كيف يمكن الموازنة بين مفهوم الحرية الشخصية والضوابط الاجتماعية؟
يخلط العديد من الشباب بين مفهوم الحرية وبين إرادتهم الشخصية في التعامل مع العديد من القضايا، وبين الضوابط التي يفرضها المجتمع والدين والقيم الأخلاقية، هذا الخلط يأتي دون إدراك ضرورة التوازن بين استقلالية الفرد وبين القواعد التي يفرضها المجتمع للحفاظ على استقراره وأمنه.
إذًا، كيف يمكن للشباب أن يحققوا هذا التوازن بين حريتهم الشخصية وبين ما يفرضه المجتمع من ضوابط؟ في هذا التقرير، تواصلت "الدستور" مع بعض الخبراء للإجابة على هذا السؤال.
أحمد علام: “التوعية والعقاب أدوات فعّالة”
الدكتور أحمد علام، استشاري العلاقات الأسرية والاجتماعية، يرى أن غرس القيم والضوابط المجتمعية يجب أن يبدأ منذ الصغر، حتى يتمكن الطفل من التمييز بين الصواب والخطأ، ويدرك أن حريته ليست مطلقة، بل يحددها المجتمع والدين والقيم. وأوضح، لـ"الدستور"، أن تعليم هذه القيم يجب أن يتم بطريقة تتناسب مع عقلية الطفل وسنه، ما يسهل عليه استيعابها لاحقًا عندما يكبر، ويجعل مهمة الوالدين أقل تعقيدًا.
وأضاف علام: "لا يجب أن نسمح للطفل بالحصول على كل ما يريد بحجة الحرية، بل يجب أن يفهم أن الحرية ليست بلا حدود. لذلك، من الضروري غرس القيم في الأطفال بطريقة مناسبة لمرحلتهم العمرية".
كما أشار إلى أن الآباء بحاجة إلى اتخاذ موقف حازم، فهم شرعًا وقانونًا مسئولون عن تربية أبنائهم. ويجب أن تبدأ هذه العملية بالحوار الهادئ القائم على العقل والصداقة، ثم يأتي دور العاطفة لإقناع الطفل بأن أفعاله قد تسيء إلى أهله. وفي حال فشل هذه الوسائل، لا بد من اللجوء إلى العقاب المدروس، كحرمانه من بعض الرفاهيات أو تجاهله داخل المنزل.
كما أكد علام على أهمية دور الأمهات في تهيئة الأطفال لاستيعاب هذه الحدود، أو الاستعانة بخبير لمساعدتهم على التعامل مع الأبناء، حتى يتعلموا تدريجيًا أهمية احترام الضوابط الاجتماعية والدينية، والتوفيق بين مفهوم الحرية الشخصية والضوابط المجتمعية.
جمال فرويز: الجيل الحالي يعتقد أن كل شيء مسموح
من جانبه، أشار الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إلى أن المجتمع يشهد انهيارًا ثقافيًا وأخلاقيًا، ما جعل الهوة بين مفهوم الحرية والضوابط المجتمعية تتسع بشكل كبير.
وقال إن هناك انحدارًا واضحًا في المستوى الثقافي والاجتماعي والديني والسلوكي.
وأوضح فرويز، لـ"الدستور"، أن الجيل الحالي الذي نشأ في ظل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، يعتقد أن كل شيء مباح طالما يرغبون فيه، دون أن يدركوا مفهوم "أنت حر ما لم تضر".
وأضاف أن السلوكيات الخاطئة أصبحت متداولة بحجة الحرية، ما يجعل من الضروري تطبيق عقوبات صارمة لتصحيح هذا المفهوم، حتى يفهم الشباب أن الحرية ليست مجرد رغبة شخصية، بل يجب أن تُمارس ضمن ضوابط محددة.