العملية والشبح
إسرائيل لا تيأس، والرجل الذى نجا من ٧ محاولات اغتيال لا يزال يثبت أنه «شبح»، لكن الحظ قد يلعب عددًا محدودًا فقط من المرات، لم يعد هناك أمل لكبار مسئولى حماس، السنوار نفسه يعيش الوقت بدل الضائع، لكن بالنسبة لـ«محمد الضيف» فإن هناك ضرورة فى إسرائيل للقضاء عليه، لما يتمتع به من قدرة فريدة على التهرب من محاولات الاغتيال فى الماضى، هذا فضلًا عن الثأر الطويل.
فى الماضى، نجحت إسرائيل فى تصفية العديد من قادة حماس، بما فى ذلك الشيخ أحمد ياسين، وعبدالعزيز الرنتيسى، وصلاح مصطفى محمد شحادة، وآخرون، كما تمت تصفية صالح العارورى ومروان عيسى بعد ٧ أكتوبر، والحقيقة أيضًا أن حماس نجحت فى استبدال هؤلاء القادة بقادة آخرين.
اغتيال الضيف لم يتأكد، وأصبحت العملية مجرد رقم فى محاولات اغتياله، رغم أنه بعد ساعات من العملية حاول الجيش الإسرائيلى والشاباك إظهار الأمر وكأن «الضيف» قد مات، وبالفعل تسرب بعض التفاصيل بأن الضيف كان موجودًا فى موقع الهجوم، والحجم الكبير للذخيرة الذى استخدم لن يسمح له بالبقاء على قيد الحياة.
كما كانت هناك آراء إسرائيلية مفادها أن الضيف خرج من الأنفاق للحصول على قسط من الراحة، لأنه بسبب المشاكل الصحية التى يعانى منها «فقد عين وذراع ورجل» لا يمكنه البقاء داخل الأنفاق لفترة طويلة، فيما رآى آخرون أن مفاوضات الرهائن منحته مستوى مؤقتًا معينًا من الحصانة، ما جعله يتصرف بحرية أكبر.
رغم أن التغطية الاستخباراتية البصرية للمشهد قبل وأثناء وبعد الضربة، لم يكن فيها ما يشير إلى أن «الضيف» قد غادر النفق، لكن أيضًا لم يعثر أحد على جثته، ومن غير الواضح ما إذا كانت قنبلة كبيرة بهذا الحجم، وهذا العدد الكبير من الفلسطينيين الذين قتلوا، ستشكل فرصة للعثور على جثة يمكن التعرف عليها.
«الضيف» مثله مثل «السنوار»، فكرة القضاء عليه هى ضمن أهداف هذه الحرب، وفكرة أن هذه الاغتيالات ضرورية لتكون بمثابة صورة نصر لإسرائيل تعلن بعدها وقف الحرب هى صحيحة، لكن الصورة هكذا غير كاملة، فالأمر أكبر من مجرد صورة نصر.
بالنسبة لإسرائيل فإن تداعيات اغتيال الضيف ستكون مهمة حول مدى التأثير على الحركة، فـ«الضيف» و«السنوار» شكلا معًا ما يشبه «الشركة الرائعة»، وكما الحال فى أى شركة، فعندما يختفى أحد الطرفين عن المشهد، يحتاج الشريك المتبقى إلى وقت للتعافى، وتعلم كيفية التنقل بشكل مستقل تمامًا، دون التشاور فى القرارات المهمة، ما يضاعف من ثقل المسئولية. ويمكن الافتراض أنه وسط الضغوط المصرية والقطرية والدولية كان من الأسهل على الطرفين الوقوف معًا، ولكن سيكون صعبًا فى حال وجود شخص واحد فقط، ما يجعل المفاوضات أسهل بالنسبة لإسرائيل.
عمليات الاغتيال المستهدفة، أيضًا، ستؤثر على نشاط حماس الذى تحول إلى نمط حرب العصابات الجديد فى الأشهر الأخيرة ضد الجيش الإسرائيلى، فبدون قيادة منظمة وفعّالة، فإن حتى مقاتل حرب العصابات الماهر لن يصمد لوقت طويل، كما أنه حسب التوقعات فإن محمد السنوار، شقيق يحيى السنوار، سوف يتولى القيادة إذا اغتيل الضيف وهو لا يُنظر له على أنه موهوب مثل الضيف أو شقيقه، ولهذا فإن اغتيال الضيف أو السنوار بالنسبة لإسرائيل أكبر من مجرد صورة نصر فى الحرب.