الأب بطرس دانيال مدير المركز الكاثوليكى للسينما: 30 يونيو أنقذت مصر من أكبر كارثة.. واحتفلتُ ببيان 3 يوليو فى التحرير
قال الأب بطرس دانيال، مدير المركز الكاثوليكى للسينما، إن ثورة ٣٠ يونيو أنقذت مصر من أكبر كارثة، وهى أن يحكمها أشخاص لا يعترفون بالوطن وهويته، ويتنافى سلوكهم وكذبهم وتعصبهم مع الدين والتقاليد المصرية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من المسيحيين فكروا فى ترك البلاد فى أثناء فترة حكم الإخوان، التى شهدت انعدام الأمن والأمان وانتشار الحرق والنهب، لأن «مش هى دى مصر».
وأوضح «دانيال»، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن خوف الجماعات المتطرفة من الفن والثقافة يرجع لقدرتهما على فضح أكاذيبها وجرائمها، مشيرًا إلى أن ملف بناء وترميم الكنائس اختلف كثيرًا بعد رحيل الإخوان عن الحكم، كما أن زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسى الكنائس شكلت فارقًا كبيرًا، وأسهمت فى زيادة الوعى الشعبى ونبذ العنف والتطرف.
■ الأب بطرس مرتبط طوال الوقت بفعاليات فنية وثقافية.. فما وجه الارتباط بين الثقافة و٣٠ يونيو؟
- العديد من الأمور ربطت بين التوجه الثقافى والفنى وبين ٣٠ يونيو، من أول أحداث يناير ٢٠١١ والشباب الذين مروا فى ٢٥ يناير من أمام الكنيسة وكانت لهم أهداف محددة وبسيطة، والمجموعة الأخرى التى مرت فى ٢٨ يناير وكانت مختلفة تمامًا.
وقد كنت أنزل ميدان التحرير يوميًا، وأقابل مجموعة من الفنانين والمثقفين، وكنت حزينًا عندما رصدت التطورات التى تحدث من بعض المشاغبين.
■ ماذا كنت تعرف عن جماعة الإخوان قبل وصولها لحكم مصر؟
- نحن كمسيحيين نعرف جماعة الإخوان أكثر من بعض المسلمين، فمثلًا عندما كنت فى الثانوية العامة كان معى شخص من الإخوان وكان يقول للزملاء: «متسلموش على ده بالإيد لأنه مسيحى»، كما أنه ضرب زميلًا لى أمامى ثم قال للمدرس: «أنا استحالة أضرب زميلى»، ومن هنا ومن خلال مواقف كثيرة جدًا اكتشفت تعصبهم وكذبهم.
فمثلًا، كنت متفوقًا فى اللغة الإنجليزية، ولهذا طلب منى الشخص الإخوانى أن أساعده أثناء امتحان الإنجليزى، وبالفعل ساعدته ونجح فى المادة، وبعدها أخذنى بالحضن، واستغربت منه لأنه كان ينصح الزملاء بعد السلام علىّ باليد لأنى مسيحى.
ولذلك، كانت لدىّ خلفية عن الإخوان، وعندما أتعامل مع أى شخص لا أتعامل وفقًا للدين أو العقيدة، بل أحب أن أتعامل مع أى شخص باحترام، ومن خلال تعاملى مع الإخوان اكتشفت أنهم يرفضون الآخر، والدين الإسلامى لا يقول ذلك، بل القرآن يقول «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وكان يجب على الإخوان أن يعقلوا هذه الآية.
وأذكر أنه أثناء فترة حكم الإخوان كان هناك برنامج فى التليفزيون مع الشيخ أسامة القوصى وشخص آخر سلفى، وكان هذا الشخص يضحك على الناس بخصوص مواد الدستور، وقد قرأت له المادة التى يتحدث عنها على الهواء مباشرة وقلت له: «حضرتك تخدع الناس بكلام آخر»، والإخوان عمومًا كانوا يضحكون على الناس فى كثير من الأمور.
والحمد لله، كان لى الشرف، مع كل فنانى مصر، أنى زرت مصابى العمليات الإرهابية من الشرطة والجيش والمدنيين فى وقت حكم الإخوان وحتى فض اعتصام رابعة، وقد سمعنا أمورًا بشعة من المصابين كنا نرى استحالة أن يستطيع إنسان طبيعى أن يفعلها، فمثلًا، قال لى أحد ضباط الداخلية برتبة لواء: «إن الإخوان أخذونى فى جنينة الأورمان وقطعوا رجلى الاثنين بعد فض اعتصام رابعة»، وقال آخر: «الإخوان سحلونى ٨ كيلو، ورشوا عليا مية نار، لدرجة إنهم افتكرونى مت».
وقد قابلت أيضًا زوجة الضابط الذى أعطاه الإخوان ماء نار ليشربها، وكان صائمًا ويريد شرب المياه، كما ذهبت للاطمئنان على حارس وزير الداخلية بعد محاولة اغتيال الوزير، ورأيت وجهه وكان «رايح خالص»، وتأثرت جدًا بذلك.
■ كيف كان رد فعلك عندما سيطر الإخوان على البلد؟
- كنت حزينًا على مصر من أفعال جماعة الإخوان وقيام عناصرها بعمليات حرق ونهب فى البلد، لأن «مش هى دى مصر، فمصر حاجة تانية»، وقبل حكم الإخوان كان هناك أمن وأمان أكثر، وحتى تعامل الناس كان مختلفًا.
وأذكر أنه بعد يوم ٢٨ يناير ٢٠١١ حدث العديد من عمليات النهب والسرقة والحرق، وقد عرفنا من الذى فعلها، فى حين كان يتم تلفيق التهم لآخرين.
وطبعًا كنت حزينًا جدًا على مصر، وأقول كيف وصلنا إلى هذه المرحلة، فقد كنا سابقًا نحيا فى أمان ثم أصبح كل شخص مضطرًا لأن يؤمّن بيته جيدًا.
■ هل كل ذلك جعلك تخاف أو تقلق؟
- لم أخف، لأنى منذ الصغر كانت لدىّ الجرأة فى كل شىء، بل كنت متفائلًا لمصر، وقلت إن مثل تلك الأحداث ستسهم فى توعية الشعب المصرى.
وكانت لدىّ صديقة تعمل صحفية وأخبرتنى بأنها ستختار محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة، فقلت لها: «إنت حرة.. لكنى أعرف تأثير نجاح شخص من الإخوان فى الانتخابات»، فقالت: «بس ده رجل متدين»، فقلت: «التدين ليس هذا، فالتدين هو أن يكون الإنسان كويس ويحترم الآخر»، وأخبرتها بأن لدىّ خبرات طويلة مع الإخوان لكنها لم تقتنع، ثم بعد أن انتخبته ورأت ما حدث قالت لى: «كان عندك حق»، فقلت لها: «رغم كل ذلك أنا متفائل جدًا لمصر، وبحدوث طفرة توعى الشعب المصرى».
وقد رأينا جميعًا تأثير ذلك على ما أطلقوا عليه وقتها «حزب الكنبة»، الذى خرج فى ٣٠ يونيو، فالشعب خرج بعد عام صعب جدًا، لأنه كان خائفًا على مصر ولا يريد أن تُختطف منه.
■ طوال فترة وجود الإخوان فى الحكم مارست نشاطك بشكل طبيعى.. فهل حدث أى احتكاك بينك وبينهم خلال تلك الفترة؟
- لم يحدث بينى وبين الإخوان أى احتكاك خلال فترة وجودهم فى الحكم، سوى أنى قابلت العديد من الإخوان فى برامج تليفزيونية، وكنت أتحدث بالمنطق ولا أهين أحدًا، وكنت أقول وقتها للإخوان «إن المتعصب هو من يجهل دين غيره، والمتطرف هو من يجهل دينه»، فالأول يجهل دين غيره لعدم معرفته به، لكن المتطرف الذى يستخدم العنف ويرفض الآخر يجهل دينه نفسه ويخالف تعاليمه.
كما كنت أقول لهم: «كبيركم ممول وصغيركم مضلل»، بمعنى أن الكبير يقبض الأموال ثم يضحك عليك أنت ويقول لك افعل كذا وكذا، وهو أصلًا يحيا فى حياة أخرى، فهناك أناس يحرضون على العنف والقتل لكنهم يعيشون فى قصور.
■ كانت هناك قناعة فى فترة الإخوان لدى العديد من المسيحيين بأهمية ترك البلد والسفر.. فهل شهدت هذا فى محيطك؟
- عدد من المسيحيين كانوا يفكرون بالفعل فى ترك مصر والسفر إلى الخارج أثناء فترة حكم الإخوان لمصر، لأنهم كانوا خائفين من أن الأمور تنتهى بنهاية كارثية، وكنت أقول لهم: «لا.. ليس لهذه الدرجة»، لكن الناس كانوا خائفين على أولادهم ومستقبلهم، وبعضهم خسروا خسائر مادية كبيرة جدًا واحترقت أماكن عملهم، والأمر لم يكن لدى المسيحيين فقط، بل عند المسلمين أيضًا.
وأذكر أن المسلمين كانوا يقولون لنا وقتها: «اوعوا تسيبوا مصر»، وكنت أقول لهم: «مصر بلدنا ولازم كلنا نقف مع بعض»، والمسلمون والمسيحيون كان لديهم الوعى الكبير من أجل إنقاذ مصر من هذا الخطر.
■ هناك العديد من الناس استسلموا للأمر الواقع وآخرون رأوا أن فترة حكم الجماعة لن تطول.. فمع أى فريق كنت؟
- كنت أرى أن الإخوان لن يحكموا لفترة طويلة للعديد من الأسباب، وأولها كذبهم، الذى كان واضحًا للشعب المصرى.
كما أنه أثناء حكم الإخوان كانت هناك حرب ضد الكل، ضد الفن والثقافة والتعليم، وكان هناك ما يحدث فى البرلمان من أمور غريبة ضد العقل، كما أنهم كانوا يريدون تمرير دساتير وقوانين غريبة ليست ضد الدين فقط لكن ضد العقل نفسه، وضد المصريين كلهم.
ولهذا أصبح المصريون لديهم الوعى الكافى لمواجهة كل ذلك، وكنت أرى أن الأمور لن تكتمل، كما أنى كنت أعرف جيدًا مدى انتماء الجيش والشرطة والقضاء للوطن، لأنهم كانوا دائمًا مع المصريين.
■ ما الحدث الذى جعلك تقول إن نظام الإخوان لن يكمل؟
- هناك العديد من الأحداث، فعلى سبيل المثال حضرت عزاء الراحل الموسيقار عمار الشريعى فى مسجد «الرحمن الرحيم»، ووجدت هناك عددًا من قيادات الإخوان، وأثناء سماع القرآن الكريم كانوا «قاعدين يهزروا ويتصوروا مع بعض»، وهذه كانت علامة لدى الشعب المصرى حول أن هؤلاء أناس غير متدينين، وعددًا كبيرًا من المسلمين والمسيحيين الذين حضروا العزاء استغربوا جدًا من هذا الأمر، لأن هذا السلوك يتنافى تمامًا مع الدين والتقاليد المصرية.
■ متى بدأت تشارك فى الأحداث على الأرض؟
- عندما جاء وزير الثقافة الإخوانى، فقد رأيت أنه تم القضاء على الفن والثقافة، ولهذا شاركت فى العديد من الوقفات ضد الإخوان؛ لأن الفن والثقافة فى أى بلد أمران مهمان جدًا.
■ كيف بدأت علاقة الصداقة بينك وبين الشيخ أسامة القوصى؟
- سمعت فى وقت الإخوان عن شيخ يتحدث داخل مسجد بعين شمس حول أنه من الممكن أن يتولى مسيحى رئاسة الدولة، لأنه يمكن أن يكون الأصلح، فبحثت عن رقم هاتفه وتحدثت معه ودعوته لإفطار رمضان الذى تعده الكنيسة سنويًا، وتشارك به شخصيات عامة وفنية وثقافية، وأخبرته بأننى سمعت كلامه بالمسجد.
وإفطار رمضان هذا يسمى بـ«إفطار المحبة»، وعندما حضر الشيخ أسامة القوصى انبهر بالأمر لأنه يوطد الصداقة والمحبة، كما أن الفنانين سعدوا به وجلسوا إلى جانبه، والصداقة بيننا أصبحت قوية، فأنا أدعوه للمشاركة فى مهرجانات فنية وثقافية وهو كذلك، كما أن المسلمين والمسيحيين وجدوا فيه شخصية مستنيرة، لأنه يشرح المعانى الصحيحة للآيات.
والناس تعجبوا من رؤيتهم لشيخ وراهب معًا، حتى إن الكاتبة فاطمة ناعوت كتبت مقالًا عن صداقتنا بعنوان «الشيخ والراهب».
■ ما مساحات الاتفاق بينكما وهل هناك خلاف؟
- الله خلقنا مختلفين، كما أننا بأشكال مختلفة، فبيننا صاحب الشعر الأشقر والأسود والعيون الملونة، والمناقشة بينى وبين الشيخ أسامة القوصى تكون شيئًا جيدًا، لأنى مقتنع جدًا بصداقتنا، وتمت مهاجمتى بسبب علاقتى معه.
والشيخ أسامة عندما يذهب لأى مكان يحدث تجمهر، ويتجمع الناس حوله، لأنه معتدل، ويوصل المعلومة بسهولة ويسر.
وأذكر أن واحدًا من الجمهور سأل الشيخ القوصى عن الفرق بينه وبين السلفيين فأجابه بقوله: «عندى مخ».
■ ما أكثر شىء أضافه لك وأكثر ما أضفته أنت إليه؟
- الشيخ القوصى يضع فيديو للآيات التى يشرحها فى صفحة على موقع «فيسبوك» تحمل اسم «المحبة»، وكانت أمنيته أن نقدم سويًا برنامجًا تليفزيونيًا ونجد من ينتجه، يتحدث فيه عن المحبة فى القرآن الكريم وأنا فى الإنجيل، وكذلك نتحدث عن التواضع وكل القيم، لأن هذا هو جمال الدين وهذا ما يجعلنا إخوة حقيقيين، وهذا ما أضافه هو لى.
أما أنا فقد أضفت إليه أنى أدخلته إلى الوسط الفنى والثقافى، وأذكر أنه فى أول لقاء له مع الفنانين أخذ جانبًا وكان محرجًا، ولكن عندما رأى الرقى فى التعامل مع الوسط الفنى تساءل: لماذا لم يدخل الوسط الفنى من قبل؟.
وأذكر أننا فى الكنيسة أقمنا حفلًا من أجل شهداء الأزهر، والحضور أعجبوا بالفكرة وصفقوا لها، كما أقمنا احتفالًا مماثلًا لشهداء مسجد الروضة، وكل هذا رآه الشيخ القوصى وسعد به جدًا، وكان أغلب الموجودين يومها بالكنيسة من المسلمات والمحجبات.
■ كيف كانت مشاركتك فى أيام الحراك ضد الإخوان من ٣٠ يونيو إلى ٣ يوليو؟
- الشعب المصرى دعا للنزول ضد الإخوان، والخطاب الأخير لـ«مرسى» كانت به خطورة كبيرة، وقد علمت بتفاصيله من مسئولين كبار، وكان يهدف لدعوة عدد من قادة الجيش والانتقام منهم، وهذا كان يمثل خطورة كبيرة على مصر.
وبحكمة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى كان وقتها وزيرًا للدفاع، وبحكمة الجيش، نزلت الدبابات للشوارع لتأمين المتظاهرين، ثم نادى الرئيس السيسى الشعب المصرى ليتكاتف وينقذ مصر، وكان لى الشرف ونزلت ميدان التحرير، وهناك من نزلوا عند الاتحادية، ونزل الشعب المصرى بكل المدن المصرية، و«حزب الكنبة» كلهم نزلوا، وكانت أول مرة نرى فيها الشعب المصرى بهذه الكثافة والعدد وبكل الفئات، لأن الجميع كانوا خائفين على مصر.
■ وكيف تلقيت بيان ٣ يوليو؟
- تلقيت بيان ٣ يوليو بفرحة كبيرة جدًا، واحتفلت به فى ميدان التحرير، وكنت قبلها قد وقعت على استمارة «تمرد»، التى حركت الشعب المصرى، كما أنى شاركت فى جمع التوقيعات ضد حكم الإخوان، لأنى كنت أرى أن الحملة تساعد الجميع.
■ هل ندمت على المشاركة فى حملة «تمرد»؟
- لا، لم أندم على المشاركة فى «تمرد»، لأنى قبل أى خطوة لا بد أن يطمئن قلبى لها، وكنت أعلم أن الناس كلها ستوقع على الاستمارات، لأنه لن يكون هناك وضع أسوأ مما شاهدناه أيامها.
وكنت وقتها أزور المصابين بالمستشفيات وأسمع الحكاوى منهم، وتأثرت بها لدرجة كبيرة، وقد أرسلت حينها رسائل لعدد من الفنانين والمثقفين ودعوتهم لزيارة المصابين بالمستشفيات، لدرجة أن العدد ذات مرة وصل إلى ٧٥ فنانًا وفنانة ومشهورًا، والمستشفى فزع من وجود كل هذا الكم من النجوم، وزرنا أيامها مستشفيات العجوزة والقوات المسلحة والمعادى والجلاء، والطريف أن الجميع كانوا سعداء، حتى أن المصابين قالوا: «كان لازم نتصاب عشان نشوف الفنانين»، والفنانون كانوا سعداء لأن هؤلاء المصابين هم من ضحوا من أجلهم.
■ هل تتذكر كواليس حرق الكنائس على يد الإخوان؟
- بعد فض اعتصام رابعة العدوية، استهدفت الجماعة الإرهابية حرق الكنائس المصرية، وأذكر أنها حرقت كنيستى السويس وأسيوط، واحتاج ترميمهما إلى عام كامل، ويرجع الفضل فى ذلك إلى القوات المسلحة المصرية.
وأخبار حرق الكنائس كانت تنزل علينا كفاجعة وكانت محزنة للغاية، وكنا نعلم جيدًا مَن المتورط فيها، وكنت متأثرًا للغاية حينها بجملة البابا تواضروس الثانى حين قال: «وطن دون كنائس أفضل من كنائس دون وطن»، وقال أيضًا: «إذ حرقوا لنا الكنائس سنصلى فى المساجد، وإذ حرقوا المساجد سنصلى جميعًا فى الشوارع».
وكنا نشعر بالحزن الشديد من جراء تدمير تلك المبانى العظيمة، لكننا كنا نثق للغاية بأن كل شىء سيعود كما كان وأفضل، وهذا ما اقتنع به كل المسيحيين فى تلك الأيام.
■ فى تقديرك.. لماذا تخاف الجماعات المتطرفة من الفن والثقافة؟
- الجماعات المتطرفة تخاف من الفن لأنها تعتقد أن الفن حرام، وأتذكر جيدًا أن وزير التعليم الإخوانى كان يقول إن الموسيقى تثير غرائز البشر، وذلك عكس الحقيقة تمامًا؛ لأن الموسيقى تجعل الإنسان يعيش فى أجواء روحانية عالية للغاية، والتى تهذب النفس والروح.
والجماعات المتطرفة تدرك جيدًا أن الفن والفنانين يمكنهم فضح ممارساتهم الإجرامية بسهولة تامة، مثل الفنان الكبير عادل إمام، الذى شارك فى كثير من الأفلام التى تكشف عن أفكارهم المتطرفة، ولذلك، كانت لديهم عداوة واضحة ضد الفن بشكل عام.
كما أن أغلب المثقفين والكتّاب كانوا يعلمون جيدًا كيف يفكر هؤلاء المتطرفون، وكيف يستطيعون بسهولة شديدة أن يفضحوا كل أعمالهم على مرأى ومسمع من الجميع.
■ فى أى شىء اختلف ملف بناء وترميم الكنائس بعد ثورة ٣٠ يونيو عما كان قبلها؟
- قبل ثورة ٣٠ يونيو، كان من الصعب التعامل مع بناء وترميم الكنائس المصرية، وتحديدًا فى محافظات الصعيد، وكان أبسط الأمور يتطلب العديد من الموافقات التى تصدر من قبل رئيس الجمهورية الإخوانى، رغم أنه من المفترض أن دور العبادة توجد بها مساواة.
وبعد نجاح الثورة وانتهاء عصر الإخوان اختلف الأمر كثيرًا، وكان لى الشرف أن ألتقى الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال احتفالية تشييد إحدى المدن الجديدة، وكان يوجه وزراء الحكومة حينها ببناء الكنائس داخل هذه المدن، وألا يقتصر الأمر على بناء المساجد فقط.
والرئيس السيسى يعلم جيدًا أن الوطن للجميع، وأنه لا يوجد فارق بين مسلم ومسيحى، وبالفعل لاحظنا التغيير الواضح بشأن بناء وترميم الكنائس فى مختلف محافظات مصر، كما أكد الرئيس دائمًا أننا سنعود مرة أخرى إلى تصدير الحضارة والإنسانية إلى العالم.
وأيضًا، كان من النادر أن نرى رئيس الجمهورية يتوجه لزيارة الكنائس فى مصر، وهذا الأمر شكّل فارقًا كبيرًا معنا فى السنوات الماضية؛ لأن هذا الأمر يشكل توعية من خلال خطاباته ومواقفه.
■ ما كواليس زيارة بابا الفاتيكان مصر بعد انتهاء عصر الإخوان؟
- زيارة بابا الفاتيكان الدولة المصرية كانت رسالة للعالم كله بأن مصر بلد السلام والأمان، خاصة أنه قبل هذه الزيارة بنحو أسبوعين شهدنا واقعة تفجير كنيسة طنطا بمحافظة الغربية، وعلى الفور قام بابا الفاتيكان بتسجيل فيديو ليخبرنا فيه بأنه سيأتى إلى مصر، حتى وإن تعرض للخطر.
وتلك الزيارة تمت إذاعتها عبر نحو ١٢٠ قناة تليفزيونية حول العالم، وهذه تعد سابقة تاريخية من نوعها، وتم استقباله بأفضل شكل ممكن فى مصر، كما أن فرق التأمين لعبت دورًا كبيرًا فى تأمين هذه الزيارة حينها، وكانت توجد بكثافة فى كل مكان. وبعد مغادرة بابا الفاتيكان بسلام من مصر شجعت زيارته كثيرين حول العالم ليأتوا إلى مصر، وهذا يؤكد أن ثورة ٣٠ يونيو أنقذت مصر من أكبر كارثة وهى الوقوع فى أيدى أشخاص غير مصريين، لأن عقلية الإخوان كانت تتعمد عدم الاعتراف بهوية الوطن، وكانت تعتمد على أشخاص من الخارج يميلون إلى نفس أفكارهم؛ حتى يساعدوهم فى تخريب وتدمير الدولة المصرية.