رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء أمريكيون يجيبون لـ«الدستور».. مَن يكون ساكن البيت الأبيض الجديد؟

البيت الأبيض
البيت الأبيض

أكد عدد من المحللين والمسئولين الأمريكيين السابقين أهمية الدور الحاسم للولايات المتأرجحة، التى ينتقل تصويتها تاريخيًا بين مرشحى الحزبين الكبيرين، فى حسم نتيجة الانتخابات الرئاسة الأمريكية ٢٠٢٤، بين المرشح الجمهورى والرئيس السابق دونالد ترامب، والمرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس، فضلًا عن دور «المجمع الانتخابى» الحاسم فى ترجيح فوز أحد الناخبين على الآخر، خاصة فى حال تعادل الأصوات. وأوضح الخبراء، خلال حديثهم لـ«الدستور»، أن استطلاعات الرأى الأخيرة أظهرت تقاربًا فى نوايا التصويت بين مؤيدى هاريس وترامب، مع تقدم الأخيرة بفارق بسيط بعد المناظرة الرئاسية، التى جرت بينهما الأسبوع الماضى، مشيرين إلى أن تأثير الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على مسار الانتخابات الأمريكية يظل هامشيًا.

تشارلز دبليو دون: مناظرة المرشحين لمنصب نائب الرئيس ستكون حاسمة

اعتبر تشارلز دبليو دون، باحث غير مقيم فى معهد الشرق الأوسط، وعضو فى مبادرة جون هاى، وقد قدم مؤخرًا المشورة لحملتين رئاسيتين حول سياسة الشرق الأدنى- أن هاريس تفوقت على ترامب، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت المناظرة ستغير الرأى العام فى أى اتجاه، ويقول العديد من الناخبين إنهم بحاجة إلى مزيد من المعلومات حول هاريس قبل التصويت، لذا من المهم متابعة استطلاعات الرأى بعد المناظرة قبل إصدار أحكام حاسمة. وتابع: «الإجماع بين الخبراء والصحفيين ومراقبى الانتخابات هو أن ترامب خسر المناظرة بوضوح، فقد حافظت هاريس على هدوئها طوال المناظرة ونجحت فى استفزاز ترامب حتى يفقد أعصابه ويخرج عن مساره، ومن غير المرجح أن تكون هناك مناظرة ثانية، لكن المناظرة بين المرشح المحتمل لمنصب نائب الرئيس الأمريكى تيم والز من الحزب الديمقراطى، والسيناتور جيمس ديفيد فانس، المرشح لمنصب نائب الرئيس عن الجمهوريين، ستكون المواجهة البارزة بين الحزبين». وأوضح: «الخطوة التالية بالطبع هى الانتخابات نفسها، وفى سباق متقارب إلى حد كبير قد تلعب الهيئة الانتخابية دورًا حاسمًا فى تحديد الفائز، كما فعلت فى عام ٢٠١٦، عندما أصبح ترامب رئيسًا على الرغم من خسارته التصويت الشعبى أمام هيلارى كلينتون، وستظل الولايات المتأرجحة- التى يبلغ عددها سبعًا فى هذه الانتخابات- فى خضم نزاع عليها بشدة حتى يوم الانتخابات.

سكوت كلوج: لا فوز دون ضمان أصوات «المجمع الانتخابى» 

رأى سكوت كلوج، القيادى الجمهورى وعضو الكونجرس السابق عن ولاية ويسكونسن، أن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس فازت فى المناظرة الرئاسية الأخيرة، لأنها كانت الأفضل فى لغة الجسد والتحكم، كما أنها كانت الأفضل فى التعامل مع الحقائق، فيما كان منافسها دونالد ترامب دفاعيًا، متوقعًا أن تظهر استطلاعات الرأى بعض المكاسب الطفيفة لهاريس بين الناخبين غير الحاسمين.

وأشار كلوج إلى أن الانتخابات الأمريكية هى انتخابات لـ٥٠ ولاية فردية، يتم فيها تعيين رقم لكل ولاية، بناءً على عدد الدوائر الانتخابية التى لديها، والتى تعتمد على عدد السكان، بالإضافة إلى ٢ من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى، موضحًا أن من يفوز بالولاية هو من يحصل على الأصوات فى المجمع الانتخابى، الذى يعكس ببساطة إجمالى عدد الأصوات التى يفوز بها كل مرشح.

وأضاف: «فى هذا النظام تلعب الولايات المتأرجحة دورًا رئيسيًا فى تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، نظرًا لأنه سباق بين ولاية وأخرى، إذ تميل الغالبية العظمى من الولايات إلى التصويت فى اتجاه أو آخر، ومن المعروف مثلًا أن ولاية نيويورك للديمقراطيين، وتكساس للجمهوريين. وفى هذا العام هناك ٧ ولايات حاسمة تتأرجح ذهابًا وإيابًا، فقد صوتت ولايتى الأصلية ويسكونسن لترامب فى ١٦ مرة، ولبايدن فى ٢٠ مرة».

وتابع: «تسهم حرب غزة هذا العام فى تحديد نتيجة الانتخابات بسبب الأمريكيين العرب والمسلمين، بشكل هامشى فقط، باستثناء ميشيجان التى لديها عدد كبير من السكان الذين يدعمون الديمقراطيين تقليديًا. وربما بعض أصوات الاحتجاج الطلابية فى الحرم الجامعى».

جوان هيلد كومينجز: دعم هاريس لإنهاء حرب غزة لم يجد أصداءً لدى أنصار فلسطين

أكدت جوان هيلد كومينجز، الأستاذة المساعدة فى جامعة بايلور، وكانت مستشارة فى الخارجية الأمريكية لعملية «العزم الصلب» ومقرها بغداد، وخدمت فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق إفريقيا- أن الأداء الموضوعى للمرشحين الرئاسيين، هاريس وترامب، فى مناظرة العاشر من سبتمبر أظهر بوضوح فوز هاريس، وهذا لا يشكل بالضرورة حسمًا للانتخابات، على الرغم من أن الأداء الضعيف لترامب، لكن الأمر يقلل من حجم التأييد بين الناخبين الجمهوريين التقليديين، فسيطرة هاريس على الديناميكية ستعزز الدعم بين أولئك الذين يتجهون بالفعل نحو الديمقراطيين.

وقالت إن هناك عددًا كبيرًا من الناخبين غاضبين من إدارة بايدن- هاريس بشأن سياسة الشرق الأوسط، لأن الولايات المتحدة لم تتخذ موقفًا قويًا ضد العنف الإسرائيلى فى غزة، من هؤلاء الأمريكيون العرب والمسلمون، والناخبون الأصغر سنًا الذين ينظرون إلى غزة كمسألة أوسع نطاقًا تتعلق بالحقوق والعدالة وتقرير المصير الوطنى، ومن المرجح أن يشعر هؤلاء الناخبون بأن تصريحاتها لم تكن قوية بما يكفى ضد ما يرون أنها جرائم حرب أو إبادة جماعية فى غزة.

وتابعت: «دعم هاريس قيام الدولة الفلسطينية أمر جدير بالملاحظة ولم يحظ باهتمام كافٍ، وفى السياق الحالى، يبدو أن هاريس تضع دعمها الصريح للحقوق الوطنية الفلسطينية فى إطار سياسة أوسع نطاقًا تتلخص فى إيجاد حلول مستدامة لمجموعة من القضايا ذات الصلة». 

وأوضحت: «ومن المفارقات أن جهود هاريس الرامية إلى إنهاء الحرب على غزة، مع ضمان مستقبل قابل للاستمرار للشعب الفلسطينى، أدت إلى إثارة انتقادات صريحة لها من جانب إسرائيل وأنصارها، فى حين لم تستطع أن تحصل على دعم جديد من جانب أنصار الحقوق الفلسطينية».

تشاك ديفور:  كامالا هاريس أثبتت جدارتها خلال المناظرة الأخيرة لكنها لم توجه ضربة حاسمة لمنافسها

قال تشاك ديفور، المدير التنفيذى فى مؤسسة تكساس للسياسة العامة ضابط الاستخبارات المتقاعد، الذى عمل مساعدًا خاصًا للشئون الخارجية فى وزارة الدفاع، إن المناظرة الأخيرة بين المرشحين الرئاسيين، نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب، أظهرت صدامًا سياسيًا مألوفًا، مشيرًا إلى صعوبة حسم السباق لأى من المتنافسين.

وقال: «بينما تمسكت هاريس خلال المناظرة بموقفها وأثبتت جدارتها بكرامة، فقد افتقر أداؤها إلى الجوهر التفصيلى اللازم للتأثير على الناخبين غير الحاسمين»، مشيرًا إلى «أن ذلك يسلط الضوء على التحدى الأوسع الذى تواجهه هاريس».

وأضاف: «رغم ترشيحها التاريخى، فهى لم توجه خلال المناظرة ضربة حاسمة لترامب، الذى لا يزال يتمتع بتقدم ضئيل فى الهيئة الانتخابية، وفى غياب لحظة حاسمة، فسوف تحتاج هاريس إلى الاستفادة من المناقشات المستقبلية ووقفات الحملة لتغيير المسار الحالى».

وعن الخطوات التالية فى عملية الانتخابات الأمريكية، قال: «مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، أصبحت الخطوات التالية واضحة، فالتصويت المبكر يبدأ عن طريق البريد فى غضون أسبوعين فى بعض الولايات، على الرغم من أن فرز الأصوات لن يبدأ حتى يوم الانتخابات، وقد تكون هناك أيضًا مناظرة أو مناظرتان إضافيتان، ما يوفر فرصًا إضافية لكلا المرشحين لجذب الناخبين غير الحاسمين وتعزيز قواعده».

وأشار إلى أنه فى النظام الأمريكى فإن الهيئة الانتخابية هى من تقرر الفائز فى النهاية، أى أن المرشح يجب أن يفوز بما لا يقل عن ٢٧٠ صوتًا انتخابيًا لضمان الفوز.

وأضاف: «فى حين أن العديد من الولايات متحالفة بقوة مع حزب أو آخر، فإن المعركة الحقيقية تجرى فى ولايات تنافسية، مثل نيفادا وأريزونا وويسكونسن وميشيجان وجورجيا وبنسلفانيا، وقد تلعب كارولينا الشمالية وفرجينيا أيضًا أدوارًا حاسمة هذا العام، إذ تميل كارولينا الشمالية نحو ترامب، وتميل فرجينيا نحو هاريس».

ولفت إلى أن موارد الحملات الانتخابية تتركز بشكل كبير فى هذه الولايات المتأرجحة، حيث يمكن للإعلانات والجهود التطوعية أن تصنع أو تدمر فرص المرشح فى الفوز.

وعن تأثير الحرب فى غزة على الانتخابات الأمريكية، قال ديفور: «الصراع أضاف المزيد من التعقيد إلى الانتخابات، خاصة فيما يتعلق بالناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين، فنائبة الرئيس هاريس تواجه ردود أفعال عنيفة محتملة فى ولايات مثل ميشيجان، حيث يتم التدقيق فى سياسات إدارة بايدن- هاريس، ويجب عليها أن تسير على خط رفيع، حيث ينظر معظم الأمريكيين إلى حركة «حماس» بشكل سلبى، وأى ضعف متصور قد يضر بمكانتها، وعلى العكس من ذلك، فإن الفشل فى معالجة مخاوف الناخبين العرب والمسلمين قد يكلفها الكثير فى ولايات ساحة المعركة الرئيسية، مثل ميشيجان».

وتابع: «ترامب وهاريس كلاهما يتباعدان تجاه الشرق الأوسط، وعندما يتعلق الأمر بالتعاون الأمريكى مع المنطقة، فإن المرشحين لديهما نهجان مختلفان تمامًا. فمن المرجح أن يركز ترامب على تنشيط الاتفاقيات الإبراهيمية، وتعزيز التحالفات بين إسرائيل والدول العربية، وإعادة فرض عقوبات صارمة على إيران، للحد من طموحاتها النووية ودعمها للجماعات بالوكالة. من ناحية أخرى، من المرجح أن تواصل هاريس سياسات إدارة بايدن، التى تشمل الحفاظ على القنوات الدبلوماسية مع إيران ودعم الشراكات الإقليمية القائمة».

وعن مستقبل العلاقات مع أوروبا وحلف شمال الأطلنطى «الناتو» وروسيا والصين، قال «ديفور» إنه من حيث التحالفات العالمية، من المرجح أن تنطوى استراتيجية ترامب على دفع حلف «الناتو» إلى الاستثمار بشكل أكبر فى دفاعه، وتقديم دعم أكثر قوة لأوكرانيا، فى حين يسعى فى الوقت نفسه إلى التوسط فى السلام بين روسيا وأوكرانيا. 

وأضاف: «سيسعى ترامب أيضًا إلى اتخاذ موقف أكثر مواجهة مع الصين، مع التركيز على المخاوف الاقتصادية والأمنية، ومن المتوقع أن تواصل هاريس سياسات إدارة بايدن، لكن الجيش الأمريكى أصبح مرهقًا بشكل متزايد، ولن يكون تحقيق التوازن بين هذه الأولويات المتنافسة مهمة سهلة».

وأكمل: «ربما لم تكن مناظرة هاريس وترامب لحظة حاسمة، لكنها أبرزت الديناميكيات الأساسية لهذه الانتخابات مثل: تأثير الولايات المتأرجحة، والمجمع الانتخابى، والقضايا الرئيسية مثل صراع غزة، ومع اقتراب التصويت المبكر، سيحتاج كلا المرشحين إلى تحسين رسائلهما لإقناع الناخبين غير الحاسمين، خاصة فى الولايات المتأرجحة، حيث سيتم تحديد مصير الانتخابات فى النهاية».

فرانك مسمار: أصوات العرب والمسلمين تتجه إلى ترامب بسبب سياسات الديمقراطيين المتأرجحة

رأى فرانك مسمار، الباحث الأكاديمى والخبير المتخصص فى سياسة الشرق الأوسط، وعضو الاتحاد الدولى للصحفيين، أنه «من الأهمية أن نفهم أن التصويت الشعبى الوطنى لا يختار الرئيس بشكل مباشر، فالمواطنون ينتخبون أعضاء المجلس الانتخابى، الذى يتكون من ٥٣٨ عضوًا، وهذا المجلس هو من ينتخب الرئيس الأمريكى، ويحتاج المرشح إلى أصوات ٢٧٠ ناخبًا على الأقل، للفوز بالانتخابات الرئاسية، وعادة ما يتم الإعلان عن الفائز بشكل أولى فى نوفمبر بعد التصويت الشعبى، لكن فعليًا، يحدث تصويت الهيئة الانتخابية فى منتصف ديسمبر».

وواصل: «سبق وفازت الولايات التى صوتت للرئيس الديمقراطى الحالى جو بايدن فى عام ٢٠٢٠ والرئيس الجمهورى السابق دونالد ترامب فى عام ٢٠١٦ بهامش ثلاث نقاط مئوية أو أقل، وتحمل هذه الولايات، التى غالبًا ما يتم تسليط الضوء عليها كولايات متأرجحة، وزنًا كبيرًا فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهى تشمل أريزونا وجورجيا وميشيجان وبنسلفانيا وكارولينا الشمالية ونيفادا وويسكونسن، ويمكن لنتيجة هذه الولايات أن تؤثر على الانتخابات بأكملها، ما يجعل كل صوت حاسمًا».

وتُظهر الولايات السبع المتأرجحة تقدم ترامب فى أريزونا وكارولينا الشمالية وويسكونسن، بينما تتقدم هاريس فى جورجيا وميشيجان ونيفادا. وتعادل الاثنان فى ولاية بنسلفانيا، التى ربما تكون الولاية الأكثر أهمية فى ساحة المعركة. أعتقد أن سجل هاريس كنائبة للرئيس سيكون العامل الأكثر تحديدًا فى خسارتها الانتخابات».

وقال إن سياسات الديمقراطيين تجاه إسرائيل والفلسطينيين كانت متأرجحة، فإدارة بايدن حاولت التوفيق بين ميله التاريخى لدعم إسرائيل دون تحفظ، وبين الاعتراض المتزايد فى حزبه على سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى الحرب، ومنذ أشهر، كان بايدن يصعد انتقاداته لنتنياهو لإدارة الانقسام داخل حزبه بشأن الحرب، ويحاول الديمقراطيون الحفاظ على دعمهم لإسرائيل والحفاظ على أصوات المسلمين والعرب، التى من المرجح أن تتجه إلى ترامب، وهو له سياسة واضحة هى الاستمرار فى الاتفاق الإبراهيمى والسلام والحل الاقتصادى الأساسى داخل المنطقة.