رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ابتسامات عبدالله.. ابنة بنى سويف أول ضابطة متطوعة فى الجيش المصرى

ابتسامات عبدالله
ابتسامات عبدالله

لم يكن الضابط فى الجيش المصرى محمد عبدالله وهو فى طريقه للقاء السلطان جمعة كيانجو، فى إقليم «الواو» بالسودان، ليطلب الزواج من إحدى بنات الأخير، يعلم أن ابنته «ابتسامات» التى ستولد فى محافظة بنى سويف بعد ذلك، سيخلدها التاريخ كأول ضابطة فى الجيش المصرى، وستنعاها القيادة العامة للقوات المسلحة، بعدما وافتها المنية عن عمر يناهز ٩٧ عامًا، أمس الأول. عندما وصلت «ابتسامات» إلى سن العشرين، ولم تستكمل تعليمها العالى، بعد اجتيازها المرحلة الابتدائية فى مدارس فرنسية، قررت الانضمام إلى التمريض، من «الهلال الأحمر المصرى»، ثم رأت إعلانًا فى مجلة «المصور»، يطلب ٧٥ فتاة متطوعة فى القوات المسلحة المصرية، تحديدًا فى قطاع الخدمات الطبية، فى إطار حاجة المجهود الحربى أثناء الحرب العربية الإسرائيلية عام ١٩٤٧.


ولأن عائلتها كان معظم أفرادها ضباطًا فى الجيش والشرطة، قُبل طلبها بالانضمام إلى القوات المسلحة المصرية، وأُجريت لها المقابلة الشخصية فى مستشفى كوبرى القبة العسكرى، ليتم اختيارها بجانب ٢٠ فتاة أخرى من أصل ٧٥ مُتقدمة.


وجاء هذا الاختيار بعد خضوعها إلى امتحانات وتقييمات دقيقة تتعلق بفنيات التمريض، من قياس الضغط والحقن وغيرهما، لتُمنح بعدها رتبة «ملازم أول»، وتصبح أول فتاة تحصل على هذه الرتبة العسكرية، نظرًا للترتيب الأبجدى للأسماء، إذ احتل اسمها المرتبة الأولى فى القائمة التى بدأت بحرف الـ«ألف». 


ونالت ابتسامات عبدالله العديد من التكريمات، نظرًا لدورها فى حرب ١٩٤٨، وهى أول سيدة تحصل على «نوط الجدارة والاستحقاق» من الملك فاروق، الذى منحها أيضًا ساعته الذهبية، وهو ما كانت تتفاخر دائمًا به فى ظهورها الإعلامى، مشيرة إلى أنه أعطاها هذه الهدية داخل قصره، أثناء حفل للإفطار دعاها إليه فى شهر رمضان.


وبحسب ما ذكرته الراحلة فى العديد من وسائل الإعلام، فإن لها موقفًا طريفًا مع الملك فاروق، أثناء خدمتها، حين زارها فى عنبرها بالمستشفى، بصحبة وزير الحربية آنذلك، محمد حيدر باشا، بعد خروج الرجلين فى رحلة صيد، وكان الملك فاروق يرغب فى ذلك الوقت فى زيارة المصابين بالمستشفى العسكرى، وذكرت أنها فوجئت بأحد الجنود يخبرها بأن الملك فاروق وصل إلى القسم الذى تخدم فيه داخل المستشفى، فسارعت إلى ارتداء زيها العسكرى، والتقت الملك، الذى سألها حينها عن الجنود، فردت قائلة إنهم «يريدون العودة سريعًا إلى خط النار»، وبعدها أهدى الملك الجرحى «سمكة عجيبة طويلة للغاية لم أر مثلها فى حياتى، حتى إن نزلاء المستشفى كلهم أكلوا منها».


وفى عدد من اللقاءات مع الصحف والمواقع الإخبارية، كشفت «ابتسامات» تفاصيل العلاقة الأسرية التى كانت تربطها بأول رئيس لجمهورية مصر العربية، الراحل محمد نجيب، مشيرة إلى أنه كان من أصدقاء أسرتها المقربين، وكان له مقعد خاص فى منزلها، اعتاد الجلوس عليه هو ووفود سودانية دبلوماسية تتردد على مصر باستمرار، مفضلين الأطعمة التى تطهيها. وكشفت «ابتسامات» عن أغرب المواقف التى صادفتها، ومن بينها أنها لجأت للرئيس محمد نجيب لإقناع أخيها بالموافقة على زواجها من الرجل الذى تقدم لها. وقد نجح «نجيب» فى ذلك بعدما تحرى عنه، بعدما كان أخوها يرفض ذلك الزواج.
وروت «ابتسامات» كواليس لقائها وتكريمها من المشير محمد حسين طنطاوى عام ٢٠٠٧، حينما رأى صورتها على غلاف إحدى المجلات، باعتبارها أول ضابطة بالجيش المصرى.


وبعد رحيلها، نعتها القيادة العامة للقوات المسلحة باعتبارها أول ضابطة فى الجيش المصرى، مؤكدة أن للفقيدة دورًا بطوليًا فى حرب فلسطين عام ١٩٤٨، حين حملت السلاح وشاركت فى عمليات تمريض مصابى العمليات أثناء الحرب، فى المستشفى الميدانى الذى أعدته مصر داخل مدينة غزة.