رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرب فيديوهات الرهائن

منحتنا غزة كل أنواع الإثارة والألم، ١١ شهرًا من الجحيم، المناورات والهجمات والعمليات والموت الذى أصبح مجرد أرقام، ومنحتنا أيضًا خبرات لا يستهان بها فى الحروب، وتغطيتها والتعامل معها وفهمها.

فهمت حماس مبكرًا جدًا «حتى قبل الحرب» أهمية «حروب الوعى»، والحرب النفسية، وكما يبدو فإنها لعبت بهما بشكل جيد، فالرسائل والصور والتسريبات تلقى أثرًا على العالم، وتضغط على كل الأطراف؛ الإسرائيليين فى الداخل، والحكومة، والولايات المتحدة، والعالم.

الأسبوع الماضى دخلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عالم تصوير فيديوهات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين فى غزة.. حماس لا تستخدم فقط الرهائن كورقة ضغط لوقف الحرب، وإنما أسماؤهم وأى أنباء عنهم هى أوراق ضغط، ثم فيديوهاتهم، سواء كانوا أحياء أو فيديوهاتهم الأخيرة قبل مقتلهم هى أيضًا أوراق ضغط.. تعلم الحركة أن تلك الفيديوهات بإمكانها إشعال المجتمع الإسرائيلى المشتعل أيضًا.

بعض العائلات فى إسرائيل على استعداد للتضحية بأى شىء للحصول على أى فيديو لذويهم لأنه يمنحهم بعضًا من الأمل فى أن أحباءهم على قيد الحياة، على الرغم من صعوبة مشاهدة اللقطات.

ركز تقرير «وول ستريت» على الرهينة الإسرائيلية أفيفا سيجل، التى احتُجزت فى الأسر لأكثر من ٥٠ يومًا وأُطلق سراحها فى صفقة مؤقتة فى نوفمبر، وقالت «سيجل» للصحيفة إن عناصر حماس أجبروا الرهائن على المشاركة فى مقاطع الفيديو الخاصة بها، وكانوا يخبرونها بالضبط بما يجب أن تقوله عندما يصورونها.

وقالت إن خاطفيها من حماس حددوا لها خطوطًا لتتبعها، وإذا قالت شيئًا غير صحيح أثناء التسجيل فإنهم يعيدون التسجيل مرارًا وتكرارًا، مؤكدة أنه كان لدى الحركة «طاقم إنتاج» صغير يضم مصورًا وشخصًا يتحدث العبرية.

وبالإضافة إلى ذلك، شرحت «سيجل» كيف كان خاطفوها يصورونها عندما تتلقى الطعام. وقالت: «كانوا يعدون الطعام ويضعونه على الطاولة»، مضيفة: «كان علينا أن نجلس بجانبهم ونبتسم ونقول إن كل شىء على ما يرام، فقط من أجل الصورة»، وحكت «سيجل» (٦٢ عامًا) كيف حاول أحد عناصر حماس ذات مرة أن يمشط شعرها لتبدو بمظهر أفضل، لكنها رفضت أن تفعل ذلك.

فى الأسبوع الماضى، نشرت حماس مقاطع فيديو فى إطار الحرب النفسية لأربعة من الرهائن الستة الذين قتلتهم الحركة قبل دقائق من وصول القوات الإسرائيلية لتحريرهم، وبدأت الحركة بنشر لقطات إيدن يروشالمى، وأليكس لوبانوف، وكارمل جات، ثم هيرش جولدبرج بولين.

كما يبدو أن لعبة فيديوهات الرهائن استخدمتها إسرائيل بشكل عكسى، ففى مايو الماضى نشر الجيش الإسرائيلى مقطعى فيديو استعادهما جنود لرهائن يدلون بتصريحات، بناء على أوامر من حماس. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، دانيال هاجارى: «خلال عملياتنا البرية فى غزة، عثر جنودنا على لقطات خام صورتها حماس لمقاطع الفيديو الخاصة بالإرهاب النفسى». تُظهر مقاطع الفيديو شقيقتين، إيلا «٨ سنوات» ودفنة «١٥ سنة»، اختطفتا من ناحال عوز فى ٧ أكتوبر.

وقد تم نشر الفيديوهات بإذن من عائلة إلياكيم. وقال الجيش الإسرائيلى: «طلبت منا عائلة إيلا أن نشاركها مع العالم من أجل فضح إرهاب حماس، وفضح قسوة حماس، وفضح وحشية حماس»، ومن الواضح أن حماس لم تكن تريد نشر هذه الفيديوهات، وإلا لكانت فعلت ذلك.