كيف تؤثر الصحة العقلية على عادات الأكل
تؤثر الصحة العقلية بشكل كبير على عادات الأكل، حيث يؤدي التوتر والقلق والاكتئاب غالبًا إلى أنماط غير صحية مثل الأكل العاطفي أو فقدان الشهية، وعلى العكس من ذلك، يلعب النظام الغذائي والتغذية دورًا مهمًا في الصحة العقلية، حيث يمكن لبعض العناصر الغذائية أن تؤثر على تنظيم الحالة المزاجية والوظيفة الإدراكية.
في مقابلة مع HT Lifestyle، أوضح الدكتور جوراف جوبتا، طبيب نفسي، "لقد ارتبطت المستويات غير الكافية من العناصر الغذائية الأساسية مثل أحماض أوميجا 3 الدهنية وفيتامينات ب بزيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي سلوكيات الأكل غير المنتظمة مثل الإفراط في تناول الطعام أو القيود الغذائية الصارمة إلى تفاقم حالات الصحة العقلية الموجودة أو المساهمة في ظهور حالات جديدة. وهذا يؤسس لعلاقة متبادلة بين الصحة العقلية والاختيارات الغذائية، حيث يؤثر كل جانب على الآخر ويديمه".
وأوضح أن "معالجة هذا التفاعل المعقد يتطلب نهجًا شاملًا يأخذ في الاعتبار العوامل النفسية والفسيولوجية. وتهدف التدخلات التكاملية، بما في ذلك العلاج وممارسات اليقظة والاستشارات الغذائية، إلى تعزيز العلاقة المتوازنة بين العقل والجسد، وتعزيز ليس فقط الصحة البدنية ولكن أيضًا الرفاهية العاطفية. ومن خلال إدراك ورعاية هذا الارتباط، يمكن للأفراد تنمية عادات الأكل الصحية وتحسين صحتهم العقلية بشكل عام".
تقول نيتاشا سينغ بالي، أخصائية علم النفس "إن الاتصال بين العقل والجسد يشبه الرقص بين شريكين، حيث يقود العقل المشاعر والأفكار، ويستجيب الجسم بالأحاسيس والأفعال الجسدية. وكما يرشد الراقص الماهر شريكه من خلال حركات معقدة، يؤثر العقل على حالاتنا العاطفية وسلوكياتنا، ويشكل استجاباتنا للتوتر والقلق والمحفزات الأخرى. وفي المقابل، تعكس صحتنا الجسدية، التي يمثلها الجسم، هذه الحالات العقلية، مع تخفيف التوتر في لحظات الهدوء والشد في أوقات الضيق".
وبحسب ما ذكرته، فإن التغذية تعمل كالموسيقى لهذه الرقصة، وتضبط نغمة صحتنا وحيويتنا بشكل عام. وقالت نيتاشا سينغ بالي: "إن العلاقة بين العقل والجسد هي علاقة معقدة بين الصحة العقلية والجسدية حيث يؤثر كل منهما على الآخر بشكل عميق. ويمكن ملاحظة هذا التفاعل من خلال النظر إلى عاداتنا الغذائية وصحتنا العقلية. وفي هذا التفاعل، تحكم حالاتنا العاطفية ما نأكله وعلى العكس من ذلك، يمكن أن يكون لما نأكله تأثير على صحتنا العقلية".
وأكدت أن "عادات الأكل تتأثر بشدة بالصحة العقلية. فالقلق والاكتئاب وحتى المواقف العصيبة يمكن أن تؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام أو نقصه. على سبيل المثال، يعمل الميل إلى الرغبة الشديدة في تناول أطعمة معينة في المواقف العصيبة كآلية للتكيف مع الاضطرابات العاطفية الكامنة. وفي الاكتئاب، يُلاحظ فقدان الشهية بشكل شائع. ومن الضروري أيضًا إدراك أن الأفراد قد يعانون أيضًا من العكس، حيث قد يكون هناك تناول مفرط للطعام. وبالمثل، يمكن أن تؤثر اختياراتنا الغذائية على صحتنا العقلية".
وكشف خبير الصحة العقلية، "إن الطعام الذي نتناوله هو الوقود الذي يتلقاه دماغنا، وإذا كان النظام الغذائي يحتوي على نسبة عالية من السكر أو غيره من الأطعمة المصنعة والمكررة ومنخفضة العناصر الغذائية، فقد يؤدي ذلك إلى نقص العناصر الغذائية مما يزيد من قابلية الإصابة باضطرابات الصحة العقلية. وعلى الرغم من تجاهله لبعض الوقت، فإن الأبحاث الناشئة تلقي الضوء على العلاقة بين الدماغ والأمعاء ودورها المحوري في الحفاظ على الصحة العقلية. إن الارتباط بين صحتنا العقلية والاختيارات الغذائية يعيد إرساء الارتباط الذي لا ينفصم بين صحتنا النفسية والفسيولوجية. ومن خلال اتخاذ خيارات نظيفة والوعي بخياراتنا، يمكن الحفاظ على الرفاهية".