رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسية فرنسية لـ"الدستور": مصر تحفظ أمن الشرق الأوسط.. وإسرائيل ستشعل حربًا جديدة بالضفة

كيلي الخولي
كيلي الخولي

حذرت كيلي الخولي المستشارة السياسية ومديرة العلاقات الدولية في مركز الشئون السياسية والخارجية الفرنسي (CPFA)، من انزلاق الشرق الأوسط لحافة الهاوية تماما وسط مخاوف من اندلاع حرب جديدة في الضفة الغربية بسبب تصرفات إسرائيل، مشيرة إلى جهود مصرلحفظ أمن واستقرار المنطقة.

وأوضحت “الخولي” في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن هذا الأمر يهدد سلامة وأمن الأردن، والسبب في ذلك هو تعنت رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مشيرة إلى أن مصر حققت نجاحا كبيرا في تطهير سيناء من الإرهابيين، وأن القاهرة قادرة على لعب دور حاسم في التفاوض على حل الدولتين، وبالتالي إعادة تعريف البنية الأمنية في الشرق الأوسط.

كيلي الخولي: المشهد الأمني بالشرق الأوسط حالته هشة

وقالت الخولي إنه منذ السابع من أكتوبر الماضي، كان المشهد الأمني في الشرق الأوسط حالته هشة للغاية. وفي حين تخشى جميع الأطراف اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقًا، فقد أظهرت الأحداث التي شهدناها على مدى الأشهر الحادي عشر الماضية أننا على بعد خطأ واحد من السقوط في الهاوية.

وتابعت: "سوف يسمح الدمار الشامل والمعاناة الإنسانية الهائلة في غزة لحماس بإعادة بناء قواتها بمرور الوقت. والواقع أن العصابات الإجرامية في غزة، التي سلحتها إسرائيل، تستغل بالفعل حالة الفوضى الحالية لفرض سيطرتها على مناطق معينة. 

وأصبح الوضع في الضفة الغربية غير قابل للاستمرار، وفي الوقت نفسه يبدو المجتمع الإسرائيلي متشرذمًا على نحو متزايد. وعندما نأخذ في الاعتبار أيضًا عدم الاستقرار في البلدان المجاورة، خاصة في سوريا ولبنان، نستطيع أن نرى أن التصعيد يبدو أمرًا لا مفر منه في مثل هذه البيئة المتقلبة".

وقالت السياسية الفرنسية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثبت طيلة هذه الحرب أن أولويته هي ضمان بقائه السياسي، وبالتالي فقد استسلم لليمين المتطرف المتشائم وخرب مرارًا مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية، مشيرة إلى أن مقتل المحتجزين الإسرائيليين الستة خلال عملية إنقاذ فاشلة أثار غضبًا واسع النطاق في إسرائيل ضد فشل نتنياهو في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. 
 

واوضحت أن الأسبوع الماضي شهد مشاركة نحو 500 ألف إسرائيلي في احتجاجات حاشدة، وسيتعين علينا أن نرى ما إذا كان هذا كافيًا للضغط على الحكومة، لكن نتنياهو يدرك أنه طالما استمرت الحرب، فإنه يستطيع الاستمرار في التمسك بالسلطة. لذلك، فمن المرجح أن يتخذ إجراءات صارمة ضد المحتجين ويستمر في عرقلة جهود التفاوض. ورغم أن اتفاق وقف إطلاق النار لن يجلب السلام إلى الشرق الأوسط، إلا أنه شرط أساسي لتهدئة التوترات بين حزب الله وإسرائيل، وهو الخطوة الأولى نحو استقرار الوضع في الضفة الغربية.

كيلي: اغتيال هنية وفؤاد شكر أشعل الشرق الأوسط

وقالت الخولي إن اغتيال إسرائيل المزدوج لزعيم حزب الله فؤاد شكر في بيروت والزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران أثار مخاوف من أن يؤدي هذا إلى إشعال دوامة تصعيدية تهدد باجتياح الشرق الأوسط. 

وتابعت: "بالمقارنة بإسرائيل، كان حزب الله وإيران أكثر تحفظًا في المجازفة وفشلا في إيجاد التوازن الصحيح بين استعادة الردع وتجنب حرب إقليمية أوسع نطاقًا. في 25 أغسطس تمكن الجيش الإسرائيلي من إحباط هجوم حزب الله على مواقع عسكرية إسرائيلية من خلال شن ضربات وقائية في لبنان. ونتيجة لهذا، كان رد حزب الله مخيبًا للآمال، ونجحت إسرائيل في ترسيخ هيمنتها على التصعيد".

وأكدت الخولي أن إسرائيل فشلت في تأمين حدودها الشمالية، حيث أدت الاشتباكات المستمرة بين حزب الله وإسرائيل إلى إجلاء 60 ألف مدني إسرائيلي و90 ألف مدني لبناني. وقد تشعر إسرائيل بالجرأة لشن توغل عسكري محدود في جنوب لبنان لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل، لكن هذا قد يجر لبنان بأكمله إلى الحرب. وعلاوة على ذلك، من المرجح أن تدافع إيران ووكلاؤها عن حزب الله، وهو ما من شأنه أن يثير مرة أخرى شبح حرب إقليمية أوسع نطاقًا. ومن الحماقة أن نفترض أن أي توغل في لبنان سوف يظل محدودًا.

وأضافت: "في الوقت نفسه، لم ترد إيران بعد على إسرائيل بسبب اغتيال هنية، ويرجع هذا جزئيًا إلى أنها لا تريد أن تتحمل المسؤولية عن إفشال المفاوضات الجارية، ولا تريد أن تقدم لنتنياهو ذريعة لتوسيع الحرب. وهناك أيضًا انقسامات داخلية كبيرة داخل إيران حول الكيفية التي ينبغي لها أن ترد بها، ومن الممكن أن تكون طهران قد أضاعت فرصة الرد الحاسمة. 

من ناحية أخرى، ربما عززت أيضًا عزمها على تسليح برنامجها النووي. وإذا نجحت طهران في تطوير الأسلحة النووية، فسوف تعيد تعريف المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط بشكل جذري".

الخولي: نتنياهو يشعل حربًا جديدة في الضفة الغربية

وشددت الخولي على أن عنف المستوطنين الإسرائيلين في الضفة الغربية لفترة طويلة المحرك الرئيسي لدعم الفلسطينيين للمقاومة المسلحة، مشيرة إلى أن الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية تحت احتلال عسكري خانق يتعرضون باستمرار للإرهاب من قبل المستوطنين الإسرائيليين الذين تحميهم القوات الإسرائيلية. 

وتابعت "شهدنا زيادة في عنف المستوطنين بعد وصول حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة إلى السلطة، وتفاقم الوضع في أعقاب الهجمات التي وقعت في السابع من أكتوبر الماضي لم يكن هناك توسع في المستوطنات الإسرائيلية فحسب، بل إن المستوطنين يعملون الآن في إفلات تام من العقاب. وفي الوقت نفسه، تستخدم إيران شبكات تهريب راسخة لإغراق الضفة الغربية بالأسلحة من أجل إشعال انتفاضة ثالثة. 

وتابعت: "في إطار ما تدعي أنه جهد لتفكيك المنظمات الإرهابية، شنت إسرائيل أكبر عملية لها في الضفة الغربية منذ عقود وحاصرت فعليًا مدينة جنين المحتلة - وقطعت عنها الغذاء والماء والكهرباء". 

وحذرت الخولي من أنه إذا قررت إسرائيل تكرار استراتيجيتها في غزة في أجزاء من الضفة الغربية، فمن المؤكد أنها ستنتهي إلى خلق جبهة ثالثة - وهو ما قد تكون له عواقب كارثية على الأردن المجاور، الأردن، موطن مليوني لاجئ فلسطيني، يتعرض بالفعل لضغوط كبيرة لتبني موقف أكثر صرامة ضد إسرائيل. هناك أيضًا خطر يتمثل في أن الوضع المتدهور في الضفة الغربية قد يجبر الفلسطينيين على الفرار إلى الأردن - وهو ما تراه عمان خطًا أحمر.

كيلي: مصر تواجه عددًا من القضايا الأمنية حول حدودها

وأشارت الخولي إلى أن مصر تواجه العديد من القضايا الأمنية حول حدودها، بين الحرب الأهلية في السودان والأزمة الليبية والهجوم الإسرائيلي على غزة، التي لها أيضًا تأثير عميق على اقتصادها، في حين نجحت القاهرة  فى وأد التهديد الإرهابي في شبه جزيرة سيناء، تواصل لعب دور حيوي في التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة، ومن الواضح أنها قادرة على لعب دور حاسم في التفاوض، وبالتالي إعادة تعريف البنية الأمنية في الشرق الأوسط.