حرب الظلال.. كيف تفتك الشائعات بالأمن القومي؟
في زمن تسود فيه سرعة انتشار المعلومات كالبرق، حيث تتحول الأقاويل إلى حقائق في غمضة عين وتنتشر الشائعات كالنار في الهشيم، وتزرع الفتنة والشكوك في نفوس الناس، تحولت الشائعات إلى سلاح ذو حدين، يستخدمه البعض لتحقيق مكاسب شخصية أو لزعزعة الاستقرار، بينما يدفع به الآخرون إلى الهاوية، ويتحولون إلى ضحايا لأخبار كاذبة لا أساس لها من الصحة.
فتخيل أن هاتفك يرن فجأة رسالة نصية تحمل خبرًا عاجلًا، خبرًا مبالغًا فيه، خبرًا كاذبًا، ينتقل من هاتف إلى آخر بسرعة البرق، يحمل معه موجة من الذعر والخوف، هذا الخبر الزائف قد يؤدي إلى مظاهرات عنيفة، أو انهيار ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، إن ما حدث يسمى "الحرب الخفية"، وهي تُشن علينا كل يوم، وسلاحها الوحيد هو الشائعات.
وتعتمد تلك الحرب على ميل الإنسان إلى تصديق ما يريد سماعه، وخاصة إذا كان هذا الخبر يتوافق مع مخاوفه أو أحكامه المسبقة، أيضًا توغل وسائل التواصل الاجتماعي ساهم في تفاقم هذه المشكلة، حيث يمكن لأي شخص أن ينشر أي خبر دون رادع، مما يجعل من الصعب التمييز بين الحقيقة والزيف، بالتالي يجب التحقق من صحة أي خبر قبل نشره، بالرجوع إلى مصادر الأخبار الرسمية، وتعلم كيفية التفكير النقدي، والحذر من الأخبار التي تثير المشاعر.
في هذا السياق، يتحدث عدد من الخبراء عن أثر الشائعات على الأمن الوطني، مع تقديم بعض الحلول المقترحة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، كما نوضح العقوبات القانونية التي تقع على مروجي الإشاعات، إضافة إلى أبرز الشائعات التي هزّت أرجاء مصر خلال هذا العام وكيف تم الرد عليها.
أبرز الشائعات التي تم نفيها من قبل مصادر رسمية خلال هذا العام
البحوث الجنائية: يجب التحقق من المعلومات لمواجهة التزييف
بداية، قالت الدكتورة نسرين البغدادي، المدير السابق للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية،إنه من الضروري التحقق من مصادر المعلومات لمواجهة تزييف الوعي، مؤكدة على أهمية العلم والخبراء في حل المشكلات المجتمعية.
وشددت "البغدادي"، في حديثها، على أهمية دراسة الواقع الاجتماعي بشكل عميق، داعية إلى عدم الاكتفاء بنشر صور إيجابية دون تحليل عميق للوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين.
وطالبت بتعليم الأجيال القادمة التفكير النقدي والتحليل، مشددةً على أهمية تصحيح المفاهيم وتوضيح دور الدين في بناء مجتمع متماسك.
تنص المادة 188 من قانون العقوبات على المعاقبة بالحبس لمدة تصل إلى سنة أو بغرامة بين 5000 و20000 جنيه، أو بإحدى العقوبتين، كل من نشر أخبارًا أو إشاعات كاذبة أو أوراقًا مزورة بنية سيئة، إذا كان من شأنها تكدير السلم العام أو إثارة الفزع أو الإضرار بالمصلحة العامة.
معدل انتشار الشائعات خلال الفترة من 2014 إلى 2023
عميد "الإعلام": صناعة الوعي هي الحل لمواجهة الشائعات
ودعت الدكتورة هويدا مصطفى، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، إلى ضرورة تكاتف المؤسسات المصرية لبناء وعي وطني سليم قائم على الحقائق، مؤكدة أن صناعة الوعي هي الحل لمواجهة التزييف الإعلامي الذي يستهدف مصر، مشيرة إلى دور الإعلام والتعليم في هذا الشأن.
وشددت "مصطفى"، في حديثها، على أهمية التحقق من مصادر المعلومات وتوعية المواطنين، خاصة الشباب، للتمييز بين الحقيقة والشائعة، مشيدة بدور الثقافة والإعلام في بناء الوعي الوطني.
تعاقب المادة 80 (د) من قانون العقوبات بالحبس من 6 أشهر إلى 5 سنوات أو بغرامة بين 100 و500 جنيه كل مصري نشر عمدًا في الخارج أخبارًا كاذبة حول الأوضاع الداخلية، مما يضعف الثقة بالدولة أو يضر بمصالحها القومية.
معدل انتشار الشائعات عام 2023
خبير أمن معلومات: الشائعات تقلد مظهر "الإعلام" الموثوق
فيما حذر وليد عبدالمقصود، خبير أمن المعلومات، من تزييف الأخبار عبر الإنترنت باستخدام تقنيات احترافية، مشيرًا إلى أن هذه التقنيات تستهدف إقناع المستخدمين بمشاركة الأخبار الكاذبة، مما يؤدي إلى انتشارها بشكل واسع.
وأشار "عبدالمقصود"، في تصريحاته، إلى أن هناك أساليب جديدة يستخدمها ناشرو الشائعات عبر الإنترنت لجذب الانتباه والتلاعب بمشاعر المستخدمين، داعيًا إلى ضرورة التحقق من صحة المعلومات قبل مشاركتها، لافتًا إلى أن هذه الشائعات غالبًا ما تقلد مظهر وسائل الإعلام الموثوقة، وتستخدم أساليب احترافية لإقناع الناس بمشاركتها
وحذر من خطر اختراق الحسابات الشخصية عبر روابط خادعة، مما يسمح للمهاجمين بنشر المزيد من الشائعات.
نصت المادة 102 مكرر، من قانون العقوبات، على المعاقبة بالحبس أو بغرامة بين 50 و200 جنيه كل من أذاع عمدًا إشاعات كاذبة تضر بالأمن العام أو تثير الرعب، وتُشدد العقوبة إلى السجن وغرامة أكبر إذا حدثت الجريمة في زمن الحرب
معدل انتشار الشائعات خلال عام 2023