رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللواء أحمد العوضى: مصر تواجه تحديات غير مسبوقة والدولة مستعدة بكل السيناريوهات لحفظ الأمن القومى

اللواء أحمد العوضى
اللواء أحمد العوضى

- رئيس «دفاع النواب» قال إن القيادة السياسية حكيمة ومتزنة ويمكنها التعامل مع أى تهديدات

- الأزمات المحيطة أثرت على عائدات مصر من قناة السويس وأثقلت كاهلها بـ9 ملايين لاجئ

- القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى والمفاوض المصرى حريص على حقوق الفلسطينيين

 

أكد اللواء أحمد العوضى، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، أن مصر تواجه تحديات غير مسبوقة على جميع حدودها واتجاهاتها الاستراتيجية، لم تشهد أن واجهتها بهذه الصورة على مدى تاريخها، والتى تركت أثرًا بالغًا على المنطقة بشكل عام، وتسببت فى خسائر مباشرة وغير مباشرة للدولة، وأثقلت كاهلها بأعباء إضافية.

وأضاف «العوضى»، فى حواره مع «الدستور»، أنه رغم وجود حالة تربص بالدولة، سواء على مستوى الداخل أو الخارج، إلى جانب محاولات الإضرار بأمنها القومى، تظل القيادة السياسية الحكيمة والمتزنة قادرة على الدفاع عن الوطن، والحفاظ على أمنه القومى.

وشدد على أن مصر تعتبر أن كل السيناريوهات مطروحة، للتعامل مع التحديات الموجودة وأى تهديدات محتملة، ووقف كل من يحاول المساس بأمنها القومى، داعيًا جموع المصريين للوقوف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية، لعبور كل هذه التحديات، ومواصلة بناء الجمهورية الجديدة، بقيادة الرئيس السيسى.

■ فى البداية.. ما رؤيتك لما يحدث على جميع الحدود المصرية؟

- التحديات التى تواجه الدولة غير مسبوقة، وعلى مدى التاريخ، لم يسبق وجود تحديات فى كل الاتجاهات الاستراتيجية، سواء الاتجاه الشمالى الشرقى أو الجنوبى أو الغربى، إلى جانب اضطرابات الملاحة فى البحر الأحمر. لكن القيادة المصرية حكيمة ومتزنة، وتعلم كيف يمكنها الحفاظ على الأمن القومى ضد هذه الأخطار والتحديات.

يأتى على رأس هذه التحديات ما يحدث فى قطاع غزة، وهو الملف الذى تعتبر الدولة المصرية كل السيناريوهات بشأنه مطروحة، فى ظل ما يحدث من إبادة للشعب الفلسطينى وتدمير البنية التحتية، خلال فترة زمنية تقترب من عام كامل، بالمخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية وحقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق بقتل الأطفال والنساء والأبرياء.

وتأتى هذه الإبادة وسط صمت تام من معظم الدول، خاصة الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. ورغم أن الأخيرة لها قدرة السيطرة على إسرائيل، لكنها لم تفعل ذلك نهائيًا، بذريعة أن «إسرائيل تدافع عن نفسها»، لكن تدافع عن نفسها ضد من؟ هى لا تحارب جيشًا بل تحارب شعبًا غير مسلح.

■ كيف تؤثر هذه التحديات على الأوضاع فى مصر؟

- هناك تأثيرات عديدة على مصر بالطبع، على رأسها تراجع عائدات قناة السويس، بكل ما لذلك من تأثير سلبى على الاقتصاد المصرى، بالإضافة إلى استقبال ملايين اللاجئين من الدول المحيطة، مثل سوريا وليبيا والسودان.

نحن لدينا أكثر من ٩ ملايين من أشقائنا الذين يواجهون بعض الأحداث فى بلادهم، واضطروا بسببها إلى اللجوء لمصر، والتى تتكفل بإعاشتهم، فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها المصريون والعالم جميعًا، خاصة على مستوى ارتفاع الأسعار.

وما يحدث فى غزة له تأثير كبير جدًا، فى ظل وجود قوات تؤمن الاتجاه الشمالى الشرقى من الحدود، ويمثل هذا أعباءً اقتصادية على الدولة. لكن، وكما قلت سابقًا، لدينا قيادة سياسية حكيمة، تتحرك فى كل الاتجاهات من أجل الوصول لحلول سياسية لهذه الأزمات، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات والتعاون مع العديد من الدول، مثل الصين، بما يعود بالنفع على كل المواطنين.

■ هل ترى أن تلك التحديات أثرت على ملف التنمية؟

- التنمية فى مصر لا تتوقف، لقد رأينا ذلك بعد الأحداث التى تلت ثورة ٢٠١٣، إذ كانت القيادة السياسية حريصة على الاستمرار فى التنمية، رغم كل التحديات الصعبة، وعلى رأسها الإرهاب الموجود فى شمال سيناء وغيرها من المناطق آنذاك.

وفى كل الأحوال، ورغم أى تحديات صعبة، تواصل الدولة العمل ليل نهار، رافعة شعار: «يد تبنى ويد تحمل السلاح»، لنرى الآن سيناء وكل محافظات الجمهورية تشهد تنمية غير مسبوقة وأعمالًا متواصلة من أجل بناء الجمهورية الجديدة.

■ ننتقل تحديدًا إلى الحدود الشرقية، حيث ما يحدث فى قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر، ما تأثيره على الداخل المصرى والأمن القومى من وجهة نظرك؟

- لا شك أن ما يحدث فى غزة أحداث لم يشهدها العالم من قبل، فعلى مدار عام تقريبًا، تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية المخالفة لكل القوانين، ما أدى إلى ارتقاء حوالى ٤٠ ألف شهيد، إلى جانب أكثر من ٧٠ ألف مصاب. 

وكل رؤساء الدول والوفود الذين جاءوا ليروا الأوضاع كانوا غير راضين عن ذلك تمامًا. لكن إسرائيل لا تتوقف ولا ترضخ لصوت العقل. وفى كل الأحوال، المطلوب هو سرعة الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى والمحتجزين، ومن ثم الوصول إلى اتفاقية سلام شاملة، قائمة على مبدأ «حل الدولتين».

ومصر جاهزة بكل السيناريوهات، بداية من جيشها على الحدود، الذى لن يسمح بأى حال بحدوث أى انتهاك للحدود المصرية أو الأمن القومى، ليس فى قطاع غزة فقط، بل فى كل الأراضى والاتجاهات الاستراتيجية، فهم خير أجناد الأرض، وجاهزون للدفاع عن هذا الوطن ضد أى اعتداءات، وإيقاف كل من يحاول أن يمس الأمن القومى المصرى.

■ كيف ترى التحركات المصرية المستمرة فى هذا الملف، خاصة على مستوى رعاية المفاوضات من أجل التوصل لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة؟

- السلام هو الهدف الأساسى فى مباحثات مصر، التى تسعى فى كل الاتجاهات للوصول لاتفاق سلام وتهدئة، بين جيش الاحتلال الإسرائيلى والفصائل الفلسطينية، بالتعاون مع العديد من الدول، على رأسها الولايات المتحدة وقطر.

وتبادل المحتجزين هو جزء مهم من هذه المفاوضات، خاصة مع كثرة وفيات المحتجزين نتيجة إطلاق النار من جيش الاحتلال الإسرائيلى، سواء بالمدفعية أو القوات الجوية أو الضربات الصاروخية، لذا نأمل فى الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل المحتجزين والأسرى، من خلال المفاوضات والجهود المصرية بالتعاون مع الشركاء الدوليين.

وأؤكد أن القضية الفلسطينية هى قضية مصر الأولى على مدار تاريخها، ولدى الشعب المصرى عقيدة بأن الفلسطينيين وقع عليهم ظلم من دولة محتلة لأكثر من ٧٠ سنة، وبالتالى لهم الحق فى أن يحيوا حياة كريمة.

وأشير كذلك إلى وجود حالة تربص بمصر، فى الداخل والخارج على حد سواء، لكن الدولة فى عناية الله، ومصر قد تمرض لكنها لا تموت، ودائمًا ما تخرج من الأحداث التى تمر بها قوية وعظيمة، وهذا ما رأيناه فى كل الأحداث التى مرت بها فى السنوات السابقة.

■ وفى المقابل كيف ترى تحركات إسرائيل؟

- إسرائيل تتحرك فى جميع الاتجاهات، سواء فى غزة أو الضفة الغربية أو لبنان، وهذه التحركات لم تؤدِّ إلى نتيجة، ولن تؤدى إلى سلام، فالسلام الحقيقى يكمن فى وقف إطلاق النار والتفاوض، ولن يعود أبدًا بما تفعله الآن.

على إسرائيل العودة إلى ما أقرته اتفاقات السلام السابقة، سواء اتفاق أوسلو، أو الاتفاقات التى تمت بين إسرائيل والفلسطينيين برعاية الولايات المتحدة، ولم يتم تنفيذ أى منها، وكما قلت سابقًا، نأمل فى تنفيذ حل الدولتين، ومن ثم تحقيق السلام فى منطقة الشرق الأوسط ككل.

■ ما رسالتك للمفاوض المصرى فى ظل الجهود المبذولة من أجل الوصول لوقف إطلاق النار فى غزة؟

- مصر حريصة كل الحرص على ألا يكون هناك تهجير للشعب الفلسطينى، لأن تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم يضر بقضيتهم تمامًا، بل يصفى هذه القضية، كما أن حدوث ذلك يضر بالأمن القومى المصرى، وهذا ما لن ترضى به مصر أبدًا.

هذه ليست أول مفاوضات تحدث، فقد سبقتها الكثير من المفاوضات بين مصر وإسرائيل وأطراف دولية أخرى، وفى النهاية جرى الوصول إلى اتفاق تهدئة. وفى عام ٢٠٢١، قدمت مصر حوالى ٥٠٠ مليون دولار لإعمار غزة، رغم الظروف التى كانت تعانى منها، وفى ظل الأزمة الاقتصادية.

وأعود وأكرر أن القضية الفلسطينية هى قضية مصر الأولى، والمفاوض المصرى حريص كل الحرص على حقوق الشعب الفلسطينى، وعلى الأمن القومى المصرى، من خلال الجهود المبذولة مع كل الأطراف والدول، خاصة التى لها تأثير على إسرائيل، والشعب الفلسطينى، رغم كل ما يحدث، ما زال متمسكًا بأرضه ولن يتحرك منها.

■ وماذا عن تصريحات «نتنياهو» المستمرة حول احتلال «محور فيلادلفيا»؟ 

- المظاهرات المشتعلة داخل الأراضى الفلسطينية وفى قطاع غزة، وكذلك فى إسرائيل، تعكس رفضًا واسعًا لسياسة «نتنياهو»، الذى لم يتمكن من تحقيق الأهداف التى أرادها من الحرب، فلم يقضِ على «حماس»، ولم يفرج عن المحتجزين والرهائن، وعلى مدار عام تقريبًا، لم يستطع جيش الاحتلال تحقيق الهدف من هذه الحرب.

■ على ضوء هذه الأوضاع.. هل تتوقع الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة قريبًا؟ 

- لا بد، ومهما طالت الحرب، فلا حل لهذا النزاع وهذه القضية بالحرب، ولكن بالحوار والوصول لاتفاق سياسى، على نسق الاتفاقية الموقعة بين مصر وإسرائيل، والتى تمثل أساسًا للسلام فى المنطقة، خاصة أن الأحداث متكررة على مدار السنوات الماضية، بداية من ٢٠٠٨ مرورًا بـ٢٠١٤ و٢٠١٨ و٢٠٢١ حتى ٢٠٢٤، فلا مفر من حدوث اتفاق سلام وحل بين الدولتين.

■ مصر حذرت مرارًا وتكرارًا من توسيع رقعة الصراع، ودائمًا ما كانت هذه النقطة محور حديث الرئيس السيسى، كيف ترى أهمية هذا التحذير؟

- المحور الأساسى للقيادة والدولة المصرية، وكل الدول الحريصة على السلام فى المنطقة، هو عدم اتساع رقعة الصراع الحالى، خاصة أن دخول أى طرف يُصعب جدًا التوصل لاتفاق، ما يتطلب أن نكون حريصين فى التفاوض، وأن تلعب الدول الأوروبية الكبرى دورها فى الضغط على إسرائيل.

على هذه الدول إدراك أن المنطقة حيوية للغاية، وأى حرب أو صراع بها سيؤدى إلى خسائر كبيرة جدًا لجميع الأطراف، خاصة فى ظل تعدى إسرائيل على كل الدول المجاورة لها، وخطورة تدخل أطراف أخرى مثل إيران وغيرها، لذا نـأمل فى أن تصل المباحثات التى بدأت منذ فترة ومستمرة إلى وقتنا الحالى بنا لحل فعال.

■ وماذا عن رؤيتك للوضع فى ليبيا، وتأثيره المباشر على مصر؟ 

- ليبيا تمثل اتجاهًا مهمًا لمصر من الجهة الغربية، ومصر حريصة كل الحرص على إنهاء المشكلة الليبية، التى لن تنتهى بتدخل أى أطراف خارجية، فالشعب الليبى هو الوحيد القادر على حل مشكلته، عبر الوصول لاتفاق سياسى بين جميع الأطراف، يتضمن تشكيل حكومة ومجلس نواب، مع إعلاء مصلحة الدولة الليبية والشعب الليبى على كل مصلحة حزبية وخاصة.

ومصر حريصة كل الحرص على تحقيق السلام فى كل الدول خاصة المجاورة، وعلى رأسها ليبيا، وطالبت منذ بداية الأحداث فى البلد الشقيق بعدم تدخل أى أطراف خارجية أو أجنبية، مع دعوة جميع الليبيين إلى الحفاظ على وحدة الدولة الليبية، والحفاظ على مقدرات الشعب الليبى.

■ كيف ترى الوضع فى السودان؟

- مصر والسودان كانا دولة واحدة، والسودان يمثل عمقًا مهمًا لمصر، وأى أزمة به تنتج عنها تأثيرات خطيرة جدًا على مصر، بسبب النقاط الاستراتيجية بين البلدين، وعلى رأسها مياه النيل، إلى جانب التعاون الاقتصادى والزراعى والتبادل التجارى، فكل هذا توقف الآن نتيجة الحرب.

ولذلك ندعو أشقاءنا فى السودان لئلا يدوم هذا النزاع، لأن الطرفين خاسران فى كل الأحوال، ولم يستفد أى منهما بما يحدث على مدى شهور. فالنزاع بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، يحاول كلاهما فيه تحقيق مكاسب على حساب الشعب السودانى، لذا لا بد من أن يكون هناك اجتماع لجميع الأطراف، بهدف التوصل إلى حل للشعب السودانى.

ومصر يهمها بالدرجة الأولى ألا تقف مع طرف ضد الآخر، والقيادة المصرية حريصة كل الحرص، فى كل تحركاتها بهذا الملف المهم، على أن تتجاوب مع مطالب أشقائنا فى السودان، وليس مساعدة طرف على حساب آخر.

ما رسالتك للشعب فى ظل كل هذه التحديات؟

- حافظوا على بلدكم، وكونوا صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية الحريصة على الدفاع عن الدولة، فى ظل الأحداث الملتهبة التى تشهدها حدودنا، ولا تنساقوا وراء أى أكاذيب أو شائعات تضر بالدولة. وأؤكد لكم من جديد أن القيادة المصرية حكيمة ومتزنة، وحريصة على مصلحة كل المصريين، ونحن نرى ذلك من خلال المشروعات وأعمال التنمية التى تتم فى كل المجالات، رغم الأحداث التى تشهدها المنطقة والعالم أجمع، لذا كونوا صفًا واحدًا خلفها.ش