رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تداعيات الاغتيال: رد إيرانى لحفظ ماء الوجه دون توسعة الحرب

غزة
غزة

نقل مسلحى الحوثى إلى لبنان.. وشن هجمات بالمسيرات على إسرائيل

استشهد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، فى غارة جوية إسرائيلية على مقر إقامته فى طهران، وتسبب الحادث فى صدمة داخل الفصائل الفلسطينية وإيران وحلفائها، ما أثار تساؤلات حول القيادة المستقبلية لـ«حماس»، والعواقب المترتبة على الصراع الإسرائيلى الفلسطينى.

وبعد الاغتيال بساعات قليلة، انطلقت الإدانات من القيادات الفلسطينية والإيرانية، وحذر موسى أبومرزوق، أحد كبار أعضاء المكتب السياسى لحركة حماس، من أن اغتيال «هنية» لن يمر بصمت، وهدد المرشد الأعلى الإيرانى على خامنئى، بإنزال عقاب شديد على إسرائيل.

رسائل الاحتلال: إذلال إيران.. وملاحقة منفذى 7 أكتوبر 

اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية بعد ساعات من اغتيال فؤاد شكر القائد العسكرى الأعلى فى حزب الله فى لبنان، وبعد أيام من محاولة اغتيال محمد الضيف رئيس هيئة الأركان فى «القسام»، فضلًا عن اغتيال القياديين الحمساويين صالح العارورى ومروان عيسى، وهى ضربات موجعة متتالية، تريد إسرائيل من خلالها إرسالة رسالة أولية بأن يدها الطويلة ستصل إلى أى مكان وفى أى وقت، وأن كل المتورطين فى هجوم ٧ أكتوبر سيلقون نفس المصير.

أما الرسالة الثانية التى تريد إسرائيل إرسالها إلى إيران هى أنها لا تتردد فى خوض حرب شاملة ليس فقط مع حزب الله وحماس والحوثيين، ولكن أيضًا مع إيران نفسها، كما يبدو أن إسرائيل تستعد بالفعل لحرب كبرى بعد اغتيالات الأمس، فيما ستكون عرضة للهجمات الصاروخية بجميع أنواعها، إلى جانب الطائرات بدون طيار المتفجرة، التى ستنطلق ليس فقط من لبنان واليمن بل من إيران أيضًا بشكل رئيسى.

وهناك احتمالات لحدوث هجمات من الميليشيات الشيعية المسلحة من إيران والعراق وسوريا، وربما حتى اليمنيون الحوثيون سيتم نقلهم إلى سوريا أو الانضمام إلى حزب الله فى لبنان لتنفيذ غارات على الحدود الشمالية.

أما الرسالة الثالثة هى أيضًا ترسلها إلى إيران، والهدف هو إحراجها وإظهار اختراقها وضعفها إلى حد أن إسرائيل نفذت عملية اغتيال لـ«هنية» داخل منزله فى قلب طهران، كما أن التوقيت هو كل شىء، فاغتيال زعيم حماس فى خضم احتفالات تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد هو إذلال لطهران، وهذا تقريبًا هو أكثر ما يخيف القيادة الإيرانية، ومن ناحية أخرى، إذا قررت إيران مهاجمة إسرائيل ولم يحقق العمل أهدافه، فسيكون هذا دليلًا آخر على ضعف النظام الإيرانى. 

الرسالة الرابعة توجهها إسرائيل إلى حزب الله، والتى مفادها أن القيادة فى طهران مخترقة، وبالنسبة لحزب الله، فهو يعلم أن منظمته مخترقة من قبل المخابرات، بل إنه اتخذ بنفسه إجراءات لمنع تصفية كبار المسئولين وفشل فى ذلك وفقًا للاغتيالات الأخيرة لقادة حزب الله فى بيروت.

كما أن الحزب سيحاول أن ينأى بنفسه فى الرد الإيرانى على إسرائيل، فسيمر اغتيال زعيم «حماس» فى طهران، كما مر اغتيال صالح العارورى فى بيروت، إذ جاء رد الحزب ضعيفًا كمن لا يريد التورط.

رد لا يتجاوز الخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك

لن يكون للاغتيالات فى طهران وبيروت تأثير إيجابى، على فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن من غزة، وكما يبدو أن إسرائيل فهمت أن المفاوضات معقدة وتحتاج المزيد من الوقت، وأن فرص التوصل إلى اتفاق حاليًا ضئيلة للغاية، ولهذا قررت إسرائيل تنفيذ عمليتى الاغتيال فى طهران وبيروت انطلاقًا من اعتبار استراتيجى رغم تسببهما فى تعطل المفاوضات.

أما من حيث تأثير الاغتيال على «حماس»، فلا يتوقع أن يكون لاغتيال إسماعيل هنية فى طهران فى حد ذاته تأثير كبير على الحركة بشكل عام و«السنوار» بشكل خاص. 

وكان «هنية» معارضًا سياسيًا لـ«السنوار» ولم يتفق الاثنان على القضايا المطروحة منذ ٧ أكتوبر، لكن اغتياله سيكون بمثابة ضربة معنوية قاسية لسكان غزة وللفلسطينيين بشكل عام، ويثبت لهم أن طهران ليست ملاذًا آمنًا، وهذا هو الحال أيضًا مع اغتيال «شكر» فى بيروت، لأن اغتيال الرجل هو ضربة معنوية لقيادة حزب الله، وربما حتى لـ«نصرالله» نفسه. وحول الرد الإيرانى على اغتيال «هنية»، من المتوقع أن يكون هناك رد لكن كما يبدو لن يتجاوز الخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك، فربما تبحث إيران عن رد لحفظ ماء الوجه لكن دون أن يتسبب فى بدء حرب واسعة.