رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من الأحلام الواضحة إلى تذكر الأحلام.. دراسة بحثية تقدم رؤى جديدة

الأحلام
الأحلام

لقد تساءل الناس طوال التاريخ البشري عما إذا كانت الأحلام لها غرض أم لا، ولفترة طويلة، كان علم الأحلام يتأرجح بين البحوث الهامشية والبحوث السائدة لكن الدراسات الحديثة والتكنولوجيا الجديدة عملت على تحويله إلى مجال بحثي مثير وجاد.

وفيما يلي أربعة اختراقات حديثة قد تمهد الطريق لفهم أكبر للأحلام حسب موقع vogue.

أحلام واضحة:

في أوائل 2024، أظهرت دراسة علمية حديثة إمكانية التواصل بين شخص حالم واعي وباحث في المختبر، واستندت دراسة أخرى إلى هذا من خلال تدريب الحالمين الواعين على التحكم في سيارة افتراضية من داخل أحلامهم.

وقام الحالمون الإثني عشر شخص في التجربة بحركات عضلية خفيفة، مما أدى إلى إرسال إشارة إلى الكمبيوتر لجعل السيارة الافتراضية تتحرك للأمام أو تدور. 

تم إرسال الإشارات إلى الحالم لإبلاغه بالعقبات التي يجب محاولة تجنبها، تمكن البعض من تحريك السيارة جيدًا، لكن البعض الآخر، بغض النظر عن مدى جهدهم، لم يتمكنوا من ذلك.

رغم أن هذه التقنية مثيرة للاهتمام، إلا أنه لا يزال من غير المعروف كيف يمكن استخدامها في الحياة اليومية والواقع أن العينة الصغيرة من هذه الدراسة، ويرجع هذا جزئيًا إلى ندرة الحالمين الواعين المهرة، تحد من الاستنتاجات التي يمكننا استخلاصها منها.

لكن النتائج تشير إلى أنه قد يكون من الممكن (على الأقل مع الممارسة) بالنسبة لبعض الناس اتخاذ القرارات من داخل الحلم ونقلها إلى العالم الخارجي.

لماذا نحلم؟

يعتقد الباحث في مجال النوم والأحلام مارك بلاغروف والمؤلف الاول للدراسة في جامعة هارفارد الأمريكية أن الأحلام كانت من المفترض أن يتم مشاركتها اجتماعيًا وتطورت لدى البشر لتعزيز الذكاء العاطفي.

قام بلاغروف بالتعاون مع الباحثة جوليا لوكهارت في مجموعة مناقشة ورسم الأحلام حيث تمت دعوة أحد أفراد الجمهور لمشاركة حلم حديث قاد بلاغروف المناقشة، بينما رسمت لوكهارت تفسيرًا للحلم على صفحات كتاب سيجموند فرويد "تفسير الأحلام".

وأظهرت الدراسة البحثية ان مناقشة الحلم بهذه الطريقة يمكن أن تؤدي إلى زيادة التعاطف بين من يتشارك الحلم والمستمعين، ويزعم بلاغروف أن هذا ربما كان مفيدًا لبقاء الأجداد في تكوين روابط مهمة مع الآخرين.

بدأت نظريات أخرى حول سبب أحلامنا في الظهور في السنوات الأخيرة أيضًا، وقد نوقشت بعضها في حلقة نقاشية في يونيو 2024 في المؤتمر السنوي للجمعية الدولية لدراسة الأحلام (IASD).

على سبيل المثال، نظرية الإدراك المجسد للأحلام، والتي تقترح أن الأحلام تعدنا للأفعال المعرفية للحياة اليقظة العادية لم يتم اختبارها بعد ولكنها تُظهر اهتمامًا علميًا متزايدًا بالغرض التكيفي للأحلام.

رؤى من سلسلة الأحلام الطويلة:

يُعَد مايكل شريدل من جامعة مانهايم في ألمانيا أكثر الباحثين في مجال الأحلام إنتاجًا اليوم، حيث نشر مئات المقالات والكتب منذ بداية حياته المهنية في تسعينيات القرن العشرين وقد احتفظ بمذكرات أحلامه منذ أوائل الثمانينيات.

وفي مؤتمر الجمعية الدولية لعلم الأحلام، ألقى محاضرة رئيسية حلل فيها أكثر من 12 ألف حلم من أحلامه بشكل عام، وبدا أن الأنماط تدعم فرضية الاستمرارية في الأحلام  وهي أن أحلامنا تتأثر بالأحداث والمخاوف التي تحدث في حياتنا اليقظة.

يعتقد شريدل أنه من أوائل الأشخاص الذين نظروا إلى أنماط الطقس في الأحلام فقد لاحظ انخفاضًا ثابتًا على مر السنين في الجليد والثلج والبرد في أحلامه.

ومن المثير للاهتمام أن هذا كان مشابهًا للعدد الموثق لانخفاض "أيام الجليد" (الأيام التي كانت فيها درجة الحرارة أقل من 0 درجة مئوية لمدة 24 ساعة) في ألمانيا منذ أن كان يحتفظ بمذكرات أحلام وقال إن تأثيرات الاحتباس الحراري العالمي ربما تظهر في الأحلام أيضًا، ولكن هذا قد يتأثر أيضًا بمخاوف اليقظة بشأن مثل هذه الأشياء.

ارتباط حياتنا الحقيقية باحلامنا:

كان النمط المثير للاهتمام الآخر هو الإشارات إلى المال في الأحلام. فعندما كان المارك الألماني هو العملة السائدة، ظهر أحيانًا في أحلامه على مر السنين، ولكن عندما تغيرت العملة الألمانية إلى اليورو في عام 2002، تم استبدال عدد الإشارات إلى المارك الألماني بإشارات إلى اليورو إن سلسلة الأحلام الطويلة مثل هذه نادرة، لكنها يمكن أن توضح لنا مدى تشابك محتوى الحلم مع حياتنا اليقظة.

تذكر الحلم:
يتمتع بعض الأشخاص بقدرة أفضل على تذكر أحلامهم من غيرهم، حيث يتذكرون الأحلام بشكل متكرر وبمزيد من التفصيل. ولفترة طويلة، وحاول الباحثون تحديد أسباب وآليات هذا الاختلاف.

وبحثوا في عوامل بما في ذلك الشخصية والموقف تجاه الأحلام، والقدرة العامة على التذكر، والإشارات الفسيولوجية الصغيرة التي تحدث أثناء مراحل معينة من النوم. وحتى الآن، كان أحد أكثر المؤشرات ثباتًا على تذكر الأحلام بشكل متكرر هو الموقف الإيجابي تجاه الحلم؛ فإذا كنت تعتقد أن الأحلام مهمة، فمن المحتمل أن تكون أكثر تحفيزًا لمحاولة تذكرها بشكل متكرر.

في 2022، بحثت الباحثة الفرنسية سالومي بلين وزملاؤها في دور الانتباه في تذكر الأحلام، وهي مهارة معرفية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالذاكرة.

وفي حين لم تبدو قدرة المشاركين على تذكر الأحلام مرتبطة بالذاكرة العاملة التي تحتفظ بالمعلومات مؤقتًا للاستخدام الفوري إلا أن المشاركين الذين يعانون من ضعف تذكر الأحلام كانوا أفضل في تجاهل المحفزات المشتتة، والعكس صحيح.

لقد قارنوا بين الأشخاص الذين يتذكرون الأحلام بشكل ضعيف وعالي في قدرتهم على التمييز بين ما إذا كان هناك اختلاف بين لحنين (تم عزفهما في نفس الأذن)، في حين تم عزف لحن مشتت في الأذن المقابلة.

يشير هذا إلى أن الأشخاص الذين يجيدون تذكر الأحلام قد يكونون أسوأ في تصفية المعلومات غير ذات الصلة والمشتتة، وبالتالي قد يلاحظون المزيد مما يحدث في أذهانهم أثناء النوم. ومع ذلك، فإن تذكر الأحلام مهارة يمكن تعلمها. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الاحتفاظ بمذكرات الأحلام إلى تحسين تذكر الأحلام بشكل كبير، وخاصة بالنسبة للأشخاص الذين لديهم بالفعل تذكر منخفض جدًا للأحلام.