التخارج الحكومى وتشجيع القطاع الخاص.. تجارب دولية ناجحة
كانت الحكومات في معظم الأوقات، خاصة في الدول النامية، مَن يدير الاقتصاد ويمتلك المشروعات والقطاعات المهمة، لكن من التطور البشري والتقدم المستمر بات القطاع الخاص يلعب دورا مهما، بل الأكبر في قيادة الاقتصاد، خاصة في الدول الغربية التي اتبعت النموذج الليبرالي.
وأثار الحديث عن دور القطاع الخاص في قيادة الاقتصادات حول العالم اهتمام مؤسسات التمويل الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤسسات التمويل الأخرى التي تدعو الحكومات لدعم القطاع الخاص وتشجيعه لدوره الحيوي في قيادة عمليات التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد.
الحروب والأزمات تُظهر أهمية القطاع الخاص
وانتشرت عمليات الخصصة وتشجيع القطاع الخاص ودعم التخارج الحكومي بشكل أكبر بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945، حيث عانت أوروبا والعالم من الأزمات التي عصفت بالاقتصاد جراء الحروب، ونجحت رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجرت تاتشر في خمسينيات القرن الماضي في قيادة هذا التوجه رغم الانتقادات، لكن نجاح التجربة دفع الجميع لدعمها وسير معظم دول أوروبا على النهج ذاته.
ولم تكن أوروبا وحدها، بل كان لآسيا نصيب من هذا التوجه ونجاح هذه التجربة، فقد كان من بين الدول الصاعدة في هذا المجال دولة سنغافورة إحدى النمور الآسيوية التي نجحت خلال سنوات قليلة في تصدر قوائم الدول الصاعدة والغنية، بعد خروج الحكومة من بعض المشروعات لصالح القطاع الخاص والسماح له بالمشاركة فيه، الأمر الذي أسهم في زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي بخلاف تشجيع الاستثمار المحلي.
ومع بداية هذه التجربة عام 1965 لم تلبث سوى سنوات لتتصدر مؤشرات التنمية، فقد أظهر تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية عام ٢٠١٩، تصدر سنغافورة المرتبة الرابعة عالميا في تلقي الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تطوير القطاع الخاص في الدول الكبرى والثرية
وحتى الصين التي كانت تتبنى الاشتراكية بشكل كبير، اتجهت نحو دعم القطاع الخاص وخصخصة الكثير من المشروعات والقطاعات؛ لتكون اليوم من أكبر الجاذبين للاسثتمار الأجنبي المباشر بخلاف الاستثمار المحلي، فخلال العامين 2015 و2016 جذب الصين أكثر من 320 مليار دولار من عمليات الخصخصة والطروحات الحكومية.
كذلك دول الخليج العربي الثرية، تشجع بشكل أكبر دعم القطاع الخاص وطرح جزء من المشروعات والشركات الحكومية النجاحة أمام القطاع الخاص مثل طرح المملكة العربية السعودية بعضا من أسهم شركة أرامكو النفطية العملاقة في البورصة، حيث تقدر قيمة الشركة بحوالي تريليون دولار وذلك لدعم عمليات الاستدامة وتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتشجيع القطاع الخاص.