رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكهرباء بين الاستهلاك والترشيد

منذ أن شاركت فى بعض جلسات المؤتمر الخاص بالتغيرات المناخية الذى عقد بمدينة شرم الشيخ العام الماضى، وأنا أتوقع بالفعل أن مصر شأنها شأن باقى دول العالم سوف تتعرض لأجواء مناخية مختلفة عن تلك التى عشناها منذ عشرات السنين.. وها نحن اليوم نعيش خلال فصل الصيف هذا العام فى أجواء ودرجات حرارة غير مسبوقة فى معدلات ارتفاعها بالشكل الذى جعلنا نستخدم أى وسيلة من وسائل تلطيف الأجواء سواء باستخدام أجهزة التكييف أو المراوح وأقل تقدير قضاء فترات الليل فى المقاهى أو المتنزهات المختلفة لعلنا نجد نسمة هواء هنا أو هناك، وبطبيعة الحال فإن تلك الأماكن تكون مضاءة بشكل مبالغ فيه لجذب أكبر عدد من الرواد.
يأتى هذا فى الوقت الذى قلت فيه نسبة الغاز والوقود اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية وهو الأمر الذى أدى إلى قيام الحكومة باستيراد كميات كبيرة منهما خاصة على ضوء أن احتياج المواطن إلى الكهرباء خلال فصل الصيف فى تزايد مستمر.. وكان الحل أمام الحكومة إما تخفيف الأحمال الكهربائية وقطع الكهرباء لفترات متباعدة أو زيادة قيمة فواتير الكهرباء وهو الأمر الذى رفضه الرئيس عبدالفتاح السيسى تخفيفًا عن كاهل المواطن على أمل حل الأزمة فى أقرب فرصة.
وها هى الحكومة اليوم تعلن عن إيقاف خطة تخفيف الأحمال الكهربائية اعتبارًا من يوم الأحد 21 يوليو حتى منتصف شهر سبتمبر المقبل، وذلك تفهمًا لمطالب المواطنين وعملًا على راحتهم.. وهذا القرار يجب أن نقابله نحن أيضًا بصورة إيجابية تفهمًا للظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد وتقديرًا لما سوف تتحمله الدولة من استيراد كميات هائلة من الغاز والوقود لسد احتياجاتنا من الكهرباء والتى بلغت حسبما جاء فى تصريحات المتحدث باسم مجلس الوزراء بمليار ومائتى مليون دولار.
وحسنًا ما قامت به وزارة الكهرباء والطاقة حاليًا من إعلان تعليمات إرشادية على كل وسائل الإعلام بأسلوب مبسط وشيق لترشيد استهلاك الكهرباء من تلقاء أنفسنا لنساعد الدولة على تخطى تلك المرحلة.
وترشيد استخدام الكهرباء يعنى اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتصرفات فى منازلنا وأماكن عملنا تؤدى إلى خفض استهلاك الطاقة وعدم استخدامها إلا عند الحاجة الحقيقية لها، وكذلك للحفاظ على موارد الطاقة الأصلية الواردة لنا فهى تمثل أحد أضلاع الحياة مع الماء الذى يجب أيضًا أن نعمل على ترشيد استهلاكه خلال تلك الفترة.. ومن هنا فإن استخدام الكهرباء والماء يجب أن يتم بطريقة حكيمة بعيدًا عن التبذير وبشكل معتدل لتجنب التأثيرات الناتجة عن توليدها أو الحصول عليها.
لقد أنفقت الدولة الكثير لتأمين الطاقة الكهربائية لنا ومن هنا فإنه لزامًا علينا أن نعمل على ترشيد استهلاكها مع الوضع فى الاعتبار أن هذا الترشيد هو مسئولية المجتمع ككل وليس فردًا بعينه، كما أن الحفاظ على تلك النعمة يمثل واجبًا دينيًا يحث عليه ديننا الحنيف وأن المساهمة بالاقتصاد فى استخدام الكهرباء يمثل دليل وعى وتحضر والدليل على ذلك أن أكثر الدول تقدمًا أكثرها ترشيدًا لاستخدام الكهرباء.
إننا اليوم أمام واجب وطنى جديد عنوانه "ترشيد استخدام الكهرباء"، وهو واجب يحتم علينا اتخاذ العديد من الإجراءات فى حياتنا اليومية وفى استخدامنا للأجهزة الكهربائية التى نستخدمها خلال اليوم مثل الغسالات والثلاجات والتكييفات وسخانات المياه الكهربائية والمكواة الكهربائية والإضاءة.. وأعتقد أننا جميعًا نعلم أو يجب أن نعلم كيف يمكن ترشيد استخدام تلك الأجهزة وعدم الغلو فى ذلك واتباع الإجراءات اللازمة لتحقيق القدر الأكبر من الاستخدام الأمثل سواء بالنسبة لنا أو لحكومتنا.. ولن أكون مبالغًا عندما أقول إن ذلك فرض عين يجب أن نلتزم به أمام أنفسنا وأمام ضميرنا لمصلحة وطننا.