مسعود بزشكيان.. ملفات معقدة أمام الإصلاحي الذى فاز برئاسة إيران
فاز المرشح الإصلاحى مسعود بزشكيان فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، متفوقًا على المتشدد سعيد جليلى، ووعد بالتواصل مع الغرب وتخفيف تطبيق قانون الحجاب فى البلاد بعد سنوات من العقوبات والاحتجاجات التى أثرت على الجمهورية الإسلامية.
أشارت نتائج فرز الأصوات التى قدمتها السلطات إلى فوز «بزشكيان» بحصوله على ١٦.٣ مليون صوت، مقابل ١٣.٥ مليون صوت لجليلى.
وقال المرشد الإيرانى على خامنئى، فى بيان، إن الانتخابات الرئاسية «حرة وشفافة»، ونصح الرئيس المنتخب بمواصلة نهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسى بـ«الموارد البشرية الشابة والثورية والمؤمنة». وأضاف أن المرشحين وداعميهم يشتركون فى «ثواب» مواجهة دعوات مقاطعة الانتخابات.
وحث «بزشكيان» الإيرانيين على التمسك به فى «الطريق الصعب أمامه»، بعد فوزه على منافسه المحافظ سعيد جليلى فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
وتعهد بزشكيان، وهو جراح قلب يبلغ من العمر ٦٩ عامًا، بتعزيز سياسة خارجية عملية وتخفيف التوترات بشأن المفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووى لعام ٢٠١٥، وتحسين آفاق التحرير الاجتماعى والتعددية السياسية.
وقال الرئيس الجديد، فى منشور على منصة التواصل الاجتماعى «إكس»: «عزيزى الشعب الإيرانى، انتهت الانتخابات، وهذه مجرد بداية لعملنا معًا. أمامنا طريق صعب، ولا يمكن أن يكون سلسًا إلا بتعاونكم وتعاطفكم وثقتكم». وأضاف: «أمد يدى إليكم، وأقسم بشرفى أننى لن أتخلى عنكم فى هذا الطريق. لا تتركونى».
وبلغت نسبة المشاركة فى تصويت الجمعة نحو ٥٠٪، بعد أن كانت نسبة المشاركة منخفضة تاريخيًا فى الجولة الأولى من الاقتراع فى ٢٨ يونيو، عندما امتنع أكثر من ٦٠٪ من الناخبين الإيرانيين عن التصويت.
وتمت الدعوة لإجراء الانتخابات بعد مقتل الرئيس إبراهيم رئيسى فى حادث تحطم طائرة هليكوبتر فى مايو الماضى.
وتمكن «بزشكيان» من الفوز بقاعدة انتخابية يعتقد أن معظمها يتألف من الطبقة المتوسطة الحضرية والشباب، التى أصيبت بخيبة أمل واسعة النطاق السنوات الماضية.
وأظهرت مقاطع فيديو، نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعى، أنصاره وهم يرقصون فى شوارع العديد من المدن والبلدات فى جميع أنحاء البلاد، بينما أطلق سائقو السيارات أبواق السيارات احتفالًا بانتصاره.
من جهتها، قالت صحيفة «تليجراف» البريطانية، إن أهداف «بزشكيان» قد تواجه تحديات وعقبات على المستويين الداخلى والخارجى، موضحة أن «بزشكيان تعهد بإنعاش الاقتصاد المتعثر، الذى يعانى سوء الإدارة والفساد الحكومى والعقوبات الأمريكية، وبفتح إيران على العالم الخارجى وتوفير الحريات التى طال انتظارها لشعبها».
وأضافت أن «بزشكيان قد يعزز سياسة خارجية عملية، ويخفف التوترات بشأن المفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووى لعام ٢٠١٥، ويحسن آفاق التحرير الاجتماعى والتعددية السياسية. ومع ذلك، فإن العديد من الناخبين يشككون فى قدرة الرئيس على الوفاء بوعوده الانتخابية، حيث صرّح علنًا بأنه لا ينوى مواجهة نخبة السلطة فى إيران من رجال الدين والصقور الأمنيين».
وأشارت الصحيفة إلى أن «أهداف بزشكيان المتواضعة ستواجه تحديات من قبل الحكومة الإيرانية، التى لا يزال يسيطر عليها المتشددون إلى حد كبير، والحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس فى قطاع غزة، والمخاوف الغربية من قيام طهران بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات تقترب من درجة تصنيع الأسلحة».
ورأت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الأمريكية، أن فوز المرشح الإصلاحى يبشر بتخفيف حدة المواجهة بين إيران والدول الغربية، رغم أنه قد يواجه معركة شاقة لإحداث تغيير فى النظام.
وأوضحت الصحيفة أن الشعب الإيرانى أقبل بأعداد أكبر مما كانت عليه فى الانتخابات السابقة لانتخاب المرشح الإصلاحى، الذى خاض الانتخابات على أساس برنامج إعادة الارتباط مع الغرب وتخفيف القواعد الأخلاقية الصارمة فى البلاد، مشيرة إلى أن الخوف من وجود بديل متشدد كان سببًا فى ارتفاع نسبة الإقبال على التصويت للمرشح الذى تعهد بكبح جماح شرطة الأخلاق واستئناف المحادثات النووية.
وأشارت إلى أنه بعد فوزه، سيتعين الآن على «بزشكيان» أن يعمل فى المسرح الغادر للسياسة الإيرانية لإدارة الاقتصاد المنهك، والسكان الساخطين بشكل متزايد الذين اندلعت احتجاجاتهم مرارًا وتكرارًا على مدى العقد الماضى.
ووفقًا للصحيفة، يمكن أن يبشر فوزه بتخفيف حدة المواجهة بين البلاد والغرب، وهى المواجهة التى تعهد منافسه بزيادة حدتها، لكن «بزشكيان» يواجه معركة شاقة لإحداث تغيير فى نظام تهيمن عليه المؤسسات المحافظة، بما فى ذلك القضاء والجيش وكبار المسئولين وصولًا للمرشد الأعلى.
وأوضحت أنه عندما كان «بزشكيان» وزيرًا للصحة فى عهد الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى، بين عامى ٢٠٠١ و٢٠٠٥، رأى بنفسه كيف يمكن للمتشددين عرقلة محاولات التغيير، موضحة أن «بزشكيان» نفسه تجنب بعناية تجاوز الخطوط الحمراء للنظام، فهو لم يدعُ إلى إنهاء الحجاب الإلزامى، وظهر فى المسيرات مع ابنته التى ترتدى الحجاب.
وخلال الحملة، تعهد بحماس بالولاء للنظام السياسى، حيث ارتدى ذات مرة الزى الأخضر للحرس الثورى الإسلامى، القوة العسكرية المكلفة بالدفاع عن النظام، وأشاد بالقائد قاسم سليمانى، الذى قُتل فى غارة أمريكية عام ٢٠٢٠.