رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السنوات الأخيرة في حياة المخرج عاطف سالم.. "غيبوبة وجلطة في المخ"

المخرج عاطف سالم
المخرج عاطف سالم

103 أعوام مرت على ميلاد المخرج عاطف سالم، الذي ولد في 23 يوليو لعام 1921، بمدينة الأبيض بالسودان، لأب وأم مصريين، لكنه عاش سنوات طفولته بالسودان نظرا لعمل والده كضابط بالجيش المصري المتواجد بها في 1927، وعند بلوغه سن 8 سنوات انتقل للعيش في القاهرة وتحديدا فى حي السيدة زينب.

مسيرة فنية طويلة خاضها المخرج عاطف سالم، أثرى الحياة الفنية بأعمال سينمائية عديدة، وأصبح أحد أهم مخرجي السينما المصرية، إذ بدأ حياته الفنية ممثلا في فيلم "ماجدة"، ثم عمل مساعد مخرج للعديد من المخرجين ثم مخرجا، وكان أول فيلم يخرجه هو فيلم "الحرمان" ويعتمد على قصة سيكولوجية وكان كل العاملين في الفيلم أبطالا، ثم فيلم "جعلونى مجرما" وهو قصة اجتماعية، وقد نجح الفيلم في رفع السابقة الأولى من الصحيفة الجنائية في مصر، فضلا عن فيلم "إحنا التلامذة" الذي أعطى صورة صادقة ومؤثرة عن انحراف الشباب، كما أخرج فيلمي "أم العروسة" و"الحفيد" اللذان نقلا لنا فكر وطموح وعادات وتقاليد الأسرة المصرية المتوسطة وعاداتها وتقاليدها ومعاناتها.

آخر أفلام عاطف سالم كان فيلم "فارس ظهر الخيل" عام 1999، بطولة منى زكي وفادية عبدالغني وجمال عبدالناصر وعزت أبو عوف وليلى فوزي، وتأليف محمد جلال عبد القوي، وأثناء تصويره للفيلم تعرض لوعكة صحية أبقته في مستشفى الصفا بالمهندسين، بعد إصابته بشلل نصفي إثر جلطة مخية هاجمته، وعن هذه الفترة يقول: صعبان علي نفسي، فطوال هذه الفترة لا أستطيع حتى النزول من السرير بسبب قدمي ويدي اللتين لا تتحركان، ولا بد أن تساعدني حفيدتي "هيام" التي تجلس بجواري لتقرأ في المصحف، وخلال هذه المدة دار في ذهني كل ما قدمته من أعمال سينمائية مثل "صراع في النيل" الذي تم تصويره على ظهر مركب تتحرك من أسوان حتى القاهرة ورغم ذلك لم يشعر المشاهد بالملل، واسترجعت أفلامي التي اتخذت لونا مختلفا عما كانت تقدمه السينما سواء في أفكارها التي تطرحها أو نهاياتها الجريئة، فمثلا "جعلوني مجرما" انتهى بإعدام البطل، و"إحنا التلامذة" انتهى بحبس الأبطال الثلاثة، و"خان الخليلي" الذي ينتهي بإيقاع جنائزي، وهو ما اعتبره جرأة في ذلك الوقت، لأن الأفلام المصرية تحرص عادة على أن تنتهي بـ"زغرودة".

وأثناء وجوده في المستشفى، تواصل معه الدكتور كمال الجنزوري، رئيس مجلس الوزراء حينها، للاطمئنان على صحته، وبعد لحظات حتى وجد المخرج عاطف سالم شخصا يطرق باب حجرته وعرفه بنفسه، وأخبره أنه من مجلس الوزراء، وقدم باقة ورد يتوسطها بطاقة من الدكتور الجنزوري "أطيب الدعوات بتمام الشفاء"، ثم أعطاه ظرفا مغلقا وجد بداخله قرارا من الدكتور الجنزوري بتخصيص مبلغ 50 ألف جنيه، لعلاجه على نفقة الدولة، وكانت نفقات العلاج والإقامة بالمستشفى قد بلغت بالفعل 47 ألف جنيه.

وعن حالته النفسية بعد هذا القرار قال: سعدت كثيرا بالقرار وبالمكالمة التليفونية لرئيس الوزراء لأنني لست مخرجا فنيا، ولا أملك عقارات ولا أراضي، ولكني أحمل اسما كبيرا، وأحمد الله أن صحتي تحسنت لأن المرض "وحش".

كان المخرج عاطف سالم ينوي استكمال تصوير "فارس ظهر الخيل" وهو يجلس على كرسي متحرك وينتقل به بين البلاتوهات، فكان قد بدأ مرحلة العلاج الطبيعي، بمعدل مرتين يوميا، وأخبر المخرج يحيى العلمي رئيس قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون بهذه الرغبة، ولكنه رفض بشدة وقال "المهم صحتك والديكورات سوف نعيد بناءها من جديد" لأنه خشى أن تحدث مضاعفات.  

وبالفعل؛ عاد عاطف سالم ليستكمل فيلم "فارس ظهر الخيل" بعد أن تحسنت حالته الصحية، فكان لم يتبق من الفيلم سوى الثلث، ومن بعدها تعرض لعدة وعكات صحية مع مرض القلب وإجراء عمليات جراحية إلى أن توفي عام 2002 بعد دخوله في غيبوبة بسبب ارتفاع السكر في الدم، وجلطة في المخ.