رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء: نظرة على المنطقة تكفى لإدراك كيف أنقذت ثورة يونيو مصر من التقسيم والفوضى

 ثورة يونيو
ثورة يونيو

نظرة واحدة على المنطقة تكفي لإدراك كيف أنقذ شعب مصر وطنه في"30 يونيو 2013" من مخطط التقسيم والفوضى، بعد أن رفض "أخونة الدولة"، وحافظ على بلاده وصان مقدراته مدعومًا بجيشه الوطني، الذي قاد حربًا شرسة عقب ذلك التاريخ ولسنوات على الإرهاب، حتى خلص البلاد من جماعات الظلام وأعاد الأمن والاستقرار لربوع الوطن.


وأجمع خبراء ودبلوماسيون- في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم- على أن ثورة يونيو، التي وصفت بثورة الإنقاذ وتصحيح المسار، جاءت بقيادة وطنية وضعت مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وعبرت وسط الأمواج العاتية حتى وصلت بالبلاد إلى بر الأمان، مشددين على أن استتباب الأمن في مصر يعني الكثير أيضًا للشرق الأوسط، نظرًا لأن مصر هي ركيزة الاستقرار الكبرى بالمنطقة.


وفي هذا الإطار، قال الخبير الاستراتيجي، اللواء سمير فرج، إن ثورة 30 يونيو خلصت مصر وشعبها من حكم الإخوان الذي كان سيتسبب في مشاكل كبيرة للبلاد، لاسيما لكونها جماعة تلغي الجيش الوطني الذي ولاؤه للشعب، وتُكون وتعتمد على حرس ثوري ولائه للمرشد فقط.


وأضاف أنه عقب إزاحة حكم الإخوان عن الوطن أصبحت مصر اليوم أكبر قوة عسكرية عربية وإفريقية، تربعت على عرش قائمة أقوى جيوش منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى الطفرة التنموية التي شهدتها البلاد في مختلف المجالات.


وسلط فرج، في هذا الصدد، الضوء على زراعة أكثر من 2 مليون فدان بالدلتا، علاوة على تطوير وإنشاء موانئ جديدة، منوهًا بحصول ميناء شرق بورسعيد على المركز العاشر لمؤشر أداء الموانئ في مجال الحاويات، فضلًا عن توسعة وتطوير قناة السويس لزيادة أرباحها.


وتابع اللواء سمير فرج أن "ثورة يونيو" غيرت وجه التاريخ في مصر، وأعطت البلاد قوة سياسية كبيرة بين دول المنطقة، لتشارك اليوم في حل المشكلات والصراعات، وعلى رأسها الأزمة الحالية في قطاع غزة.


من جهته، أكد رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدكتور خالد عكاشة، أن "ثورة 30 يونيو" أثبتت للعالم أجمع أن مصر بها شعب لا يترك دولته تضيع أبدًا، وأنه على قلب رجل واحد وغير قابل للتقسيم، ولن يقبل بتغيير هويته الثقافية والسياسية والأيديولوجية. 


وقال الدكتور عكاشة إن "30 يونيو" جاءت لمصر بمشروع وطني ودولة حديثة وقيادة وطنية حكيمة، سعت إلى تقديم "حياة كريمة" للمصريين والانطلاق نحو تحقيق التنمية المستدامة للبلاد، والتي تأخرت إلى حد كبير في العقود الماضية.


وشدد على أن تلك الثورة لم تنقذ مصر وحدها من حكم جماعة انتمائها ليس للشعب والوطن، بل أزاحت عن العديد من دول المنطقة ويلات الفتنة والتفتيت ومصير الحروب الأهلية والتقسيم، لافتًا إلى أن العالم أجمع يدرك أن مصر هي "حجر الزاوية" لأمن واستقرار المنطقة.


وأشار عكاشة إلى أنه عقب "ثورة يونيو"، عادت مصر لمكانتها وريادتها في الإقليم والعالم، وحجزت مقعدها في كل المحافل الدولية، لتتحدث بصوت عال وتشارك في صناعة واتخاذ القرار العالمي، وذلك وسط مشهد إقليمي ودولي شديد التعقيد.
بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية، الدكتور طارق فهمي، أن "ثورة يونيو" نبهت إلى المخاطر والتحديات التي واجهتها مصر مع حكم الإخوان، باعتبار أنها جماعة محدودة الأفق لم يكن لديها ما تقدمه للوطن، وكان مشروعها النهضوي وهميًا بلا أسس أو ركائز.

وقال في هذا الصدد، إن ثورة يونيو خلصت مصر من "مشروع أخونة الدولة" بعد أن تم استهداف أجهزة الدولة مع محاولات السيطرة على المؤسسات، إلا أن شعب مصر الواعي نجح في تغيير هذا المسار بثورته في 30 يونيو، ورفض استمرار جماعة الإخوان في حكم البلاد.


وأبرز الدكتور طارق فهمي أن تلك الثورة كانت لها آثار كبيرة في نطاقاتها السياسية والاستراتيجية وارتدادات على منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي وإفريقيا، وبرهنت على أن المصريين لديهم إمكانيات وقدرات هائلة.

 الطريق ما زال طويلًا للتعامل مع عدد من الأزمات المالية والاقتصادية


وأشار إلى أن الثورة كانت لها ضوابطها ومحدداتها الرئيسية التي ساهمت في بناء وطن جديد، فضلًا عن استرداد مصر دورها المحوري عربيًا وإفريقيًا ودوليًا بفضل الدبلوماسية الرئاسية من جانب، وأجهزة الدولة المعنية من جانب آخر، مستشهدًا بما وصلت إليه العلاقات المصرية المتميزة مع مختلف بلدان العالم.


ولفت المحلل السياسي إلى أن مصر استحدثت أدوات تأثير واستراتيحيات جديدة عقب هذه الثورة بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، منها على سبيل المثال الاستراتيجية المعروفة بـ"الاستدارة شرقًا"، أي العمل على تعزيز العلاقات الثنائية مع دول آسيا لمجابهة التحديات العالمية، بالإضافة إلى استحداث دائرة جديدة في شرق المتوسط وبناء منتدى غاز المتوسط، وكذا إحياء العلاقات المصرية في النطاقات الإفريقية.


فيما قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عمرو رمضان، إن "ثورة يونيو" استردت مصر التي نعرفها، وأعادت الهوية الوسطية لنظام الحكم في البلاد والتوازن في أداء مصر الدبلوماسي بعيدًا عن الصدمات والتحولات الجذرية في علاقاتنا بمحيطنا الإقليمي ومع دول العالم المختلفة. 


وأوضح مندوب مصر الأسبق بجنيف أن مصر هي رمانة ميزان في الشرق الأوسط وأكثر دولها تأثيرًا بحكم التاريخ والجغرافيا "شاء من شاء وأبى من أبى"، ولذلك فالجميع ينظر إليها، وينتظر منها دورها الرئيسي في الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الهدوء والتوازن الإقليمي حتى مع كل الشطط والعنف الذي نعايشه اليوم، ويتعرض له أشقاؤنا في قطاع غزة.

استعادة الأمن في الشارع المصري


وأضاف: "بالنسبة لي كمواطن مصري يعيش على أرض مصر، فإن أهم نتيجة لثورة يونيو هي استعادة الأمن في الشارع المصري، الذي سمح بأن نعيش كما تعودنا مطمئنين على تحركاتنا ومقتنياتنا خاصة فيما يخص أهالينا وأسرنا".


ولفت إلى أن تلك الثورة غيرت التركيبة السياسية في المجتمع المصري، حيث حلت وجوه مكان وجوه، وظهرت شخصيات وأحزاب جديدة حتى وإن ارتبط بعضها بما قبل 30 يونيو بصورة ما، مشددًا على أن هذا الحراك السياسي يصب في مصلحة التغيير والتطوير بعد سنوات من الركود. 


وأكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسي قاد بنفسه مجموعة من المبادرات استهدفت تحقيق طفرة في نواح كثيرة تهم المواطن المصري، سواء في مجال الصحة أو الإسكان أو زيادة الرقعة الزراعية أو معالجات المياه أو زيادة شبكات الكهرباء أو تطوير شبكة الطرق والمحاور المرورية لمواكبة الزيادة السكانية وتكدس معظم المدن.


ورأى السفير عمرو رمضان أن الطريق ما زال طويلًا للتعامل مع عدد من الأزمات المالية والاقتصادية، وتأمين مياه الشرب، وزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة، وزيادة المشاركة السياسية، والوصول إلى مناخ أفضل في هذه الملفات الصعبة.


من جانبها، ذكرت مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفيرة منى عمر، أن "ثورة يونيو" أعادت للبلاد كرامتها ووضعها ما بين دول العالم بعد ممارسات وإدارة سيئة للحكم من قبل جماعة الإخوان.


وأوضحت خبيرة الشئون الإفريقية أن نظام جماعة الإخوان ارتكب أخطاء، بل كوارث أثناء إدارته البلاد، مشيرة إلى أن الأمثلة في ذلك عديدة ويتذكرها الكثير، مستشهدة بإذاعة لقاء حول سد النهضة على الهواء يحمل أفكارًا واقتراحات سلبية، وذلك قبل أن يأتي الرئيس عبدالفتاح السيسي بسياسة التوجه نحو إفريقيا ويعيد العلاقات الطيبة بين مصر وأشقائها الأفارقة ويوليهم كل الاهتمام والأولوية والاحترام.

سياسة مصر الحكيمة المتوازنة 

وأضافت أن "ثورة يونيو" أطاحت بجماعة لم تتبع سياسة مصر الحكيمة المتوازنة ذات الهوية العربية الإفريقية المتوسطية، مشيرة إلى أن هذا النظام تسبب في حرج كبير للبلاد، نظرًا لاعتباره جماعات مدرجة بالأساس كجماعات إرهابية على أنهم حركات تحرر، علاوة على ما مثله "حكم الجماعة" من تهديد بعد محاولة رجال أعمال تابعين للإخوان السيطرة على الاقتصاد وإقصاء كل من لا يتبعهم.
وتابعت: "ثورة شعب مصر في 30 يونيو خلصتنا من عبء ثقيل ومن نظام سياسي لا يتماشى مع طبيعة شعب مصر المعتدل المتسامح غير المتطرف، والذي لا يفرق بين مواطنيه".

"ثورة يونيو" أثلجت صدور المصريين 

وشددت السفيرة منى عمر على أن "ثورة يونيو" أثلجت صدور المصريين، وأعادت الأمل والتفاؤل في بناء دولة حديثة تتسع لجميع أبناء شعب مصر وتنطلق نحو غد أفضل.
واختتمت قائلة: "وبعد مرور نحو عقد من الزمان على تلك الثورة العظيمة، نستطيع اليوم أن نرصد ونحصد ما أنجزناه.. وحتى وإن كانت هناك بعض الصعوبات المتعلقة بارتفاع تكلفة المعيشة اليوم، إلا أن المصريين على قناعة تامة بأهمية تلك الثورة التي جعلتهم اليوم يعيشون في سلام داخل وطن آمن ومستقر".