رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استمرار حرب غزة يقسم المجتمع الإسرائيلى

غزة
غزة

بعد مرور 9 أشهر من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يمكن الجزم بزيادة حالة الانقسام الداخلي في إسرائيل على جميع المستويات، سواء بين الائتلاف الحكومي الحالي برئاسة نتنياهو مع الشارع الإسرائيلي وتحديدا أسر الأسرى والمحتجزين، أو داخل الائتلاف الحاكم نفسه حتى بعد خروج حزب سلطة الدولة برئاسة بيني جانتس، بجانب مستوى آخر من الانقسام بين المستوى السياسي والمستوى العسكري والأمني، وهناك مستوى آخر وهو زيادة حدة الانقسام والاستقطاب داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وهو الأمر الذي أثر على قدرة الحكومة في إدارة الأزمات واتخاذ القرارات اللازمة.

وفي إطار استمرار الحرب في غزة، يتبين أن هناك اتجاها عاما داخل إسرائيل وبالتحديد المجتمع الحريدي يؤيد استمرار الحرب دون النظر إلى مدى تقدم المفاوضات بشأن تبادل الأسرى. بينما يطالب ٤٠% تقريبا من المجتمع الإسرائيلي بشكل عام ضرورة وقف الحرب والوصول إلى اتفاق لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين. 

وفي إطار ترتيبات اليوم التالي في غزة يتبين أن هناك أربعة اتجاهات أساسية داخل المجتمع الإسرائيلي وهي إما الاستيطان، أو الحكم العسكري الإسرائيلي، أو نقل القطاع إلى السلطة، أو نقل القطاع إلى الوصاية الدولية. 

وفي ظل استمرار الضربات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، يتبين أن هناك اتجاها عاما داخل إسرائيل بضرورة الرد العسكري الإسرائيلي على حزب الله. وينقسم هذا الاتجاه إلى معسكرين الأول يعتقد بضرورة شن عملية عسكرية محدودة منعا من اندلاع حرب إقليمية. والثاني يعتقد بضرورة اتخاذ قرار الحرب دون النظر إلى تأثيراته على المستوى الإقليمي. 

كما يتبين أن ٩٠% من إجمالي عدد الإسرائيليين الذين يؤيدون عملا عسكريا ضد حزب الله دون النظر إلى التداعيات الإقليمية هم من التيار اليميني المتطرف.

وينقسم المجتمع الإسرائيلي إلى اتجاهين اثنين متعارضين في موضوع تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي، الاتجاه الأول يتألف من التيار اليميني الديني المتشدد والتيار اليميني القومي الذي يمثله حزب عوتسماه يهوديت الذي يتزعمه بن غفير، وتبلغ نسبته ٣٢ من إجمالي المجتمع الإسرائيلي. 

أما الاتجاه الثاني فيتألف من إجمالي التيارات الحزبية القومية والعلمانية في إسرائيل، وتبلغ نسبتهم ٧٦% من إجمالي المجتمع الإسرائيلي. 

وينقسم التيار اليميني المتشدد في إسرائيل في إطار موضوع تجنيد الحريديم إلى معسكرين اثنين، الأول يتبنى موقفا شديد التطرف بشأن تجنيد الحريديم وهو حزب يهودات هاتوراة الذي يمثل اليهود الإشكناز في إسرائيل. أما المعسكر الثاني فيتبنى موقفا مرنا بعض الشيء وهو حزب شاس الذي يمثل اليهود الشرقيين في إسرائيل "السفاراد".

ويلاحظ أن هناك اتجاها داخل الطوائف اليهودية الشرقية في إسرائيل لحث الطلاب الحريديم على التطوع في الجيش الإسرائيلي. يقابله في ذلك إصدار فتاوى تحريم وتكفير من بعض المنابر اليهودية الحسيدية والحريدية ضد ظاهرة تطوع بعض الطلاب الحريديم في الجيش الإسرائيلي. 

وتطالب الطوائف الحسيدية في إسرائيل من الحكومة تخصيص أموال بناء مستوطنات جديدة في غلاف جنوب الضفة الغربية بغرض الابتعاد عن المستوطنات التي تشمل الحريديم الذين يتطوعون في الجيش الإسرائيلي.

كما يلاحظ أن هناك اتجاه تصاعدي بشأن انخفاض شعبية نتانياهو، وزيادة نسبة الإسرائيليين الرافضين في استمرار حكومة نتانياهو، إذ تبلغ نسبة الإسرائيليين الذين لا يبدون أية ثقة في أداء حكومة نتانياهو ما يقرب من ٥٠%.

وتبلغ نسبة الإسرائيليين الذين سيعزفون عن التصويت لصالح أي حزب يؤيد استقرار حكومة نتانياهو ٦٧.

وأغلب المؤيدين لحكومة نتانياهو ينتسبون للتيار اليميني بطبيعة الحال ولكن تصل نسبتهم بين ۳۳% فقط، بينما يتركز أغلب المناهضين لاستمرار الحكومة والداعين لعقد انتخابات جديدة ينتسبون للتيار الوسط والوسط يسار. 

ويتبين أن هناك نسبة معقولة من الإسرائيليين المنتسبين إلى اليمين ووسط - يمين خاصة القطاع العلماني أو المتدينين المعتدلين مما يفسر سبب خسارة الليكود إلى كثير من قاعدته الانتخابية ولجوئها إلى أحزاب أخرى.

ومن المرجح أن تظهر أحزاب يمين جديدة أو استمرار ظاهرة زيادة مقاعد الأحزاب اليمينية والوسط المناهضة لنتانياهو مثل حزب يسرائيل بيتينو وحزب معسكر الدولة.

وهناك تأثيرات محتملة لهذا الانقسام حول استمرار الحرب في غزة، يلاحظ أن هناك اتجاها عاما داخل إسرائيل بضرورة استكمال الحرب في غزة لحين تحقق الهدف منها وهو القضاء على حماس.

وفي إطار تطورات الأوضاع على الحدود اللبنانية، يلاحظ أن هناك اتجاها تصاعديا طفيفا داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن ضرورة البدء في عملية عسكرية محدودة ضد حزب الله منعا من انفجار أزمة أمنية إقليمية في المنطقة قد تطال تأثيراتها على الأمن القومي الإسرائيلي.

وحسب نتائج استطلاعات الرأي في الشهور الماضية حول عدد مقاعد الأحزاب، يلاحظ أن هناك استقرارا نسبيا بدرجة أو بأخرى في عدد مقاعد أحزاب الائتلاف الحكومي، وإن كان هناك تراجعا حادا في شعبية الحكومة مقارنة بنتائج فوزها في انتخابات ديسمبر ۲۰۲۱.