حيتان السناتر.. أوهام وأساطير مخالفة القانون!
اندهش البعض من الفيديو الذى انتشر خلال الأسبوع الماضى لمدرس جيولوجيا يمتلك منصة وقناة وموقعًا خاصا به يتابعه أكثر من 700 ألف طالب عبر حسابه الشخصى على السوشيال ميديا، ويمتلك خطًا ساخنًا لحجز المحاضرات. كما يقوم بعمل مسابقات، ويحصل من يفوز بها على هدايا ثمينة وموبايلات حديثة منها الأيفون.
قام مدرس الجيولوجيا المذكور باستئجار "صالة حسن مصطفى" بالصالة المغطاة للألعاب الرياضية بـ 6 أكتوبر ليعطى درسا خصوصيا لأكثر من 4000 طالب وطالبة من الثانوية العامة، وكما ذكر.. أنهم دفعوا مليون و300 ألف جنيه خلال ساعة واحدة.
الأرقام السابقة قطعًا، تثير العديد من علامات الاستفهام. ليس فقط لما تعنيه دلالة ما حدث مما تعانى منه حالة التعليم فى مصر، ولكن لتلك الحالة من سرطان الدروس الخصوصية الذى انتقل من المدرسة إلى المنزل إلى السناتر إلى الصالة المغطاة.
قيام وزارة الشباب والرياضة بتحويل من قام بتأجير الصالة المغطاة للتحقيق ليس هو مضمون المشكلة لأنهم قاموا بذلك فى إطار تنمية الموارد بشكل منطقى لا يخالف القواعد الإدارية، فليس هناك قانون أو قرار يمنع التأجير، وليس هناك نص يمنع هذا المدرس من تأجير أى صالة أو قاعة لإعطاء درس خصوصي.
ولا أعرف تحديدًا هل هناك لائحة داخلية تضبط مسألة تأجير الصالات أم لا حتى نستطيع تجريم ما حدث أو سرعة إصدار لائحة لذلك. ربما تكون حالة المنع الوحيدة هى الشكل الأدبى فقط. تجرم وزارة التربية والتعليم إعطاء الدروس الخصوصية. ولكنها رغم ذلك لم تستطع إلى الآن منعها، بل فى وقت من الأوقات لا أعرف كيف؟
اقترح وزير التربية والتعليم الحالى فى نهاية أكتوبر 2022 تقنين السناتر التى هى درس خصوصى كبير. وتراجع عن الفكرة بعد هجوم عليها ورفضها لأنها فى نهاية الأمر بعيدًة عن رقابة الدولة أدبيًا وتربويًا وماليًا. وكأن الأمر اختزل فى تقنين السناتر التى هى من الأصل كيان غير قانونى فى مقابل الحصول على نسبة من التحصيل فى شكل رسوم. السناتر أصبحت واقعا مؤلما مثل الورم السرطانى الذى تفشى فى غفلة من الزمن.
وتظل الحقيقة أن الفرق بين الورم السرطانى والسناتر، أن الأخيرة لم تنتشر فى غفلة من الزمن، بل انتشرت وتضخمت أمام أعيننا بدون أن نمنعها فعليًا، بل اقترح وزير التربية والتعليم نفسه تقنينها باعتبارها أمرًا واقعًا.
والملفت للانتباه أن تلك السناتر أصبحت مكلفة للغاية مقارنة بمصروفات المدارس الحكومية، ولم يستطع أحد إلى الآن القضاء عليها أو حتى تحجيمها، حتى باتت أشبه بمدارس موازية.. يتم الاعلان عنها بشكل واضح وصريح على السوشيال ميديا. وتحول مدرسيها لمشاهير يتحركون بالبودى جارد وبموكب السيارات والحراسة.
وأصبح لهذه السناتر بمدرسيها، وجود متصاعد ومتضخم واعلانات فى الشوارع مثلها على السوشيال ببعض الأوصاف الرنانة مثل: نجم الفيزياء، ونجم الرياضيات، ونجم الأحياء، وأديب اللغة العربية، وعقرب الجغرافيا، والعالمى، وصانع الأوائل، وقيصر العربى، وعملاق اللغة الانجليزية، وأسطورة اللغة الإنجليزية، وفيلسوف الفرحة، وكينج الرياضيات، والهير.
نقطة ومن أول الصبر.. أسئلة معلقة، لا أعرف لها تحديدًا اجابات قاطعة وحاسمة مثل: هل الدروس الخصوصية ما زالت مجرمة عند وزارة التربية والتعليم؟ وإذا كانت مجرمة، فكيف لوزير التربية والتعليم الحالى أن يوافق على استمراراها؟
ومن الأصل، كيف يوافق على تقنين السناتر بمقابل رسوم مالية؟ أم أن لها توصيفا مختلفا لدى الوزارة، لتبرير هذا التقنين؟! وكيف تسمح الوزارة باستمرارها بهذا الشكل الذى استفحل فى المجتمع المصرى؟ وكيف تترك الوزارة بعض الكيانات التى تندرج تحت المفهوم الشامل لمصطلح المجتمع المدنى فى تأجير قاعاتها لسناتر تعمل على الدروس الخصوصية طيلة أيام الأسبوع دون رقابة أجهزة الدولة المعنية؟.