سياسيون: خطاب رئيس وزراء إسرائيل إعلان فشل.. وملىء بالخيالات المريضة
وصف خبراء علوم سياسية وعلاقات دولية وممثلو أحزاب «الخطاب» الذى أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، أمس، بأنه مُضلل وملىء بالأكاذيب، ويعكس الخيالات المريضة التى يعانى منها، ويعد بمثابة إعلان لفشله الذريع فى تحقيق أهدافه الوحشية من حرب غزة.
وقال الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، إن تصريحات «نتنياهو» تدل على معاناته من ضعف سياسى شديد، وهو ما تعكسه رغبته الشديدة فى أن يصدِّر للداخل الإسرائيلى أن استمرار الحرب لمصلحة الشعب وليس لمصلحته الشخصية، على خلاف الحقيقة.
وأضاف «فارس»: «الخطاب يؤكد فشل نتنياهو فى اتخاذ أى خطوات تدفع فى اتجاه خفض التصعيد داخل إسرائيل، فى ظل الضغط الحقيقى الواقع على حكومته فى الوقت الحالى، الناتج عن تلقيها عدة ضربات متتالية، من بينها إعلان بريطانيا تعليق ٣٠ اتفاقية لتصدير السلاح لإسرائيل، ومقتل ستة من الأسرى المحتجزين فى غزة، بالإضافة إلى العملية النوعية التى وقعت فى الضفة الغربية، وأدت إلى مقتل ٣ إسرائيليين».
وواصل: «هذه المعطيات، بالإضافة إلى تصريحات الرئيس الأمريكى، جو بايدن، حول إعداده خطة جديدة أطلق عليها (الفرصة الأخيرة) للوصول إلى تفاهمات، جعلت نتنياهو يخرج مرتبكًا وقلقًا للغاية على مصيره السياسى، خاصة بعد ارتفاع أعداد المتظاهرين، فى أكثر من ٦٠ موقعًا داخل إسرائيل، إلى ما لا يقل عن ٧٠٠ ألف متظاهر، منهم ٣٠٠ ألف فى تل أبيب».
واختتم أستاذ العلاقات الدولية بقوله: «الخطاب يدل على أن نتنياهو فى أضعف مراحله السياسية، خاصة بعد الاختلافات التى ظهرت إلى العلن بينه وبين وزير دفاعه حول محور فيلادلفيا».
ورأى الدكتور أحمد عبدالمجيد، أستاذ العلاقات الدولية، أن خطاب «نتنياهو» لم يختلف عن الخطابات السابقة، التى تحتوى دائمًا على الأكاذيب، وتصدِّر صورة له بأنه فوق القانون، مع الادعاء فى الوقت ذاته بأنه الطرف المستضعف، واستمرار التنصل من أخطائه المتعاقبة منذ ٧ أكتوبر.
وقال «عبدالمجيد»: «جيش الاحتلال الإسرائيلى فشل فشلًا ذريعًا، وبعد ١١ شهرًا من عملياته فى غزة، لم يتمكن من السيطرة على القطاع، واكتفى بقتل الأبرياء فقط. كان يعتقد أن المقاومة الفلسطينية عبارة عن مجموعات مسلحة، مثل (حماس) وغيرها من الفصائل الأخرى، لكنه وجد أنها مقاومة شعب، ما أثار جنونه ودفعه لنقل الصراع إلى الضفة الغربية، محاولًا الضغط بشكل أكبر على الفلسطينيين، من خلال الابتزاز السياسى».
ووصف الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة، خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى بأنه موجه وملون وملىء بالكثير من الأخطاء والهروب من المسئولية، فهو تارة يحمِّل المسئولية على إيران، ثم يتهم حركة «حماس» بأنها المسئولة، قبل أن ينتقل إلى مصر وتأكيد مساندتها المقاومة منذ أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
وأضاف «فهمى»: «هناك أمر خطير فى خطاب نتنياهو، هو تأكيد استمرار جيش الاحتلال الإسرائيلى فى ممر (فيلادلفيا/ صلاح الدين)، ورفض كل الخيارات الأخرى، ما سيترك تداعيات سلبية، ويؤدى إلى توتر العلاقات المصرية الإسرائيلية».
وواصل: «نتنياهو أكد فى الخطاب تكريس استراتيجية الأمن فى غزة، بما يعنى استمرار قوات جيش الاحتلال فى القطاع، وكل هذا يؤكد أننا أمام سيناريو استمرار الحرب والمواجهة، والتعامل بسياسات أحادية من جانب واحد، مع غياب تام لصوت العقل فى إسرائيل».
وأكمل: «نتنياهو حرص على الحديث عن المؤسسة العسكرية فى إسرائيل، وما تعيشه من انقسام بشأن الإفراج عن المحتجزين فى غزة، ومع ذلك، لن يعير أى انتباه فى الرأى والقرار إلا لرأيه وقراره المنفرد»، مجددًا وصف الخطاب بأنه مضلل للغاية.
وشرح: «ركز نتنياهو على إيران باعتبارها طرفًا رئيسيًا فى الأزمة، وأكد أنه لن يسمح بعودة (حماس) إلى مواقعها، ما يعكس استراتيجيته القائمة على فكرة رفض المفاوضات، ما ستكون له تداعيات خطيرة تؤذى العلاقات المصرية الإسرائيلية».
وقال ناجى الشهابى، رئيس حزب «الجيل الديمقراطى»، إن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى ملىء بالأكاذيب والخيالات المريضة، التى ينفيها الواقع الذى تعيشه إسرائيل منذ السابع من أكتوبر، خاصة فيما يتعلق بالإعلان عن «استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا»، و«عدم الرضوخ للضغوط بشأن هذه المسألة فى محادثات وقف إطلاق النار».
وأضاف «الشهابى»: «نتنياهو ظهر فى خطابه خائفًا مرتبكًا وضعيفًا، رغم محاولته اصطناع العكس، ورغم كون هذا الخطاب الأول له منذ ٧ أشهر، بعد فشله فى تحقيق أى من الأهداف التى أعلنها منذ شن حرب إبادة ضد الشعب الفلسطينى».
وواصل: «رئيس وزراء الاحتلال أُجبر على توجيه هذا الخطاب، بعد الإضراب العام فى إسرائيل، فى محاولة منه لإفشال هذا الإضراب»، مشددًا على أن «نتنياهو كان مهزوزًا طوال الخطاب، وظهرت عليه آثار الخسائر الاقتصادية التى تكبدتها حكومته، ووصلت فى آخر تقدير إلى ٧٦ مليار دولار».
وأكمل رئيس حزب «الجيل الديمقراطى»: «نتنياهو أثبت للعالم أجمع أنه السبب فى فشل المفاوضات الدائرة فى الوقت الحالى، برعاية كل من مصر وقطر والولايات المتحدة، من خلال إصراره على استمرار الحرب، والسيطرة على محور فيلادلفيا، فى مخالفة واضحة لاتفاقية السلام مع مصر، التى تنص على انسحاب القوات الإسرائيلية من تلك المنطقة».
وتابع: «خطاب نتنياهو عكس حالة الهوس والاستبداد التى يعيش فيها، وجعلته يرفض كل الحلول السياسية لإيقاف هذه الحرب الملعونة، مقابل الإفراج عن الأسرى فى قطاع غزة»، مشددًا على أن رئيس الوزراء الإسرائيلى لم يقنع الرأى العام لديه، ولم يقنع الرأى الدولى، خاصة وهو يقول كذبًا، بعد ١١ شهرًا من الحرب مع المقاومة الفلسطينية، إن «تحقيق أهداف الحرب يمر عبر محور فيلادلفيا، والسيطرة على المحور تضمن عدم تهريب المخطوفين إلى خارج غزة».