صوماليون لـ"الدستور": العلاقات مع مصر تاريخية.. والقاهرة تدعمنا لمحاربة الإرهاب
أكد باحثون وسياسيون صوماليون أن تعزيز العلاقات بين مصر والصومال يسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، مشددين على أهمية اللقاءات بين قادة ومسؤولي البلدين.
عبدالوهاب الطيب: رئيسي وزراء مصر والصومال جاء في وقت حساس
بداية، قال الدكتور عبدالوهاب الطيب أستاذ العلوم السياسية بجامعة مقديشو، إن لقاء رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بنظيره الصومالي حمزة عبدي بري في القاهرة يوم السبت جاء في وقت حساس، حيث يشهد القرن الأفريقي والخليج والشرق الأوسط تحولات جيوسياسية كبيرة، توقيت اللقاء يعكس رغبة البلدين في تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة، خاصة في ظل التصاعد المستمر للتوترات الإقليمية، والتحديات الأمنية، ومحاولات النفوذ الإثيوبي في المنطقة، وأكد اللقاء اهتمامه بقضايا التعاون الاقتصادي والأمني، في إشارة لتعزيز التحالفات السياسية والاستراتيجية لموازنة تأثيرات التغيرات والتحولات والتطورات الجارية في المنطقة.
وأوضح في تصريحات لـ"الدستور"، أن مباحثات رئيسي الوزراء تضمنت ملفات بارزة أكدت على حماية ووحدة وسيادة الدولة الصومالية الاتحادية، وتعزيز التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التدخلات الخارجية والإرهاب، والذي يُعد تحدياً مشتركاً في الصومال، ومناقشة توحيد المواقف في مواجهة التدخلات المتزايدة في المنطقة والتنسيق الأمني والعسكري ومشاركة المعلومات بالإضافة إلى مناقشة المضي قدماً في تنفيذ اتفاقية الدفاع المشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية الإقليمية، هذا بجانب ملفات التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والصحة والتعليم والبنية التحتية.
وشدد “الطيب” على أن وفرة حركة الطيران بين مصر والصومال تسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، وتسهل حركة الأفراد والبضائع، مما يفتح فرصاً جديدة للاستثمار والتبادل التجاري، وتوفر العديد من الفرص تشمل تعزيز العلاقات التجارية والسياحية، بينما هناك تحديات قد تتعلق بالمنافسة، والقدرة على الاستمرارية، البنية التحتية، وتوفير الأمان والموارد اللازمة لدعم الخطوط الجوية في بيئة إقليمية غير مستقرة. وقد أكد الطرفان على افتتاح السفارة المصرية في مقديشو ربما في غضون شهر سبتمبر الحالي وهو ما سيدعم خطوة عودة الخطوط المصرية، والعلاقات المصرية الصومالية.
وتابع: "تاريخياً، اتسمت العلاقات المصرية الصومالية بالتعاون والاحترام المتبادل في ظل التحولات الحالية، من المتوقع أن يتعزز التعاون بين البلدين في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب، الاقتصاد والتعليم والصحة المستقبل قد يشهد تعاوناً أكبر في مواجهة التحديات الإقليمية، لا سيما مع تزايد النفوذ الإثيوبي في المنطقة، مما يدفع البلدين لتنسيق جهودهما بشكل أكبر".
وقال الطيب إنه يمكن لمصر دعم الصومال في المجالات السياسية والدبلوماسية، الاقتصادية، التعليم، الصحة والتدريب الأمني والعسكري، لتعزيز قدرات الصومال في مواجهة الإرهاب، وبناء مؤسسات حكومية قوية، كما يمكن لمصر تقديم الدعم الفني والمشورة في مجالات الزراعة والري، نظراً لتجاربها الواسعة في هذه المجالات.
وشدد “الطيب” على أن تكرار اللقاءات على مستوى رؤساء البلدين يعكس رغبة متبادلة في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الاستراتيجي، مشيرا إلى أن زيارات الرئيس الصومالي المتكررة لمصر قد تكون نتيجة لدورها الإقليمي القوي وتأثيرها في القضايا العربية والأفريقية، بالإضافة إلى الدعم المصري للصومال في المحافل الدولية، فالهدف من هذه اللقاءات هو تعزيز التعاون السياسي، الأمني، والاقتصادي، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة.
وقال إنه يمكن قراءة تحديات العلاقات المصرية الصومالية في ظل بيئة إقليمية ودولية متغيرة، خاصة مع تقاطعات الصراع والمصالح مع دول القرن الأفريقي والخليج، تتنوع وتتعدد وتشمل العديد من الأبعاد، ويأتي في مقدمتها تحدي التدخلات الإقليمية والدولية والصراع على النفوذ، والتنافس بين القوى الإقليمية والدولية مثل الصين، والولايات المتحدة في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وهذا يجعل من الصعب على مصر والصومال تحديد المصالح مشتركة التي تقوم عليها العلاقات.
وأضاف: "يمثل الإرهاب تحدياً كبيراً للعلاقات من زاوية انعكاساته على الأمن القومي المصري، خاصة في ظل التقارب الجغرافي والبحري، بجانب الأمن البحري، مضافاً إليها تحديات القرصنة في منطقة باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس والمحيط الهندي تؤثر على الملاحة والأمن المصري".
وقال إنه ربما تواجه مصر تحدياً في التنافس على الاستثمار في أي مجال خاصة البنية التحتية الصومالية، والتصنيع، والشركات للأغراض الخاصة، حيث تتنافس مصر مع دول أخرى للاستثمار وتأمين مصالحها، من جهة أخرى تمثل التوترات مع دول القرن الأفريقي خاصة الخلافات والتوترات الحدودية بين الصومال وجيرانها مثل إثيوبيا وكينيا يمكن أن تؤثر على مصالح مصر، خاصة إذا كانت مصر تسعى لتوثيق علاقاتها مع دول معينة في المنطقة، بالمقابل مشكلة سد النهضة الإثيوبي وتداعياته على الأمن المائي المصري قد تجعل من التحالفات في القرن الأفريقي أمراً حيوياً لمصر، ومزعجا للدول الأخرى.
وأوضح أن التحولات السياسية في الصومال، ومسألة عدم الإستقرار السياسي، وتحديات الحكومة المركزية في بسط سلطتها على جميع الأقاليم، ربما يعرقل الجهود لتعزيز العلاقات المصرية الصومالية، و يتداخل ذلك مع تحدي التدخلات الأجنبية في السياسة الصومالية، وتزايد النفوذ الأجنبي داخل الصومال يمكن أن يعقد العلاقات مع مصر، خاصة إذا كان هذا النفوذ يختلف مع الأجندة المصرية في المنطقة، وأخيراً يبقى تحدي التغيرات الدولية، والتحولات في السياسات الخارجية للقوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، تجاه أفريقيا تؤثر على التحالفات والعلاقات المصرية الصومالية في المنطقة، عموماً تشكل هذه التحديات جزءا من تعقيدات العلاقات المصرية الصومالية في ظل بيئة إقليمية ودولية متغيرة، وتتطلب استراتيجيات مرنة ومتعددة الأطراف للتعامل معها.
وقال إن الجهود المصرية لدعم الصومال تأتي في ظل بيئة صومالية معقدة، وفي هذا التوقيت، يمكن لمصر دعم الصومال في مواجهة الإرهاب من خلال توفير التدريب الأمني والمساعدة الفنية والمعدات العسكرية، لافتا إلى أن توقيت الدعم يأتي في ظل تزايد التهديدات الأمنية وتوسع الجماعات الإرهابية في المنطقة، مما يتطلب تعاوناً أكبر بين البلدين، ورغبة مصر في احتواء النفوذ المتزايد للتطرف وضمان استقرار االمنطقة، وفي ذات الوقت هي خطوة تسعى من خلالها الصومال تعزيز فرصها بالحصول على دعم دولي وإقليمي لمواجهة التحديات الداخلية وتعزيز استقرارها.
محمود محمد حسن: مصر قادرة على دعم الصومال أمنيا وعسكريا
فيما قال الباحث الصومالي محمود محمد حسن إن لقاء رئيسي وزراء البلدين يعد خطوة في السياق العام للتطور الطبيعي للعلاقات الصومالية المصرية، كون البلدين يمثلان امتدادا استراتيجيا لبعضهما، من حيث الموقع الاستراتيجي للصومال والثقل الإقليمي والقومي والدولي لمصر.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن رئيس الوزراء الصومالي شدد خلال لقاء نظيره المصري بالقاهرة على أهمية العلاقة مع مصر والتعاون معها في الجانب الأمني ومواجهة المخاطر في المنطقة والتحديات التي يمثلها التطرف العابر للحدود، وأشاد حمزة بالدعم الذي تقدمه مصر للصومال خصوصا في مجال التعليم.
وأكد حسن أن عودة حركة الطيران تصب في ذات التوجه الذي توصلت إليه حكومتا البلدين، من خلال الربط بينهما، من حيث حركة النقل الجوي، مع وجود تطلعات لتفعيل الخط التجاري البحري، و هو ما سيحقق ما يصبو إليه الشعبان الشقيقان من الاستفادة من الإمكانيات والفرص ابتي يتيحها التعاون والتكامل بين كلى البلدين.
وتابع "يرى المهتمون بالشأن الاقتصادي الصومالي، أن مصر يمكنها أن تجد في الصومال سوقا لمنتجات صناعاتها التحويلية، وكذلك أن تساهم الشركات والخبرات المصرية ليس فقط في أعمال إعادة الإعمار، بل ودعم مؤسسات التدريب الفني والمهني الصومالية بالكوادر الخبيرة لتخريج دفعات من الكفاءات الصومالية في المجالات التقنبة كافة، والتعاون كذلك في استغلال الموارد الطبيعية كالمصائد والمناجم وتوليد الطاقة".
وشدد على أن تكرر اللقاءات بين قيادات البلدين عودة إلى السياق الطبيعي للعلاقات المصرية الصومالية، وهو مما في مصلحة البلدين والشعبين على المديين القصير والطويل.
وقال إن من أهم التحديات التي يمكن أن تواجه تطوير العلاقات المصرية الصومالية الضغوط التي ستواجه جانبي العلاقة من قبل أطراف إقليمية ودولية قد ترى في التقارب الصومالي المصري تهديدا لمخططاتها غير الحميدة، فحصول مصر على أرض حليفة في القرن الإفريقي يتيح تعزيزا لعمقها الاستراتيجي غرب المحيط الهندي، وحصول الصومال على ظهير حقيقي يتيح المجال لسرعة استكمال إعادة بناء الدولة الصومالية واستكمال بسط سيطرتها الكاملة على ترابها الوطني دون وجود تنظيمات أو كيانات محلية مناوئة لها.
وتابع: "يمكن تجاوز تلك التحديات عبر الشفافية بين قيادتي البلدين، والعمل عبر آليات وبرامج غير تقليدية، والابتعاد عن طرق التفكير والعمل المتوقعة لتحقيق نجاحات مرحلية بتراكمها يتم الوصول إلى نتائج أكثر ديمومة وأرسخ تأثيرا وأبعد مدى".
وأكد الباحث الصومالي أن الاستجابة المصرية التاريخية للانضمام إلى قوة حفظ السلام الإفريقية كان خطوة كبيرة نحو دعم الصومال أمنيا، فالدور المنوط بتلك القوات يتلخص في حفظ الأمن، والقضاء على خلايا وعناصر تنظيم حركة الشباب المجاهدين المتطرفة، بحيث عبر التعاون من الجيش الصومالي والقوى الأمنية الوطنية تثبيت أركان الدولة وإيصال أجهزتها وخدماتها إلى مناطق افتقدتها لفترة زمنية ليست بالقصيرة.
خالد عبد الحكيم: علاقات مقديشو والقاهرة متجدرة وتاريخية
قال خالد عبد الحكيم أحمد الكاتب والمحلل السياسي الصومالي، إن العلاقات بين مقديشو والقاهرة متجدرة وتاريخية وقديمة بين الشعبين خاصة وأن مصر دولة شقيقة وتجمعنا معها روابط تاريخية عريقة.
وأوضح “أحمد” في تصريحات لـ"الدستور"، أن اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء الصومالي بنظيره المصري السبت الماضي بالقاهرة ركز على توطيد العلاقات الثنائية والتشاور حول العلاقات الاقليمية والدولية، مشيرا إلى أن العلاقات المصرية الصومالية قوية وقائمة علئ أسس صلبه، وربما هي من أغنى العلاقات مع الدول العربية.
وأشار السياسي الصومالي إلى أن لقاء رئيس الوزراء المصري ونظيره الصومالي ركز على قضايا الأمن والتنمية والتجارة والتعاون في مختلف المجالات، فيما شدد رئيس الوزراء الصومالي على أهمية خلق تعاون قوي في المجال الأمني من أجل مواجهة التحديات والتهديدات الإرهابية الأخيرة.
وقال “أحمد” إن عودة حركة الطيران بين مقديشو ستعزز الاقتصاد في البلدين بشكل كبير، وكذلك الاستثمارات المشتركة وتطوير قطاع السياحة.
وأشار إلى أن هناك تحديات تواجه مصر والصومال، على رأسها التحدي الداخلي المتمثل في حركة الشباب المتطرفة، وأن كلما حصل تقارب بين الصومال ومصر، زادت وتيرة الأحداث الإرهابية داخل الصومال وخارجه، لأن الحركة الإرهابية تدرك أن التقارب بين مصر والصومال يعني نهايتها، باعتبار أن الجماعات الإرهابية هي العدو المشترك لمصر والصومال.
وأوضح الباحث الصومالي أن مصر نجحت في مواجهة الإرهاب عبر استراتيجيات الأمن الداخلي وضبط الحدود، وأنه يمكن لمصر أن تدعم الصومال بنفس الاستراتيجيات حتى يتم القضاء على الجماعات الإرهابية وعلى رأسها حركة الشباب.