف الوصول إلى تل أبيب واحتلال مبنى هناك لإجراء مفاوضات مع السلطات الإسرائيلية.
وتمكن الفدائيون من خطف حافلة مليئة بالركاب، لكن العملية أسفرت عن مقتل 38 مدنيا إسرائيليا وإصابة كثر بجروح، في المقابل، قتل تسعة من الفدائيين في الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.
عملية الليطاني
إثر هذه الأحداث شن الجيش الإسرائيلي مباشرة الحرب على جنوب لبنان عبر عملية الليطاني، وكان الهدف منها طرد قوات منظمة التحرير من منطقة الحدود بين لبنان وإسرائيل، وتدمير البنية التحتية للمنظمة.
تلك العملية بدأت في 14 مارس 1978 واستمرت لمدة أسبوع، وشارك فيها 25 ألف جندي إسرائيلي، وتمت السيطرة على قرى وبلدات عدة في جنوب لبنان.
وأدى الهجوم إلى نزوح 250 ألف لبناني من مناطقهم، وقتل نحو 2000 معظمهم من المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين.
تلك العملية كانت نقطة تحول في النزاع الإسرائيلي- اللبناني، وأسهمت في تعزيز الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان الذي استمر حتى عام 2000.
اجتياح 1982
في السادس من يونيو 1982 اجتاحت إسرائيل لبنان تحت عنوان سلامة الجليل، إذ احتلت مناطق صور والنبطية وحاصبيا والشوف خلال يومين، ثم وصلت إلى ضواحي بيروت في الـ10 من يونيو، واحتلت قصر بعبدا (القصر الرئاسي اللبناني) في الـ13 من يونيو من ذلك العام.
ونتج من الاجتياح الإسرائيلي مواجهات دامية وتدمير واسع النطاق، إضافة إلى احتلال جزء كبير من الأراضي اللبنانية وصولًا إلى بيروت. وأدى إلى انسحاب منظمة التحرير من لبنان وتفاقم الصراع الطائفي والسياسي في البلاد.
حزب الله
في فترة التسعينيات كانت هناك مواجهات متكررة بين إسرائيل وحزب الله، الذي كان يشن هجمات صاروخية على المستوطنات الشمالية الإسرائيلية. وازدادت حدة التوتر في المنطقة، ما أدى إلى قرار إسرائيلي بشن عملية عسكرية واسعة النطاق في محاولة لردع الحزب.
بدأت العملية في 25 يوليو 1993 واستمرت حتى 31 من الشهر ذاته، وشملت الغارات الجوية والقصف المدفعي والهجمات البحرية على مواقع للحزب ومنشآته اللوجيستية والبنية التحتية المستخدمة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
واستهدفت العملية مواقع في مختلف الأراضي اللبنانية، وصولا إلى ضواحي بيروت، وشاركت فيها القوات البرية والجوية الإسرائيلية. واستمرت العملية سبعة أيام، وأسفرت عن مقتل 120 لبنانيا و26 إسرائيليا.
تصاعدت حدة العمليات التي قام بها حزب الله منذ عام 1995، ونفذ والفصائل الحليفة نحو 876 عملية استهداف لدوريات ومواقع تابعة للجيش الإسرائيلي على الحدود.
انسحاب عام 2000
انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في عام 2000 وذلك لأسباب عدة، أبرزها الكلف البشرية والمادية المرتفعة التي تكبدتها إسرائيل جراء الاحتلال، ما أدى إلى مقتل عديد من الجنود الإسرائيليين.
كل ذلك أدى إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي بصورة كاملة في 24 مايو 2000، في خطوة اعتبرها كثر انتصارا لـ حزب الله وحلفائه.
حرب يوليو 2006
حزب الله الذي كان جزءا من الحكومة اللبنانية حينها، ومحتفظا بجناحه العسكري المستقل، هاجم في 12 يوليو 2006، دورية للجيش الإسرائيلي وخطف جنديين وقتل ثلاثة آخرين، وذلك لاستخدام الأسرى كورقة تفاوض لإطلاق سراح معتقلين لبنانيين في السجون الإسرائيلية، فردت إسرائيل بشن هجمات جوية وبرية واسعة النطاق على لبنان، مستهدفة مواقع حزب الله والبنية التحتية اللبنانية، في عملية استمرت 34 يوما، وعرفت باسم "حرب تموز"، وقتل فيها أكثر من 1300 لبناني معظمهم من المدنيين، و165 إسرائيليا، بينهم 44 مدنيا.
وتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في 14 أغسطس بوساطة الأمم المتحدة من خلال القرار 1701، الذي دعا إلى وقف الأعمال العدائية ونشر قوات دولية لمراقبة الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.