طفرة فى الاستثمارات الأجنبية فى أذون الخزانة: 40 مليار دولار خلال يوليو
أكد خبراء اقتصاد بدء عودة الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، وزيادة الإقبال على شراء أذون الخزانة والسندات، مرجعين هذا النجاح إلى الاصلاحات الاقتصادية الأخيرة، التى أسهمت فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى، وعودة الثقة إلى الاقتصاد المصرى.
وتوقع الخبراء، فى حديثهم مع «الدستور»، أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من الإجراءات لتبسيط التعامل مع المستثمرين والتيسير عليهم، خاصة ما يتعلق بالإصلاح الضريبى والإعفاءات من الجمارك، ورد ثمن الأراضى والأعباء التصديرية، بهدف تشجيع وتحفيز المستثمرين على القدوم إلى مصر.
وقال الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن القرارات التى اتخذتها الحكومة للإصلاح الضريبى وحل مشاكل المستثمرين وتبسيط التعاملات، من خلال منح إعفاءات غير مسبوقة للمستثمرين، سواءً فى الضرائب أو الجمارك أو رد ثمن الأرض أو رد الأعباء التصديرية، ساعدت فى استعادة الثقة للاقتصاد المصرى.
وأضاف «جاب الله» أن هناك طفرة فى الاستثمارات الأجنبية القادمة لمصر، وعلى رأسها شراء أذون الخزانة وأدوات الدين الحكومية، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة تصحيحًا للأوضاع، بعد دخول استثمارات إماراتية فى مشروع «رأس الحكمة»، ما أدى إلى استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية الأخرى.
وواصل: «الحكومة وضعت خطة واضحة من خلال البنك المركزى المصرى ووزارة المالية، لخفض الدين العام، سواءً الداخلى أو الخارجى، والفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من توافر فرص العمل والاستقرار الاقتصادى».
وأكد الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عودة استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى، أو ما يعرف بـ«الأموال الساخنة»، للتدفق على مصر من جديد، لتبلغ مستوى غير مسبوق متجاوزة ٤٠ مليار دولار، فى يوليو الماضى. كما أن العائد على أذون الخزانة لأجل ٣ شهور ارتفع إلى ٢٨.٣٪ فى العطاءات الأخيرة، مقابل نسبة ٢٦٪ فى الشهر الماضى.
وأضاف «السيد»: «مصر تعد ثالث أعلى عائد من أذون الخزانة والسندات بالعملة المحلية، من بين ٢٣ دولة نامية، وفق تقارير دولية حديثة»، مشيرًا إلى أن رفع العائد جاء لمواجهة خروج المستثمرين الأجانب، والذى وصل ذروته الأسبوع الماضى، مع الصدمة التى شهدتها الأسواق العالمية بسبب اتساع التوترات فى المنطقة، ومخاوف الدخول فى حرب إقليمية، الأمر الذى أثر على سعر الدولار ودفعه للارتفاع إلى مستويات تجاوزت ٤٩ جنيهًا.
وواصل: «خطر الأموال الساخنة يكمن فى خروجها السريع والمفاجئ من الاقتصادات، ما قد يؤثر على سعر الصرف واحتياطيات النقد الأجنبية، وهو ما حدث بالفعل فى مصر قبل أكثر من عامين، وكان جزءًا من الأزمة الاقتصادية التى تلقى بظلالها حتى اللحظة».
وأكمل: «فى مطلع عام ٢٠٢٢، حينما كان سعر صرف الدولار أمام الجنيه نحو ١٥.٨ جنيه للدولار الواحد، واحتياطى العملات الأجنبية عند ٤١ مليار دولار، خرجت من مصر نحو ٢٢ مليار دولار أموال ساخنة، نتيجة اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية».
وتابع: «خلال الأزمات تخرج الأموال الساخنة بشكل كثيف لتعويض خسائرها فى الأسواق المتقدمة، وهذا إن حدث يعيد المشاكل التى عانى منها الاقتصاد المصرى خلال الفترة الماضية، ما يوجب النظر إلى هذه الأموال على أنها أداة استثنائية ولا يتم الاعتماد عليها، وأن نستغنى عنها فى أقرب فرصة، بسبب أعبائها على الدين العام من جهة، ومن جهة أخرى اتسامها بعدم الاستقرار أو الاستدامة».
ونبه إلى أن «التوترات الموجودة فى المنطقة، والتى من الممكن فى ليلة وضحاها تتوسع وتصبح حربًا إقليمية أوسع، تعيد للأذهان ما حدث بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من خروج أكثر من ٢٢ مليار دولار من أدوات الدين المصرية بشكل مفاجئ، الأمر الذى أثر على العملة المحلية، وخلق أزمة فى تدفقات النقد الأجنبى، وللعلم نفس الـ٢٢ مليار دولار التى خرجت هى التى استقبلتها مصر بعد تحرير سعر الصرف ورفع مستويات الفائدة مؤخرًا».
وأشار إلى أهمية وضع خطة لاستبدال الأموال الساخنة بمنتجات أكثر استقرارًا وثباتًا، مقارنة مع أذون الخزانة، مثل السندات ذات الآجال المتوسطة والطويلة، بجانب تسريع برنامج الطروحات الحكومية، وجذب الاستثمارات فى الأسهم للشركات المطروحة فى البورصة، علاوة على الاستثمار الأجنبى المباشر الداعم للاقتصاد والإنتاج والتصدير والمشجع للنمو والتشغيل.
وأضاف: «من المهم جذب الاستثمارات المباشرة التى تتسم بالاستقرار، وتعمل على زيادة فرص العمل والصادرات، وتستقدم تكنولوجيا جديدة، كما تسهم فى عملية ضخ نقد أجنبى من الخارج فى شرايين الاقتصاد القومى، وهذا هو الحل الأمثل».