طريق النجاح.. الدستور ترصد كيفية اختيار الكليات المناسبة لسوق العمل
أيام قليلة تفصلنا عن إعلان نتيجة شهادة الثانوية العامة لعام 2024، التى من بعدها يبدأ الطلاب مهمة جديدة لاختيار الكلية المناسبة لمهاراتهم وقدراتهم وأحلامهم، والأهم من كل ذلك مجموع الدرجات.
ولا تزال نغمة كليات القمة تصدح فى أذهان بعض الطلاب بحثًا عن المكانة الاجتماعية، متجاهلة احتياجات سوق العمل أو مهارات الطالب وقدراته.
«الدستور» تحدثت إلى عدد من أساتذة الجامعات وخبراء التعليم لإعداد دليل مبسط عن كيفية اختيار الطالب الكلية المناسبة له.
سكينة سلامة:المستقبل لخريجى الجامعات التكنولوجية
قالت النائبة سكينة سلامة، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، إن التعليم يأتى دائمًا على رأس أولويات القيادة السياسية، خاصة التعليم الفنى والتكنولوجى، بعدما تأكد الجميع من أهمية التعليم الفنى فى تقدم الدول، وألمانيا مثال واضح على ذلك، فالتنمية الصناعية تبدأ بالتعليم الذى يؤدى إلى تعزيز هذا المجال فى النهاية.
وأضافت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب لـ«الدستور»، أنه يجب على الطلاب وأولياء الأمور، النظر إلى الدراسة الجامعية بصورة أكثر توسعًا وتفهمًا لمتطلبات سوق العمل الحالى، والبعد كل البعد عن تلك النظرة الضيقة التى تشير دائمًا إلى ما يعرف باسم كليات القمة والقاع.
وتابعت: «ففى حال كان الطالب لا يريد دخول مثل هذه الكليات أو لا تتناسب مع قدراته أو مجموعه فلا داعى لأن تلهث الأسر وراءها، والأفضل الاتجاه إلى الكليات التكنولوجية الجديدة التى تحتاج إليها سوق العمل بشدة، وأصبح لها وجود وكيان كبير ونقابة خاصة ومستقلة».
وأوضحت أن الدولة رفعت الحرج عن المواطنين فيما يخص المسميات الخاصة بهذه الدراسة، فلم يعد يطلق عليها معهد أو دبلوم، وإنما أصبحت جامعات يرغب الجميع الالتحاق بها لإرضاء رغبته فى الترقى الاجتماعى.
وأكدت أن العائد المادى والمعنوى من وراء الدراسة والعمل فى المجال الفنى والتكنولوجى مرتفع جدًا، وهو ما يميز الدراسة فى هذا المجال، فلا شك أن جميع الأسر ترغب فى أن يلتحق أبناؤها بالدراسة التى تضمن لهم العمل بمجال يوفر عائدًا ماديًا يغطى احتياجاتهم، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها العالم.
تامر شوقى: الكليات النظرية تزيد البطالة
ذكر الدكتور تامر شوقى، أستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، أن الطلاب يذهبون بأعداد ضخمة إلى الكليات النظرية التى لم يعد لها مكان فى سوق العمل، بسبب أن اختيار الكلية المناسبة للطالب ليس قرارًا سهلًا، لأنها لا بد من أن تتوافق مع مهاراته وفى نفس الوقت تضمن له وظيفة فى سوق العمل.
وأشار «شوقى» إلى أن الطلاب حين يلجأون إلى الكليات النظرية ولا يجدون عملًا فيما بعد يصبحون فى عِداد البطالة، أو يجدون وظائف بعيدة عن تخصصاتهم ورغباتهم، مشددًا على ضرورة أن يختار الطالب كلية متوافقة مع متطلبات العصر الحالى كى يجد عملًا فيما بعد.
واقترح الخبير التربوى، كليات مثل الذكاء الاصطناعى والبرمجة، بسبب التطور الحالى فى مجال الحاسبات والمعلومات، لا سيما أن ذلك المجال أصبح مطلوبًا فى كل الوظائف ومتاحًا فى كل الجامعات المصرية فى الوقت الحالى.
وأوضح أن تلك الكليات تحتاج من الطالب درجات فى العلوم والرياضة، لذلك من يحصل على مجموع مرتفع فى تلك المواد عليه اختيار تلك الكليات لأنها تكون مناسبة له، وتتوافق مع رغباته، مؤكدًا: «اختيار الطالب الكلية المناسبة له دور فى سوق العمل، إذ يمده بمزيد من العمال بدلًا من البطالة، وكلما كانت الكلية مرتبطة بسوق العمل فإنها تحسن من ارتباط الطالب به، فدور الكليات والجامعات هو زيادة التوظيف فى مجتمع الخريجين».
واختتم: «لا بد من وجود كليات مختلفة بعيدة عن الكليات النظرية كى تكون متوافقة مع سوق العمل وتوسع من نطاق التخصصات بحيث لا تكون مقتصرة على كليات مثل الحقوق وغيرها التى تضم مئات الطلاب كل عام».
رضا أبوسريع:المبرمجون يجنون أرباحًا هائلة والكليات ليست قمة وقاع
أوضح رضا أبوسريع، مدير مشروع إعداد المعلم ودعم مدارس المتفوقين، إنه يتوجب على الطلاب إعادة النظر فيما يعرف باسم كليات القمة، والاتجاه نحو الكليات التى تحتاج إليها سوق العمل بالفعل.
وأضاف: «لم تعد سوق العمل بحاجة إلى الكثير من المهن التقليدية الموجودة بالفعل وإنما فى حاجة شديدة إلى هؤلاء المطورين الذين يأخذون بزمام الأمة نحو المستقبل». وتابع: «على كل طالب أن يعيد النظر فى تصنيفه للكليات على أنها قمة وقاع، وأن يبحث داخله عن المجال الحقيقى الذى يمكن أن يبدع فيه وأن يحقق من خلاله إنجازه الأكبر، كما أن أولياء الأمور عليهم عامل كبير فى مساعدة أبنائهم فى الوصول إلى تلك الأهداف التى تتناسب مع قدراتهم ورغباتهم».
وأكد أن التكنولوجيا هى الحل، سواء كان فى سوق العمل أو فى استخدامها لتحديد الهدف الذى يسعى إليه الطالب، فباستخدام الإنترنت مثلًا، يمكن أن يتعرف الطالب على مجالات متنوعة، ومن خلالها يحدد المجال الذى يرغب العمل من خلاله.
وأوضح «أبوسربع» أن فكرة الشهادات الكبيرة التى تحلم بها الأسر ليل نهار لم تعد بهذا الاهتمام الذى كانت به فى السابق، فالكثيرون ممن حصلوا عليها تركوها جانبًا وتوجهوا مثلًا إلى وسائل التواصل الاجتماعى يقدمون محتوى من خلالها.
وأكد مدير مشروع إعداد المعلم ودعم مدارس المتفوقين، أن هناك الكثير من الشباب اتجهوا إلى إقامة مشروعات لها علاقة بالتكنولوجيا مثل تطبيقات الهواتف الذكية ويجنون من ورائها أرباحًا هائلة.
عاصم حجازى: البحث عن القدرات الخاصة وعدم الاعتماد على الميول فقط
رأى الدكتور عاصم حجازى، أستاذ علم النفس التربوى المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، أن الطالب عليه أن يتبع معايير محددة فى اختيار التخصص المناسب له، بعضها قبل ظهور النتيجة والبعض الآخر بعد». وقال «حجازى»: «قبل ظهور النتيجة لا بد أن يعرف الطالب كل شىء عن الكليات المتاحة، والمهارات التى يحتاجها كل تخصص، لا سيما التخصصات التى ظهرت حديثًا وأصبحت أولويات سوق العمل».
وأوضح أن هناك فرقًا بين القدرات والميول، وعلى الطالب اختيار ما يتوافق مع قدراته وليس ميوله فقط، لأنه أحيانًا يرغب فى دراسة تخصص ما، لكنه لا يمتلك القدرات المناسبة لدراسة هذا التخصص أو التفوق فيه، وبالتالى يكون اختياره خاطئًا. وتابع: «لذلك يمكن للطالب ترتيب رغباته؛ فتكون الرغبة الأولى لأكثر تخصص يمتلك قدرات فيه، ثم تأتى الرغبات التى لديه قدرات متوسطة، ثم الأقل بحيث تأخذ الكليات التى يريد الالتحاق بها شكلًا هرميًا من الأكثر قدرة للأقل».
وقدم عدة نصائح للطالب بشأن كليات القمة، إذ إن مفهومها لم يعد يرتبط بكليات معينة، ولكن بمدى التحاق الطالب بالكلية التى تناسب قدراته ويستطيع تحقيق النجاح والتفوق فيها وإفادة المجتمع.
واختتم: «أثناء اختيار الطالب الكلية المناسبة لا بد أن يدرك ما يحدث فى سوق العمل التى لا ينضم لها سوى المتميزين، وبالتالى فإن اختيار كلية مناسبة لقدرات الطالب يضمن له وجود وظيفة فى المستقبل بعد التخرج».
حسن شحاتة:ضرورة استشارة الوالدين لدرايتهما بمهارة وموهبة الطالب
أكد الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، أن اختيار الطالب الكلية يعنى اختيار مهنته المستقبلية، لأن الأمر يترتب عليه شكل حياته فيما بعد، لذلك لا بد من التريث والهدوء والتفكير بعمق فى اختيار الكلية التى سيلتحق بها.
وأشار «شحاتة» إلى أنه لا بد من مراعاة ميول الطالب التى توجهه نحو عمل معين أو كلية معينة، ثم مجموع الطالب فى الثانوية العامة والمواد التى تفوق فيها، سواءً أدبية أو علمية، باعتبار أن تلك المواد تعبر عن رغباته ومهاراته.
وشدد على ضرورة أخذ رأى الوالدين حول الكلية التى تناسب الطالب، لأنهما على دراية بموهبته ومهاراته، ولا بد أن يفكر الطالب فى نفس الوقت فى المبلغ الذى تستطيع الأسرة تحمله على مدار سنوات الدراسة الجامعية.
ونصح بضرورة التركيز على الجامعات الأهلية والتكنولوجية، لأنها فى الوقت الحالى أكثر الجامعات قدرة على ربط الخريجين بسوق العمل، مبينًا أنه على الطالب اختيار التخصص الذى يرتبط بالسوق ومتغيراتها منعًا لضخ مزيد من العاطلين عن العمل للمجتمع.
وأشار إلى أنه جرى إنشاء ١٠ جامعات تكنولوجية، تضم جميع البرامج التعليمية الحديثة التى تحتاجها سوق العمل المحلية والدولية، وجارٍ استكمال إنشاء ١٧ جامعة تكنولوجية أخرى بمختلف التخصصات، وهناك ١٦ جامعة أهلية فى مصر.
وأضاف: «لا بد أن يملأ الطالب كل طوابع الاختيارات ولا يترك شيئًا للتنسيق»، موضحًا أن اختيار الكلية المناسبة يعتمد على المثلث الذهبى وهو القدرة العلمية للطالب والقدرة المالية للوالدين ونواقص سوق العمل التى تحدد مستقبل مهنته. وتابع: «نجاح الطالب يظهر عقب النتيجة واكتشافه قدراته واستثمارها جيدًا باختيار الكلية المناسبة، لأن الالتحاق بكلية غير مناسبة ستجعله يواجه مشاكل فى التحصيل الدراسى أو يرسب فى بعض المواد والتخرج بتقدير منخفض».