مطالب عديدة.. من الوزارة الجديدة (1)
بشرة خير، بمقدم الوزارة الجديدة، وصول أول شحنة من الغاز المُسال، لإمدادها في الشبكة القومية للطاقة، لدعم احتياجات البلاد من الغاز والكهرباء، استعدادًا، مع أول الأسبوع الثالث في الشهر الجارى، لانضباط إمدادات الكهرباء وعدم انقطاعها عن المواطنين، في إطار واحد وعشرين شحنة من الغاز، تصل مصر خلال فصل الصيف، بالإضافة إلى شحنات أخرى من المازوت، للقضاء على مشكلة تخفيف الأحمال في البلاد، ومن ثم، عودة المصانع إلى كامل طاقتها الإنتاجية، كما كان العهد قبل حدوث الأزمة.
ولئن كنا قبلنا ـ على مضض ـ من الحكومة السابقة، (أن تأتي متأخرة، خير من أن لا تأتي)، فإنه بإعلان التغييرات الوزارية الجديدة، لم يعد هذا المنطق مقبولًا، وأصبح المنتظر من الوزارات استباق الأزمات بخطوات، والإعداد لمواجهتها مسبقًا أو الحيلولة دون وقوعها، لتعزيز حالة الأمل التي أطلقتها توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، لتخفيف وطأة المعاناة الناجمة عن تداعيات الأزمات الدولية والإقليمية على المواطنين، واستكمال توفير (حياة كريمة) بتنفيذ المبادرات الرئاسية، لمواجهة التضخم، وضبط الأسعار، وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب، والتوسع في رعاية محدودي الدخل، والأسر الأولى بالرعاية، إلى جانب الخدمات الصحية وتطوير التعليم، القضية القومية الأكبر أهمية والأكثر خطورة.
وإذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسى قالها بوضوح، إنه يعلم معاناة المواطن وإن شغله الشاغل هو العمل على تخفيف هذه المعاناة، فإن الحكومة هى المنوط بها التحرك، كل وزير فى ملفه، من أجل تحقيق هذا الهدف، إذا كانت الحكومة الجديدة تريد أن تحظى برضا الشارع.. وهي مطالب مُحددة من حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، فى مقدمتها ضبط الأسواق وخفض الأسعار، وعدم التهاون مع جشع التجار والمحتكرين، وثانيها، التحرك سريعًا فى تنفيذ مخرجات الحوار الوطنى السياسية والاقتصادية، التى يجب أن تكون برنامج عمل للحكومة، لما تتضمنه من حلول حاسمة لملفات تخص المواطن وتحقيق مطالب الإصلاح السياسى والاقتصادى، وثالثها، الاستماع إلى المواطن والحوار معه بشكل مباشر وليس الابتعاد عنه.. ورابعها، العمل على إنهاء الأزمات المرتبطة بالطاقة، مثل انقطاع الكهرباء أو رفع أسعار الخدمات، ما يُقلل العبء على المواطن.
وبادئ ذي بدء، يجب أن يكون الملف الاقتصادى فى صدارة جدول أعمال وبرنامج الحكومة، لانعكاساته المباشرة على المواطن المصري.. وقد سهل الحوار الوطنى الأمر كثيرًا على الحكومة، وقدم توصيات يمكن أن تكون هى أولويات العمل الحكومى الفترة المقبلة، وهذا سيضيف نجاحات مهمة.. لم تتمكن الحكومة السابقة من إدارة الملف الاقتصادى كما ينبغى، وما تحتاجه مصر من الحكومة الجديدة، أن تكون قادرة على جذب الاستثمارات لتوفير الاحتياجات الضرورية التى يحتاجها المواطن المصرى البسيط على قدر الإمكان، في ظل إمكانية الشعب الاستغناء عن الكثير من الأشياء إلا الغذاء.. لقد تحمل الشعب المصري، على مدار السنوات الماضية، نتائج الإصلاح الاقتصادي، والتي ضاعفت حجم الأعباء التي تحملها المواطنون، لذلك فمن الضروري أن يكون إرضاء المواطن علي رأس أولويات الحكومة الجديدة، من خلال تحسين مستوى الخدمات المقدمة إليه، وإعادة الانضباط إلى الأسواق المصرية، والسيطرة علي الأسعار، وكبح جماح التضخم، فضلًا عن الاستمرار في توفير فرص العمل لاستيعاب الشباب، وهو ما يسهم في خفض معدلات البطالة، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.
صحيح، أن الحكومة الجديدة تواجه عددا من التحديات الاقتصادية، باعتبارها الملف الأصعب علي طاولات الحكومة، إلا أنه من المهم الاستمرار في خطة دعم توطين الصناعات، وتشجيع الصناعة المحلية، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتشجيع نمو القطاع الخاص من خلال تعزيز مشاركته في القطاعات الاقتصادية المختلفة، مع ضرورة أن تضع الحكومة الجديدة في اعتبارها التداعيات السلبية للصراعات الإقليمية على الاقتصاد المصري، من أجل صياغة سياسات أكثر مرونة، يمكنها توقع المستقبل والتعامل مع أي أزمات راهنة أو مفاجئة.. كذلك، فإن الحكومة الجديدة مسئولة أيضًا عن الحفاظ علي تماسك الجبهة الداخلية المصرية، والحفاظ علي حالة الزخم السياسي الذي أحدثه الحوار الوطني، مع إعلانها إدراج مخرجات المرحلة الأولي من الحوار ضمن برنامج الحكومة، كخطوة مهمة وبادرة مُبشرة لاستمرار الدولة المصرية في تعزيز المشاركة السياسية، باعتبارها ركيزة مهمة من ركائز بناء الجمهورية الجديدة.. جنبًا إلى جنب، مع ضرورة عمل الحكومة على حماية محددات الأمن القومي المصري، في ظل التحديات الإقليمية والدولية، ووضع بناء الإنسان المصري كأولوية قصوى، لا سيما في مجالات الصحة والتعليم، وتعزيز المشاركة السياسية، والحفاظ علي أمن واستقرار الدولة المصرية، ومكافحة الإرهاب، وطوير الثقافة والوعي الوطني وتعزيز الخطاب الديني المعتدل، لترسيخ مفاهيم المواطنة والسلام الاجتماعي.
لقد جاء تشكيل الحكومة الجديدة فى توقيت مهم للغاية، لمواجهة وتيرة المستجدات الخارجية، والوقوف أمام التحديات التي تفرضها المعطيات العالمية والإقليمية والمحلية، وهناك العديد من الملفات التى تتطلب حسم من الوزراء الجدد، على أن يكون المواطن هو المحرك الأساسى للحكومة، خصوصًا الوزارات الخدمية.. تتطلب الفترة الراهنة العمل الشاق على الأرض، لمواجهة التحديات الداخلية والحفاظ على محددات الأمن القومى، واستمرار بناء الإنسان المصرى، والعمل بشكل حاسم وجاد في ملفات الصناعة والزراعة والتجارة، وهذا بدوره يتطلب أصحاب كفاءة عالية، والوزراء الجدد ذوي رصيد كبير من الخبرة والكفاءة، نتطلع أن يكونوا على قدر المهمة في مواجهة التحديات الراهنة، لأن الغرض والهدف من التغيير هو تطوير الأداء الحكومي في الملفات المهمة، وضخ دماء جديدة في الحكومة، تكون قادرة على مواصلة العمل والجهود لتنفيذ خطة التنمية المستدامة، وتنفيذ تكليفات وتوجيهات القيادة السياسية، وبما يحقق الصالح العام للوطن والمواطن.. خصوصًا أن التغيير شمل حقائب وزارية مهمة، ترتبط بمواجهة قضايا حيوية تتطلب سياسات جديدة، لأن المرحلة مرحلة أزمات، وهو ما كان يستلزم ضخ دماء جديدة في الحكومة بفكر مختلف، ووضع خريطة أولويات متميزة عما كانت، بجدول زمني واضح، وبما يطوع من تفعيل خطة التنمية المستدامة 2030.
ينتظر الشارع المصرى من الحكومة الكثير من العمل، ومن المنتظر تحقيق تقدم في مجموعة ملفات نوعية لاستكمال مسيرة النجاحات والمشروعات العملاقة التى شهدتها مصر خلال السنوات الماضية والمتوقع خلال الفترة المقبلة من إنجازات جديدة، وأن تكون لديها القدرة على إدارة الملفات وتقديم حلول خارج الصندوق، وإبداعات فى الأفكار والحلول، وحتى الخروج من الروتين المتحكم فى عقول الموظفين بالجهاز الإدارى، لحل المشكلات بجميع القطاعات الحكومية.. أغلب الاسماء التي تولت الحقائب الوزارية، لديهم مسيرة طويلة من الإنجازات وتولي المواقع المهمة في الدولة، ومن الضروري أن يعمل الوزراء الجدد وفقًا لرؤية وبرنامج محدد، وأن يكون هناك تناغم وتجانس وتعاون بين الوزارات وعدم العمل في جزر منعزلة، ووضع رؤية وخطة شاملة لمواجهة التحديات الراهنة وتداعياتها خلال الفترة المقبلة.
ويُعد التعليم من التحديات الحالية أمام الحكومة الجديدة، بل إنه يأتى على رأسها، باعتباره القاطرة التى تجر كل شيء إلى جانب الصحة التى تؤثر فى حياة المواطن.. لذا، لا بد أن تهتم الوزارة الجديدة بملف بناء الإنسان، خصوصًا فى مجال الصحة والتعليم والتنمية المستدامة وبناء فكر جديد، وتوفير إعلام واعٍ يعرض مشاكل المواطنين بصدق وبخبرة، ومكاشفته بكل ما يدور حوله على أرض الواقع... وهنا، يتمنى المواطن المصري، أن يتم النظر إلى مرتبات المُعلمين المتدنية، التى تجعل الكثير منهم يلجأ للعمل في الدروس الخصوصية لتوفير احتياجات الأسرة، لأن الراتب الشهرى لا يكفى احتياجات شخصية لعدة أيام فقط.. مع ضرورة تطوير التعليم والقضاء على الظاهرة (الكارثة)، الدروس الخصوصية، وإلزام المدرسين بالتعليم داخل الفصول، ورجوع هيبة المدرس كما كانت فى الماضى، وتطبيق قانون عادل على الجميع، وتكثيف الرقابة والتفتيش على المدارس الخاصة التى ترفع المصروفات الدراسية سنويًا بنسبة كبيرة جدًا، بالمخالفة لتعليمات الوزارة، التي كثيرًا ما صنعت أذنًا من طين وأخرى من عجين، وترفعت عن التدخل في حسم المشاكل الكثيرة، التي سببتها المدارس الخاصة لأولياء الأمور، وصنعت من بعض أصحاب هذه المدارس أباطرة جددا، استغلالًا لرغبة أولياء الأمور في الحصول على تعليم جيد لأبنائهم، لا توفره المدارس الحكومية.
وبعد..
فإن المطلب الأساسى من الحكومة الجديدة هو اكتساب الرضاء الشعبى عن أدائها وسياساتها، وأن تكون قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة، بما يتفق مع آمالنا العريضة فى بناء الجمهورية الجديدة التى نتطلع إليها جميعًا.. وهذا لن يتأتى إلا بالعمل على الملفات التى تهم المواطن، وأن تضع الحكومة الجديدة على رأس أولوياتها العمل على الحد من ارتفاع أسعار السلع والخدمات، خصوصًا السلع الأساسية والاستراتيجية، وكبح جماح التضخم بتكثيف الرقابة الفاعلة على الأسواق، والتصدى لجشع بعض التجار ومواجهة الممارسات الاحتكارية.. وعلى الحكومة الجديدة أن تتبنى برنامجًا وأجندة جديدة للعبور من الأزمة الاقتصادية، وتحقيق تطلعات المواطنين فى الحياة الكريمة، بتوفير كل الوسائل المعيشية، من المسكن والمأكل والملبس بطرق وسبل متيسرة وبسيطة.. وللحديث بقية.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.