حديث أمين عن الشأن الوزارى
قد تعني الحكومة لدى المواطن العادي بعض الوزارات، كالداخلية، لأنها المنوط بها ضبط المجتمع بشكل عام؛ ولذا يعمل الناس لها ألف حساب، إلا أن الحكومة هي النظام السياسي العام الذي يدار البلد من خلاله، وهي خلاف الدولة التي تعني الكيان الشامل الكبير المؤلف من الشعب والأرض والسلطة، الحكومة هي السلطة التنفيذية التي تتلقى توجيهات الدولة وتطبقها، وطالما تنجح وطالما تخفق، ولكن في إخفاقها ما قد يسبب مشكلات للدولة نفسها أحيانا؛ لأن الناس يخلطون بينها وبين الدولة خلطا معيبا (يجب إزالة اللبس بين المفهومين باستمرار)، الدولة تعطي تعليماتها المحددة للحكومة، وتريد أن تكون الأمور مستقرة في نهاية المطاف، والحكومة تجتهد في التنفيذ، من خلال وزاراتها المتخصصة المتعددة، وقد يكون اجتهادها خادما لمراد الدولة وقد لا يكون، على حسب فهمها لما تلقته من الإدارة الأعلى، وعليها، أي الحكومة، أن تفهم أنها يد الدولة الأقرب إلى الناس؛ فتعمل بإخلاص وتفان وضمير يقظ، وتصفي مؤسساتها وهيئاتها الكثيرة من كل اختلال..
يطرح دور الحكومة الذي بيناه عدة أسئلة، من بينها:
- هل تحتاج حكومتنا إلى نواب للوزراء؟
- هل تحتاج إلى دمج وزارات واستحداث وزارات؟
- هل تحتاج، أخيرا، إلى وضع نواب لرئيس الوزراء؟
كل منصب جديد سيكلف دولتنا المرهقة اقتصاديا مبالغ طائلة، لا يعني هذا ألا نوافق على الجديد، إنما يعني أن نشعر بضرورته القصوى أولا، وأن وجوده سيحقق نفعا يعوض الخسارة ثانيا.
في رأيي أن كل وزارة تحتاج إلى نائب واحد كمتحدث رسمي عنها، هناك عاملون عديدون في كل وزارة يعوضون النواب الآخرين الذين قد يطرأون على الأذهان، ولكن المتحدث الرسمي عنها لا يعوضه أحد، ومن نافلة القول أن أصف هذا المتحدث بالفصاحة واللياقة والصدق والذكاء والقبول عند الجماهير (يمكن اختياره من بين الكتاب والمثقفين)؛ فهكذا يجب أن يكون فعلا.
نحتاج إلى استحداث وزارة، أسميها وزارة المتابعة، تهيمن على الوزارات الأخرى تحت قيادة رئيس الوزراء، يتلخص عملها في متابعة كل كبيرة وصغيرة مما يجري بين المواطن والحكومة في كافة قطاعتها، القطاعات الخدمية الحيوية بالذات، فالمواطنون يعانون معاناة بالغة عندما يفكرون حتى في ختم ورقة بشعار الجمهورية، وكم تعدهم الوزارات بحلول ولا تفي بالوعود، وزارة المتابعة ستخفف هذا الشقاء، إن لم تمحه بالكلية، وستقيم علاقة طيبة بين المواطن وجهاته الخدمية.
أخيرًا، ربما كان رئيس الوزراء بحاجة فعلية إلى نواب وافرين، بعدد وزاراته نفسها، ولكن الوزراء أنفسهم كافون للعب هذا الدور، وإن كانت الوزارات السيادية، لحساسية وظائفها، تحتاج إلى نواب غير الوزراء، يكونون بالقرب منه على الدوام.
لا بد أن يؤمن جميع المسئولين الحكوميين بالوطن الخالد إيمانا عظيما؛ ففي مثل هذا الإيمان ما يحقق الإضافة العبقرية المطلوبة في كل مجال، ويغني عن اللوم والجدل، ويفشل ريح الذين يتصيدون الأخطاء، والأهم أن فيه ما يعيد ثقة مفقودة، أو شبه مفقودة، بين الإنسان الشريف المكافح وحكومته التي يعول عليها بمدى الأزمنة.