على باب الأولياء.. حكايات وأسرار الأضرحة والمقامات بالإسكندرية
تعد الإسكندرية من أكثر المدن التي تشتهر بمقامات أولياء الله الصالحين، حيث يتواجد بها عدد كبير من الأضرحة سواء داخل المساجد أو خارجها، ويأتي لزيارة الأولياء الآلاف من المريدين والمحبين من كل أنحاء العالم.
ومن أشهر الأماكن التي تجمع بها عدد كبير من أضرحة ومقامات الأولياء، ميدان المساجد في منطقة بحري، حيث يضم أربعة مساجد وعددًا كبيرًا من الأضرحة والمقامات، أبرزها ضريح سيدي أبو العباس المرسي سلطان الإسكندرية وأولاده وزوجته في نفس الضريح، ضريح سيدي ياقوت العرش، وسيدي مكين الدين الأسمر، قبة المحمدات التي تضم أضرحة 15 شيخًا، 12 باسم محمد و3 من أبناء سيدي زين العابدين، ضريح الإمام محمد البوصيري مداح الرسول، وضريح سيدي علي أبو الفتح خال سيدي إبراهيم الدسوقي، والسيدة فاطمة الشاذلية والدة سيدي إبراهيم، وسيدي علي بركات، وأبو الإخلاص الزرقاني وشقيقته السيدة فاطمة أم محمد، ومقام السيدة مندرة عمة سيدي إبراهيم الدسوقي.
وتستعرض "الدستور" في السطور التالية بعض قصص أولياء الله الصالحين، ومقاماتهم بالإسكندرية.
مسجد وضريح أبو العباس
قال الدكتور أحمد درويش، إمام وخطيب مسجد أبو العباس المرسي بالإسكندرية، إن أولياء الله الإيمان والاعتراف بهم من أصول عقيدتنا، وأخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن هؤلاء الأولياء لهم كرامات، مشيرًا إلى الكرامات هي خرق العادات يظهرها الله على يد رجل صالح معلوم الصلاح والإيمان، وأولياء الله منذ أيام سيدنا النبي، من صحابة رسول الله.
وأوضح أن أبو العباس المرسي رجل صالح من ذرية الصحابي سعد بن عبادة، نشأ في الأندلس في بيت علم، وخرج مع والده إلى الحج، وغرقت سفينتهم، ونجا هو وشقيقه، فقصدا تونس، وبدأ أبو العباس يعلم الأولاد القرآن، وكان الشيخ أبا الحسن الشاذلي يقيم في زاوية قريبة، فذهب له فتعلق به وأصبح يلازمه، وجاء معه إلى مصر ونزلا بالإسكندرية، وكان الشيخ الشاذلي يلقي دروسه في مسجد العطارين، وبعد وفاته وهو في طريق للحج، استكمل أبو العباس إلقاء الدروس وتلقين مبادئ السلوك وهداية الناس.
وأكد أن التشفع بالولي ليس من الدين، والكرامات هي أشياء شخصية وأسرار للعبد المؤمن، مشيرًا إلى أن أبو العباس دفن في مقابر المسلمين وأراد الناس أن يكرموه لصالحه فأقاموا له مسجدًا صغيرًا وضريحًا، وتم إنشاء المسجد الحالي، ويأتي له محبون من جميع أنحاء العالم.
وأشار إلى أن المسجد تحفة معمارية من الطراز المعماري، فقد شيده معماري إيطالي وأصبح من أبرز المساجد التراثية ليس في مصر فقط بل في العالم ويزوره الكثير من السائحين لمشاهدة هذا التراث.
مسجد وضريح الإمام البوصيري
الإمام البوصيري هو أحد أولياء الله، وأحد فحول الشعراء الموهوبين، تتلمذ على يد أبي حيان أبى الفتح الأشيلي الأندلسي، وصاحب القطب أبا العباس المرسي، ولازمه وسلك منهج الشاذلية، وانقطع إلى التصوف، وفاضت منه القصائد، ثم نهج شعره نهجًا آخر فنظم قصائده في مدح الرسول.
واشتهر الإمام البوصيري، بقصيدة "البردة"، والتي كتبها عندما أصابه الشلل، ولم يستطع الأطباء علاجه، ففكر في كتابة قصيدة يتشفع بها إلى الله ورسوله بأن يعافيه، حتى رأى في منامه الرسول صلى الله عليه وسلم يمسح وجهه بيده الشريفة، وإذا بالبوصيري يقوم من مقامه معافى، واشتهرت القصيدة باسم البردة، نسبًا إلى البردة الشريفة، وعندما توفي البوصيري في الإسكندرية، أقيم ضريحه ومقامه بميدان المساجد بداخل مسجده والذي يعد مسجدًا أثريًا.
قبة المحمدات
قبة المحمدات هو الإسم الذي يطلق على مجمع الأضرحة بميدان المساجد والذي يضم 12 شيخًا يحملون اسم "محمد" لذلك أطلق عليها هذا المسمى، ويضم مجمع الأضرحة مقامات ورُفات آل البيت، وأولياء الله الصالحين، الذين نقلت رُفاتهم من أماكن متفرقة ليجتمعوا في مكان واحد.
وتضم قبة المحمدات 12 شيخًا من تلامذة العارف بالله أبو العباس المرسي، بالإضافة إلى مقام ثلاثة من آل بيت النبي الآخيار سيدي محمد صلاح الدين، سيدي محمد مسعود، سيدي محمد المنقعي، وهم أولاد سيدي علي زين العابدين بن سيدنا الحسين رضي الله عنه، حيث يتوافد عليه المحبين والمريدين من جميع أنحاء العالم، لقراءة الفاتحة للأولياء الصالحين، وقراءة القرآن والاستماع للابتهالات.
كرامة مقام السيدة مندرة
قال الشيخ محمد الشيمي، نائب عام الطريقة البرهامية بالإسكندرية وضواحيها، وخليفة مقام السيدة مندرة، إن مقام السيدة "مندرة" لديه قصة قديمة ما زال يرددها محبوها وأهالي المنطقة حتى الآن.
وأوضح لـ"الدستور" أن مكان الضريح الحالي كان منزل قديم وكانت السيدة مندرة تقيم فيه قديمًا، وفي أواخر التسعينات كان هناك مشروع لتحويل المكان الذي كان يشبه الجبل المكان إلى منتزه، وعندما جاء العمال والمسؤولين لهدم المنزل لم يستطعوا، مشيرًا إلى أن السيدة مندرة جاءت في رؤية لأحد المسئولين الكبار بالمحافظة، لتطلب منه عدم هدم المكان بل إعلاء المقام، وعقب ذلك تم تشكيل لجنة، وتم استخراج جثمان السيدة "مندرة" الذي كان مدفونًا أسفل المنزل وكان سليمًا لم يتحلل، وتمت إقامة المقام وإشهاره.
وأوضح" الشيمي" أن الله خص الأنبياء بالمعجزات، والأولياء بالكرامات، ولكن الصوفية هي محبة سيدنا النبي وآل البيت ولا تخالف التشريع ولا نجعل لله ندًا، وحب آل البيت وزيارتهم، هو أساس الصوفية، وأهم ما نؤكد عليه.