أحمد يوسف: ثورة 30 يونيو كانت ضرورية لدحر الخونة والعملاء
تحتفل مصر هذه الأيام بالذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو، وهي الثورة التي أنقذت مصر من سيطرة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية. كانت هذه الثورة هدفها إنقاذ الهوية المصرية من التشويش والتلاعب الذي كانت تقوم به الجماعة. وقد أظهر المصريون وحدتهم وتضامنهم من خلال النزول بملايين إلى شوارع وميادين مصر من الإسكندرية إلى أسوان، مطالبين بالتخلص من حكم الإخوان والمطالبة برحيل مندوبهم في الحكومة.
المخابرات البريطانية
وفي هذا الصدد يقول دكتور أحمد يوسف، أستاذ الأدب العربي بجامعة الزقازيق: "منذ أن أنشأت المخابرات البريطانية جماعة إخوان البنا ردا على دستور ١٩٢٣م الذي يؤسس لدولة مدنية، والصراع في مصر تحددت معالمه بين فريق يسعى إلى بناء دولة القانون والدستور والمؤسسات وبين فريقين أحدهما يستدعي من الماضي البعيد شكل الدولة العادلة التي لم تتحقق إلا في خيالاتهم وأفراد هذا الفريق يبنون الحاضر على أنقاض الماضي ويؤسسون لمستقبل على شاكلة الفردوس المفقود وهم في سعيهم هذا يقفون بالتاريخ وبتطوره عند النصف الأول من القرن الهجري الأول ويختصرون هذه المدة الزمنية في شخص رسول الله عليه الصلاة والسلام وفي شخص أقرب صحابته إليه رضوان الله عليهم وهم الخلفاء الأربعة.
الدولة الدينية
ويضيف “يوسف” في تصريح خاص لـ "الدستور": "ومع أن هؤلاء الأربعة لم يؤسسوا دولة دينية وإن اهتدوا بالمباديء العليا للدين في العدل والمساواة والتعايش والسلام، فإن فريق الدولة الحلم أو الفردوس المفقود عجزوا عن قراءة تاريخ هذه الفترة وما اعتراها من تغير واسع وتحول كبير حكمته التوازنات القبلية وامتزاج الأعراق والثقافات والصراع السياسي بين الدولة الناشئة وقواعد الدولتين الكبيرتين الرومية والفارسية على حدود الدولة العربية المسلمة. لقد تعطلت أدمغتهم وتصلبت فلم تعد سنة التغير والتطور ولَم يمتد بصرهم إلى ما آل إليه الصراع بين جناحين من قريش هما الهاشميون والأمويون أبناء العمومة. وهذا هو الفريق السلفي.
الدولة المدنية
ويواصل “يوسف”: "أما الفريق الثاني المناويء للدولة المدنية في مصر فيمثله بامتياز إخوان البنا الذين لم يعودوا إلى التاريخ بمثل ما عاد الفريق الأول. فقد اتخذوا من البنا هاديا ومرشدا، له كل السمع وكل الطاعة ولديه وحده الحقيقة المطلقة والعلم الذي لا شك فيه ولا يحتاج إلى برهان. وصار هذا البنا عندهم أصلا ومبدأ أول لا يسبقه مبدأ ولا يعلوه شخص وبذلك تجلى البنا في مخيلتهم كما يتجلى محمد عليه الصلاة والسلام في مخيلة كل مسلم أو مؤمن به. وبناء على ذلك أسسوا إسلاما موازيا للإسلام الذي نعرفه دعوا إليه الناس واستقطبوا الرموز وبدا المجتمع المدني بكل أطيافه الفكرية والعقدية في مصر مجتمعا بعيدا عن الإسلام، ودولته دولة مارقة وكل مؤسساتها مؤسسات تدعم الظلم والاستبداد وترسخ للكفر والهرطقة. وبما أن البنا عندهم هو الأصل فقد تحول من وجود حي إلى فكرة ومن فكرة إلى رمز. وهذا الرمز يتخطى حدود النسبي والمتغير والمتحول بحيث تتضاءل أو تختفي بجواره مسألة الوطن والمواطنة وبما أن مصر هي بلد المهد فهي مثل مكة مع الفارق يقصد إليها كل أتباع البنا للدفاع عن البنا وعن جماعته التي تحارب المصريين حربا مقدسة لأنهم ودولتهم دار الباطل والبهتان.
إخوان البنا
ويكمل الدكتور أحمد يوسف: "قصدت إلى كتابة هذا التحليل لطرح سؤال جوهري وهو: في كل الدول على مدار التاريخ هناك موضوع سياسي للصراع بين من يحكمون ومن يعارضون. يتضمن هذا الصراع أبعادا اجتماعية وثقافية واقتصادية، وهناك طرق سلمية لإدارة هذا الصراع على رأسها الحوار عبر قنوات الحوار المؤسسية والسؤال ما موضوع الصراع بين الدولة المصرية وإخوان البنا منذ ١٩٢٨م حتى الآن؟.
ويتابع: "على مدى أكثر من ثمانين عاما لم يفلح إخوان البنا في تحديد أولوياتهم. لقد مارسوا كل أشكال التخفي والخداع نادوا بالديمقراطية وبالأحزاب المدنية والجيش الوطني والدستور والانتخابات ولكنهم كانوا مخادعين ومتآمرين على الوطن وعلى المواطن إلا إذا كان منهم. هدفهم الأوحد الاستيلاء على الدولة المهد، مهد البنا الفكرة والرمز وهدم كل معالم الدولة وأركانها وعلى رأسها الجيش ونظام الحكم.
30 يونيو
ويستطرد: "هذا الهدف نفسه هدف استعماري منذ الهكسوس والحيثيين مرورا بالاستعمار القديم والحديث وصولا إلى الاستعمار المعاصر الذي تتعاون معه جماعة البنا بكل إخلاص. لقد تبنت بريطانيا جماعة البنا باعتبارها مطية تصل بهم إلى غايتهم وهي هدم الدولة الوطنية ونهب ثرواتها وتشريد أهلها على غرار ما حدث لبغداد على يد المغول والتتار وما حدث لسوريا والعراق على يد بريطانيا وأمريكا والإخوان والجماعات المنسوبة زورا وبهتانا للإسلام.
ويختتم: " لذلك أتعجب بل أتهم كل من يتعاطف مع هؤلاء الذين يبثون سمومهم على زعم أن هؤلاء معارضون. هؤلاء خونة وعملاء والحرب الآن سافرة والحياد خيانة وإعلان الموقف مما يجري واجب وطني مقدس. فلنصد الأعداء عن بوابات الوطن ليبقى الوطن ثم نلتفت بعد ذلك للنقاش والاختلاف حول أولويات الوطن. من هنا كانت ضرورة خروج الشعب في 30 يونيو وراء قيادته السياسية للدفاع عن الوطن والمستقبل.