رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

درس المغرب الكروى فى الأولمبياد

هزيمة ثقيلة تلقاها المنتخب المصري من نظيره المغربي في الأولمبياد.. نصف دستة أهداف كاملة والمقابل لا شيء، المباراة كانت فرصة لأحد المنتخبين لحصد برونزية الأولمبياد لأول مرة في تاريخ العرب، لم يكتف المغرب بتحقيق اللقب، ولكن حصل لاعبه الرائع سفيان رحيمي على لقب هداف الأولمبياد أيضا، وهكذا صار أول لاعب عربي وإفريقي يحصل على اللقب، كذلك صار أول لاعب مغربي يحرز أهدافا في جميع مباريات الأولمبياد في نسخة واحدة، كما تساوى مع اللاعب المصري القدير مصطفى رياض، لاعب المنتخب الوطني المصري والترسانة الأسبق، الهداف العربي التاريخي للأولمبياد برصيد ثمانية أهداف، والذي ظل الرقم مسجلا باسمه، منفردا، طوال 60 عاما.
في الحقيقة الكرة المغربية متفوقة على الكرة المصرية لعبا وتدريبا وإدارة وتخطيطا، المغرب رابع العالم في بطولة كأس العالم الفائتة (مونديال 2022) بمدربه الوطني وليد الركراكي، وها هو ثالث الأولمبياد في الدورة الأولمبية الحالية بمدربه الوطني أيضا طارق السكتيوي، ولا أدري لماذا لم نستفد من التجربة الكروية المغربية الشقيقة، وسلمنا أنفسنا لتجارب أدنى بكثير، وباستثناء تجارب فترات محددة (لا بد من دراستها ومحاولة تكرارها)؛ فإن المحصلة كانت دائما صفرية، وكانت دائما مخزية كنتيجة المباراة الأخيرة بيننا وبين المغرب في محفل دولي، مباراة الأهداف الستة التي أساءت لتاريخنا الكروي في الصميم، وأعلت ضغط الجماهير المصرية المحتشدة في المدرجات الفرنسية، والملتفة حول الشاشات في مصر والبلاد العربية والعالم.
ما جرى في ملعب لا بوجوار بفرنسا لا يجب أن يمر بدون حساب عسير للجميع.. اللاعبين، المدرب البرازيلي روجيرو ميكالي، إدارة المنتخب، اتحاد الكرة بلجانه المسؤولة المختلفة، ليس علينا أن نذبح أحدا بالطبع، ولكن علينا أن نكف عن تدليل الذين بدوا ضائعين في الملعب، والأكيد أنهم لم يكونوا ليظهروا بهذا المظهر المشين، ما لم يكن الضياع حاكما أصيلا للمنظومة كلها، المنظومة التي جفت حلوق الناس وهم ينادون بهدمها وإعادة بنائها من جديد على أسس علمية سليمة، أو إصلاحها الشامل على الأقل، لو كان الأمر ممكنا بغير تكاليف الهدم وإعادة البناء!
الكرة هزيمة ومكسب، هذا طبيعي ومفهوم، ولكن بعد الهدف الثالث في مرماك يجب أن تستقتل في الدفاع عنه مع انتهاز الفرص لتقليص فارق الأهداف بالتوازي؛ لأن الهدف الذي يلي الثالث يرسم ملامح فضيحة لا مجرد هزيمة، وحرارة الانتماء الصادق للوطن يتحتم عليك أن تعزز بها غيرتك الوطنية؛ فتمنع العار والشنار قبل أن ينطبعا في ساحتك الرياضية إلى الأبد.
فرح المغاربة بعد المباراة فرحا عظيما؛ لأنهم رفعوا اسم بلادهم إلى السماء وصنعوا المجد الذي جاءوا من أجله، وبكى لاعبونا بكاء مريرا؛ لأنهم جعلوا اسم بلادهم القائدة عرضة للانتقاد والسخرية، وفاتهم قطار المجد الذي يفوت الكسالى والمتقاعسين.. درس المغرب كان قاسيا علينا هذه المرة، قاسيا جدا في الحقيقة، وليت ما بعده يكون خلاف ما سبقه بالكلية!.