العلاقات التاريخية بين مصر والسودان ودورها في حل الأزمة وإنهاء الصراع
تاريخ العلاقات المصرية السودانية يمتد بعمق في الزمن، حيث يرتكز على ماضٍ مشترك بين البلدين منذ عام 1820، عندما كانتا جزءًا واحدًا من نفس الوطن، حاملتين مستقبلًا واحدًا. حتى بعد استقلال السودان عام 1956، استمرت العلاقات بينهما بأطيافها المتعددة عبر الأزمنة، مما أدى إلى اندماج عميق بين شعبيهما العربيين.
في العصر الحديث، شهدت مصر والسودان إطلاق عهد جديد. في عام 2004، تم التوقيع على "اتفاقية الحريات الأربع" التي رسخت حرية التنقل والإقامة والعمل والتملك بين البلدين.
سياسة مصرية تسعى لتعزيز العلاقات
مع ثورة 30 يونيو عام 2013 وفوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بالرئاسة في 2014، شهدت العلاقات بين البلدين زيارات رفيعة المستوى غير مسبوقة، حيث تسعى السياسة المصرية إلى تعزيز علاقات خاصة وتفاهم عميق مع السودان الشقيق. تم تطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة وتحقيق نقلة نوعية في مختلف المجالات. السودان يعد الدولة الوحيدة التي تمتلك قنصلية في أسوان، مما يعكس ازدهار التبادل التجاري بين البلدين.
زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السودان تعد دليلًا قاطعًا على عمق وتأصيل العلاقات المصرية السودانية.
حيث قام الرئيس السيسي بجعل السودان هي وجهته الخارجية الأولى بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية، ما يعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها مصر للعلاقات مع السودان الشقيق. وقد سبقت هذه الزيارات زيارة الرئيس السابق عمر البشير لمصر في أكتوبر 2014، ومشاركته في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري بشرم الشيخ في مارس 2015، مما يعزز التبادل الثقافي والسياسي بين البلدين.
العلاقات بين مصر والسودان تُصف بأنها أزلية ومتشعبة في مختلف الجوانب والمجالات، حيث يشكل نهر النيل عمودًا فقريًا للتعاون بين البلدين، ومرتكزًا قويًا يدعم العديد من المشروعات المشتركة. يتجلى هذا الارتباط أيضًا في الصلات القوية والمصاهرة بين أهالي أسوان والسودان.
التضامن المصري مع السودان
مصر تؤكد دائمًا على عمق علاقات الأخوة والتضامن مع السودان، معتبرة هذه العلاقات إستراتيجية بالغة الأهمية على كافة المستويات. تُظهر زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى السودان التبادل المستمر والمتكرر بين البلدين على فترات متقاربة. فبعد انتخابه رئيسًا للجمهورية عام 2014، قام الرئيس السيسي بزيارة إلى السودان كجزء من جولة شملت ثلاث دول، وأعقب ذلك زيارة جديدة بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 2018، حيث اختار السودان لتكون أول محطة في جولته الخارجية.
هذه الزيارات تعكس التزام مصر الدائم بتعزيز التعاون والتنسيق مع السودان، وتعزيز الروابط الثقافية والسياسية بين الشعبين الشقيقين.
الدور المصري فى الأزمة السودانية
الدولة المصرية قامت قبل نحو 9 أشهر بتفعيل مؤسساتها لمواجهة الأزمة في السودان، حيث قادت وزارة الخارجية جهودًا دبلوماسية بقيادة الوزير سامح شكري، تعبر عن ريادة القاهرة ودورها الإقليمي المعتاد في القارة الأفريقية. تمسكت مصر بمبادرتها "اسكات البنادق" التي تبنتها في فبراير عام 2019، بهدف إنهاء النزاعات والحروب على القارة.
بالنظر إلى أهمية استقرار السودان والمنطقة الإفريقية بشكل عام للأمن القومي المصري، تواصلت الجهود المصرية لاحتواء الأزمة وتفادي الانزلاق نحو الصراعات الأهلية المدمرة.
وفي هذا السياق، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي الأطراف السودانية إلى التفاوض والتوافق الوطني، والتركيز على المصالح العليا للشعب السوداني الشقيق.
وتتضمن رؤية مصر لحل الأزمة في السودان السعي لوقف شامل ومستدام لإطلاق النار، والعمل على حفظ مؤسسات الدولة الوطنية السودانية. كما تؤكد مصر على احترامها لإرادة الشعب السوداني وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، مع عدم السماح بالتدخلات الخارجية التي تزيد من تعقيدات الأزمة.
اجتماعات وقمم مختلفة لحل الأزمة
في السياق الإقليمي، استضافت القاهرة قمة دول جوار السودان في 13 يوليو الماضي، لبحث وسبل حل الأزمة والحد من التداعيات السلبية على الدول المجاورة، بمشاركة دول الجوار وضمان التوازن والسلام الإقليميين. يعكس هذا التعاون الوثيق إرادة مصر في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها، وحماية الشعب السوداني من آثار الصراعات المؤذية.
وفى سبتمبر 2023 عُقد الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان، بمقر البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة بنيويورك واتفق وزراء الخارجية على استمرار التنسيق والتواصل، وعقد الاجتماع الوزاري الثالث لوزراء خارجية دول جوار السودان فى القاهرة في تاريخ قريب يتم الاتفاق عليه من خلال القنوات الدبلوماسية لتقييم ما تم إنجازه في سبيل تنفيذ بنود خارطة الطريق.