كيف تتحرك إسرائيل لتهجير اللبنانيين وإقامة منطقة عازلة؟
كشف عدد من الخبراء والسياسيين اللبنانيين عن الهدف الحقيقى وراء تصعيد الاحتلال الإسرائيلى المستمر مع «حزب الله»، والذى يتمثل فى تهجير اللبنانيين من الجنوب لإقامة منطقة حدودية عازلة.
وأوضح الخبراء أن الاحتلال يريد من وراء ذلك السيطرة على أجزاء من لبنان، وإعادة المستوطنين الإسرائيليين إلى المناطق الحدودية والشمالية، معتبرين أن ما يسمى بـ«محور الممانعة» يعمل لصالح الدولة الإيرانية على حساب شعب لبنان ومستقبله.
وأكد الخبراء، خلال حديثهم إلى «الدستور»، أنهم لا يعولون على الجهود الدبلوماسية لوقف التصعيد، خاصة أن المفاوضات أصبحت تُستخدم كوسيلة لإطالة أمد الصراع، أو لتحقيق مكاسب فى سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كما حدث فى مفاوضات وقف إطلاق النار الخاصة بقطاع غزة، منوهين بأن لبنان مقبل على وضع شديد الخطورة، قد يمتد ليشعل المنطقة كلها.
وقال المحلل السياسى اللبنانى، أحمد سمير الشمعة، إن التطورات الجديدة على الجبهة الجنوبية للبنان بين الاحتلال الإسرائيلى و«حزب الله» تدخل مرحلة حساسة جدًا.
وأضاف «الشمعة»: «استهدف حزب الله مناطق عسكرية ومؤسسات اقتصادية شمال شرق حيفا، السبت الماضى، بصواريخ نوعية، وحقق أهدافًا مهمة، مع إيقاع مئات الجرحى وعشرات القتلى».
وواصل: «رد العدو الإسرائيلى على تلك الضربات الصاروخية بشكل عبثى وهستيرى، موجهًا أكثر من ألف غارة على مختلف قرى الجنوب وبعمق كبير، حتى وصلت الضربات إلى شرق صيدا، موقعًا عددًا هائلًا من الشهداء».
وأكمل: «القصف الإسرائيلى أدى إلى نزوح عدد كبير جدًا من سكان القرى المستهدفة إلى قرى الجبل والإقليم والشمال، إضافة إلى العائلات المشردة على الطرقات، فالبعض ينام مع أولاده فى السيارة، والبعض الآخر تائه على الطرقات لا يعرف إلى أين سيلجأ».
وتابع: «الواقع مأساوى جدًا، ولكن كل القرى فى الشوف والجبل والشمال فتحت قلوبها وبيوتها لسكان الجنوب، حتى المدارس الرسمية فتحت أبوابها لهم، بعد قرار وزير التربية بذلك، تحت إشراف البلديات والجمعيات الكشفية، أما مواقف الدول الكبرى، التى تتغنى بحقوق الإنسان، فلا نسمع سوى استنكارات لا قيمة لها، لأن العدو الإسرائيلى لا يقيم وزنًا لكل الأعراف والقوانين الدولية».
وحول الموقف الأمريكى، قال «الشمعة»: «ليس هناك موقف جدى يُبنى عليه، إذ إن الأمريكى ماضٍ بتمثيل دور الدبلوماسى الداعى إلى وقف العنف، مع أن بصمته فى الحرب واضحة تمامًا».
وأضاف المحلل السياسى اللبنانى: «العدو الإسرائيلى مستمر بالتصعيد، وحزب الله لن يستسلم بسهولة، وسيرد بكل قوة، ولذا أظن أننا ذاهبون إلى حرب مفتوحة على كل الاحتمالات، ولا أتوقع أن العمل الدبلوماسى الغربى أو العربى سيغير شيئًا فى المشهد، وعلينا أن ننتظر التطورات فى الأيام المقبلة».
واستبعد الكاتب والمحلل السياسى اللبنانى، على يحيى، استجابة الطاقم السياسى الحالى فى تل أبيب لمبادرات وقف العدوان، فى ظل التحول فى العقيدة الإسرائيلية والانزياح المجتمعى السياسى نحو اليمين، موضحًا أن غالبية إسرائيلية سياسية وشعبية تؤيد توسع الحرب مع لبنان، ما يعنى أنه من الممكن أن نكون أمام مشهد مكرر للمفاوضات.
وأضاف «يحيى»: «حاليًا تستخدم إسرائيل المفاوضات كتكتيك لإطالة أمد الحرب، وتستخدم أمريكا التفاوض كجزء من الحملة الانتخابية لاحتواء الناخبين العرب فى الولايات المتأرجحة التى يؤثرون فيها، وبالتالى، وبحال لم يتحقق اختراق جدى لوقف الاشتباك فى جبهتى لبنان وفلسطين، فنحن مقبلون على تصعيد».
وواصل: «قد يتحول الأمر إلى حرب استنزاف متبادلة، يلجأ فيها حزب الله لاستدراج جيش الاحتلال الإسرائيلى للقيام بمناورة برية، حتى يمكن قتل قوات الاحتلال بين وديان وجبال الجنوب».
وقال الكاتب السياسى اللبنانى، عبدالله نعمة، إن التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» يشتد يومًا بعد يوم، متوقعًا أن يكون القادم أشد خطورة، خاصة بعدما وصلت المفاوضات بين الجانبين إلى طريق مسدود.
وأضاف «نعمة»: «رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، لا يريد أى حل، هو يريد استمرار الحرب على لبنان، وجيش الاحتلال متفق معه فى هذه الحرب الغاشمة».
وواصل: «نعلم أنه لا نتيجة من استمرار هذه الحرب، وأن ما يسمى (محور الممانعة) يتحرك لصالح إيران وتقوية موقفها، على حساب لبنان وشعبه»، مشددًا على أن «إيران تركت لبنان يقرر مصيره، ويدفع ثمن الحرب على أرضه بدماء شعبه».
وأكمل: «ما يحدث فى لبنان لا نستطيع تحمله اقتصاديًا ولا عسكريًا، وكل الشعب اللبنانى يقول اليوم كفى كفى، إلى أين نحن ذاهبون؟ لا نريد الحرب، وما نفع هذه الحرب؟»، معتبرًا أنه «إذا لم تتفق إسرائيل وحزب الله على حل يرضى جميع الأطراف، فنحن ذاهبون إلى الجحيم، ولن تكون هناك لغة سوى الدمار والقتل».