"الدستور" تتابع من واشنطن عملية إجبار بايدن على الانسحاب من الانتخابات الرئاسية
رأى خبراء أمريكيون أن محاولة اغتيال الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب، أثرت سلبًا على موقف وشعبية الرئيس جو بايدن، فى سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقرر إجراؤها فى نوفمبر المقبل.
وأكد الخبراء الأمريكيون، فى تصريحات لـ«الدستور»، أن هناك مؤشرات قوية على قرب إعلان انسحاب «بايدن» من سباق الرئاسة، مع بروز بعض الأسماء لتحل محله، أبرزها جافين نيوسوم، حاكم كاليفورنيا، إلى جانب ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأسبق باراك أوباما.
إدريان كالاميل: محاولة الاغتيال منحت ترامب دفعة قوية قبل السباق
توقع أدريان بى كالاميل، الباحث والكاتب السياسى الأمريكى المحاضر فى تاريخ الشرق الأوسط والإرهاب، انسحاب جو بايدن من الانتخابات الرئاسية، فى ظل معطيات المرحلة الحالية، واستنادًا إلى تقارير مختلفة، معتبرًا أن هناك فصيلين فى الحزب الديمقراطى، أحدهما يحثه على التنحى الآن، بينما يرى الآخر، على الأقل علنًا، ضرورة بقائه فى السباق.
وتطرق «كالاميل» إلى محاولة اغتيال «ترامب»، وتأثيرها على فرص فوز المرشحين، معتبرًا أنها تعطى «ترامب» دفعة قوية وفورية فى استطلاعات الرأى، كما أنها «تحكى قصة مرشحين اثنين، الأول يحضر المؤتمر الوطنى للحزب الجمهورى بعد بضعة أيام من محاولة اغتياله، بينما لا يستطيع الثانى اجتياز مقابلة واحدة أو مناظرة أو خطاب دون خطأ». وحول توجهات الناخب الأمريكى، بعد مناظرة «ترامب» و«بايدن»، ومحاولة اغتيال الأول وإصابة الثانى بـ«كورونا»، قال الباحث الأمريكى: «أعتقد أن هذا أدى إلى تغيير رأى بعض الناخبين الذين كانوا على الحياد، بعدما رأوا صورة شخص مريض فى حالة تدهور عقلى، بينما تحتاج أمريكا إلى زعيم واضح ويفهم السلام من خلال القوة».
وبسؤاله حول إذا انسحب «بايدن»، ورشح «الديمقراطيون» بديلًا غيره، هل يمكن لهذا البديل الإطاحة بـ«ترامب»؟، قال «كالاميل»: «نحن نتحدث كما لو أن ترامب سيفوز، وهذا ليس أمرًا مسلمًا به بأى حال من الأحوال».
وأضاف الكاتب الأمريكى: «إذا انسحب بايدن من السباق، فسيتعين على الديمقراطيين تقديم مرشح قوى فى فترة زمنية قصيرة، إذا كانوا يريدون الفوز»، معتبرًا أن كامالا هاريس، نائبة الرئيس، ليست مرشحة قوية، وهذا هو المأزق الذى يجد أى ديمقراطى موضوعى نفسه فيه، وإذا اختاروا عدم اختيار «هاريس»، فسيؤدى ذلك بالتأكيد إلى مزيد من الانقسام داخل الحزب، قبل انتخابات كبرى.
واختتم بالحديث عن اختلاف سياسات «الديمقراطيين» عن سياسات «الجمهوريين» فيما يتعلق بالشرق الأوسط وحرب غزة، قائلًا: «قطعًا لقد أشعل نهج بايدن فى السياسة الخارجية العالم من خلال الاسترضاء والضعف، حيث تجد طهران أكثر جرأة. أما إذا انتهى الأمر بفوز ترامب بالرئاسة، أتوقع سياسة الضغط الأقصى فى اليوم الأول من الرئاسة، وليس بعد عامين».
جون روسوماندو: أوباما يقود الحملة لإزاحته من السباق
وصف جون روسوماندو، الخبير الأمريكى فى شئون الأمن القومى، جو بايدن بالشخص العنيد، المرجح أن يترك غروره يسيطر عليه، على الرغم من الدعوات المتزايدة له بالانسحاب من السباق.
وأضاف «روسوماندو»: «الرئيس السابق باراك أوباما، ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسى بيلوسى، يريدان رحيل بايدن، وكذلك يفعل الديمقراطيون فى الكونجرس، الذين يرون أنه يقوض فرصهم فى استعادة مجلس النواب، والسيطرة على مجلس الشيوخ، إذا ما فاز دونالد ترامب بالسباق».
وواصل: «فى حالة انسحاب بايدن، ستكون نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الأولى للحزب الديمقراطى، لكن ثبت عدم شعبيتها بين صفوف الديمقراطيين، لذا جرى ذكر السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما على نطاق واسع فى وسائل الإعلام الأمريكية، كبديل محتمل فى حالة تنحى بايدن».
وأكمل: «محاولة اغتيال ترامب جعلته يبدو الأوفر حظًا، خاصة مع إصابة بايدن بكورونا، وتدهوره المعرفى والإدراكى»، متابعًا: «أعتقد أن الأمريكيين ينظرون الآن إلى دونالد ترامب باعتباره الرجل المناسب لهذا المنصب، بسبب القوة التى أظهرها بعد أن أصبح على بعد ملليمترات من مقتله».
ورأى أن «ترامب قد يستطيع الإطاحة بمرشح ديمقراطى، بعد تنحى بايدن، لكن ذلك يعتمد على من هو ذلك الديمقراطى»، مشيرًا إلى أن استطلاعات الرأى تظهر أن ميشيل أوباما تتفوق على «ترامب»، لكن قبل محاولة الاغتيال.
وتوقع أن يواصل «الديمقراطيون» دعم غزة ضد إسرائيل، بينما سيصر «الجمهوريون» على حصول الإسرائيليين على الأسلحة التى يحتاجون إليها لمحاربة «حماس»، حتى «تحقيق الانتصار».
دييف دى روش: معظم زعماء الحزب الديمقراطى يريدون انسحابه لكن لا سبيل لإجباره
قال دييف دى روش، أستاذ فى مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية بجامعة الدفاع الوطنى فى العاصمة الأمريكية واشنطن، إنه لا أحد يعرف ماذا سيفعل «بايدن»، مشيرًا إلى أن معظم زعماء الحزب الديمقراطى يريدونه أن يتنحى، لكن لا سبيل لإجباره على ذلك.
وأضاف «دى روش»: «محاولة اغتيال ترامب، والطريقة المعتدلة والمقيدة بشكل غير متوقع التى تعامل بها معها بعد حدوثها، ستعزز موقفه. ما يقل قليلًا عن نصف البلاد يكرهه، لكن ما تعرض له يدعم روايته بأن النظام سيفعل كل ما يلزم لإبقائه خارج السلطة».
وواصل الباحث الأمريكى: «قاعدة ترامب تعززت بمحاولة الاغتيال هذه، على عكس قاعدة بايدن»، معتبرًا أن «أمريكا منقسمة بشكل متساوٍ حول ترامب، وترفض بشكل عام بايدن».
وأكمل: «الآن بعد أن بدا بايدن ضعيفًا، فإن الحماس والدعم تجاهه فى الحزب الديمقراطى آخذان فى الانخفاض كثيرًا، لذا فإن القضية الحقيقية هى دونالد ترامب، الذى يبدو قويًا فى الوقت الحالى، ويتمتع بقاعدة راسخة، فى حين يتنقل الديمقراطيون نوعًا ما بحثًا عن مرشح لمنافسته».
واعتبر أن كامالا هاريس هى الخيار الأسهل لتحل محل «بايدن»، خاصة أنه تم تحويل جميع الأموال التى جمعتها حملة «بايدن- هاريس»، التى تصل إلى ٢٣٠ مليون دولار، بسلاسة إلى حملتها.
وتابع: «كما أن القاعدة السوداء للديمقراطيين ستكون غاضبة، إذا جرى تجاوز امرأة سوداء فى الوظيفة التى من المفترض أنها كانت مستعدة لها لمدة ٤ سنوات، لذا يبدو أن هاريس هى البديل الوحيد لبايدن».
مخلص مخلص: هيلارى كلينتون فى الصورة.. وحاكم كاليفورنيا من بين المرشحين
اعتبر مخلص مخلص، رئيس شركة «ميج» للاستشارات الاستراتيجية، مستشار الشئون الخارجية والأمن القومى فى واشنطن، أنه حتى الآن، لا توجد معلومات مؤكدة تشير إلى أن «بايدن» يفكر فى الانسحاب من السباق الانتخابى. لكن هناك مخاوف لدى بعض أعضاء الحزب الديمقراطى بشأن فرص نجاحه فى الانتخابات.
وأضاف «مخلص»: «محاولة اغتيال ترامب أدت إلى زيادة الدعم العام للرئيس السابق دونالد ترامب، بعد تحول ملحوظ فى التعاطف معه من قبل نسبة عالية من الناخبين، خاصة مع رفض الأمريكيين بشكل عام أى عمل من أعمال العنف أو الكراهية بدافع المنافسة السياسية».
وواصل: «المحاولات الأخيرة للنيل من شخصية الرئيس ترامب وسمعته، سواء من خلال الوسائل الشخصية أو السياسية أو القانونية أو الاقتصادية، وما تلاها من محاولة الاغتيال، تظهر بوضوح مخاوف معارضيه بشأن شعبيته المتزايدة، وتكشف عن تخوف خصومه من توسع قاعدة دعمه، واحتمال تفكك الأساس الذى يعتمد عليه الحزب الديمقراطى».
وعن المناظرة بين «بايدن» و«ترامب»، قال الباحث الأمريكى: «اتسمت بعدم التوازن، فقد أظهر الرئيس ترامب فهمًا قويًا للديناميكيات السياسية الداخلية، ولبوصلة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ونهجًا سياسيًا وإداريًا واضحًا لمعالجة العديد من الموضوعات الحساسة للغاية على المستويين المحلى والدولى، ما أظهر قدرته على مواجهة التحديات على المستويين المحلى والدولى، إلى جانب التركيز على التضخم، وأزمة الحدود الجنوبية، والهجرة، والحرب فى أوكرانيا، والعمليات العسكرية فى غزة».
وأضاف: «على النقيض من ذلك، بدا أن الرئيس بايدن يعتمد بشكل كبير على الشعارات والطموحات المتكررة، ويفتقر إلى خارطة طريق محددة بوضوح للنهج الاستراتيجى لإدارته. وغياب إطار واضح يحدد مجالات التركيز والخطوات الواجب اتخاذها يثير المخاوف بشأن إمكانية تحقيق نتائج واعدة للشعب الأمريكى».
وواصل: «من الواضح أن الأداء البطىء لإدارة بايدن- هاريس فى التعامل مع جائحة كورونا، والاقتصاد المضطرب، والتورط فى الصراع الأوكرانى، وعدم القدرة على الحفاظ على التحالفات الاستراتيجية والمصالح الإقليمية والدولية المشتركة، ستؤثر بشكل كبير على توجهات الناخبين الأمريكيين فى الانتخابات المقبلة».
وأكد وجود تكهنات حول إمكانية انسحاب «بايدن» من الانتخابات، وهو الموضوع الذى يتم تداوله على نطاق واسع فى الأوساط السياسية الأمريكية، مضيفًا: «من المهم هنا الإشارة إلى أن الحزب الديمقراطى لديه عدة مرشحين، إلى جانب الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس، من بينهم جافين نيوسوم، الحاكم الحالى لولاية كاليفورنيا، وميشيل أوباما، وربما هيلارى كلينتون، باعتبارهم قادرين على تحدى مرشح قوى وشعبى مثل الرئيس السابق دونالد ترامب».
وعن إمكانية فوز أى من هؤلاء المرشحين على «ترامب»، قال «مخلص»: «الأمر يتوقف على قدرات هذا المرشح، فضلًا عن مصداقية وتأثير رسالته الانتخابية على عامة الناس. وفى الوقت الحالى، لم يقدم الحزب الديمقراطى مرشحًا بارزًا ليحل محل بايدن، أو يتحدى منصب ترامب فى السلطة».
ورأى أن السيناريو الوحيد الذى يمكن أن تلعبه نائبة الرئيس هاريس هو رئاسة مؤقتة فى حال تخلى الرئيس «بايدن» عن السلطة بسبب ظروف صحية معينة، مضيفًا: «لكنى شخصيًا لا أرى أن السيدة هاريس قادرة على تحمل مسئولية بهذا الحجم، خاصة فى فترة تشهد خلالها البلاد تحديات كبيرة».
إيرنيا تسوكرمان: كامالا هاريس «سيئة».. وجافين نيوسوم «فاشل»
قالت إيرنيا تسوكرمان، الباحثة الأمريكية الخبيرة الأمنية، إن «بايدن» يرفض حتى الآن جميع اقتراحات الانسحاب من السباق، لكن يمكن اتخاذ قرار ضد إرادته، خلال مؤتمر ديمقراطى يُعقد فى أغسطس المقبل.
وأضافت: «هذا لن يترك للديمقراطيين سوى القليل من الوقت لتغيير الأسماء فى بطاقات الاقتراع، والدعاية للمرشح الجديد، أو إعداده لعملية انتقالية محتملة»، مؤكدة أن «بايدن» يواجه ضغوطًا قوية من داخل الحزب للانسحاب، ما يجعله يبدو سيئًا وضعيفًا. واتفقت حول تعزيز محاولة الاغتيال فرص «ترامب» فى الفوز بالسباق، لمساهمتها فى زيادة دعمه بين «الجمهوريين»، وجعله يبدو أقوى بين المستقلين غير الملتزمين، وبالتالى إمكانية أن يحصد أصواتًا إضافية فى المناطق المتأرجحة الرئيسية، ما يُحدث فرقًا مهمًا فى انتخابات متقاربة. وتابعت: «على النقيض من ذلك، يمكن أن تأتى محاولة الاغتيال بنتائج عكسية على بايدن، بسبب اتهامات الجمهوريين بأن خطابه المناهض لترامب خلق المزيد من احتمالات العنف، وكذلك الخلافات المختلفة حول الإخفاقات الأمنية فى الخدمة السرية، وعدم كفاية الميزانية، وضعف التعامل مع ملف إيران، التى هددت باغتيال ترامب قبل وقت قصير من المحاولة»، معتبرة أن «بايدن فى موقف دفاعى بالفعل فيما يتعلق بقدرته العقلية وسجله السياسى، لذا فإن هذا الحادث يخلق مشكلة إضافية بالنسبة له». واستكملت: «جعلت محاولة الاغتيال ترامب يبدو أقوى من حيث الصورة الأيقونية له، وهو يرفع قبضته وهو مغطى بالدماء، بينما خرج بايدن محاولًا أن يكون تصالحيًا، لكنه بدا غير أمين بعد الهجمات الساخنة الأخيرة على ترامب».
وفيما يتعلق بالمناظرة، قالت الخبيرة الأمنية الأمريكية: «ترامب ظهر على أنه أكثر عقلانية من المعتاد، ما خلق انطباعًا معتدلًا بشكل مدهش، فى حين أن نسيان بايدن وتردده خلق حالة من الذعر بين الديمقراطيين، بشأن قدرته على الفوز على ترامب، وكذلك بين معظم الناس». وتطرقت إلى إصابة «بايدن» بفيروس «كورونا»، قائلة: «لا يُحدث تشخيص فيروس كورونا فرقًا كبيرًا، لكن قرار بايدن بإلغاء حدث سياسى تشتد الحاجة إليه فى ضوء الأعراض الخفيفة، يجعله يبدو ضعيفًا وخائفًا، مع استعادة ترامب اهتمام الجمهور فى المقابل، بفضل محاولة الاغتيال». ورأت أن المرشح الجديد يجب أن يكون شخصًا يتمتع بخبرة سياسية أفضل من «بايدن»، وقادرًا على تحدى «ترامب»، وماهرًا بما يكفى لجذب جزء على الأقل من المعتدلين، والاستعداد لمواجهة «ترامب» الذى حصل للتو على دفعة وشعبية فى وقت قصير جدًا. وأضافت: «لا يمكن أن يكون شخص لديه سجل من الفشل العام، مثل جافين نيوسوم فى كاليفورنيا، أفضل فرصة للديمقراطيين للفوز على ترامب»، معتبرة أنه «من الناحية النظرية، تعد كامالا هاريس فى وضع أفضل لتولى المسئولية بعد بايدن، نظرًا لخبرتها كنائبة له لمدة ٤ سنوات، ووجودها فى الاقتراع بالفعل، وتنفيذها حملات انتخابية طوال الوقت». واستدركت: «لكن كامالا لا تحظى بشعبية كبيرة، ولديها سجل سيئ وتوترات مع بايدن والعديد داخل الحزب، ومن غير المرجح أن يظهر أى مستوى من الاستعداد لهذا المنصب لديها، سواء فى مناظرة مستقبلية مع ترامب أو بشكل عام، ومن المحتمل أن يكون أداؤها فى الانتخابات أسوأ من أداء بايدن فى ولايته الحالية».