عن كرة القدم البسيطة وصعوبتها
شهدت الكرة المصرية نجاحات عظيمة العام الجارى، فاز الزمالك بالكونفيدرالية الإفريقية، وفاز الأهلى بالبطولة الأهم، وهى دورى الأبطال، وقبل ذلك تأهل المنتخب الأوليمبى بقيادة أفضل المدربين البرازيلى رويجيرو ميكالى إلى أوليمبياد فرنسا كثانى إفريقيا بعد المغرب، رغم ظلم التحكيم لنا فى المباراة النهائية، وأتوقع أن يحصل هذا الفريق على ميدالية على الأقل، وبالطبع توجد انتصارات مذهلة فى الرياضات الأخرى الجماعية والفردية، ولكنها لا تتمتع بشعبية كرة القدم، وتتصدر مصر ترتيب مجموعتها فى التصفيات المؤهلة لكأس العالم فى ٢٠٢٦ بعشر نقاط من أربع مباريات، بقيادة حسام حسن، المدرب الوطنى، ومع هذا لا نشعر بأننا نقدم كرة جميلة، ونخرج رغم هذا التفوق غير فرحانين. فى مباراتنا مع بوركينا فاسو الأسبوع الماضى، التى انتهت لصالحنا بهدفين مقابل هدف، شاهدنا منتخبًا منسجمًا فى الشوط الأول، يلعب كرة جميلة إيجابية، وأحرزنا هدفين عن طريق تريزيجيه فى بداية المباراة، وفى الشوط الثانى كنا فريقًا آخر بلا ملامح، يلعب كرة عقيمة، وكاد الفريق المنافس أن يخطف التعادل أمام جمهور عظيم فى استاد القاهرة يبحث عن فرحة تليق بمصر فى هذه الأيام الصعبة. ليس فى نيتى الحديث عن مدرب الفريق الذى يحتل منزلة كبيرة فى نفوس عشاق اللعبة فى مصر وإفريقيا، ولا عن اختياراته ولا طريقته، ولكن أحاول البحث عن إجابة عن سؤال يؤرقنى دائمًا: لماذا لا نلعب أفضل؟، فى مباراتنا مع غينيا بيساو الإثنين الماضى، التى انتهت بالتعادل بهدف لكل فريق، أنت أمام كرة قدم مملة يلعبها نجوم كبار، على رأسهم محمد صلاح وتريزيجيه وأحمد زيزو وإمام عاشور ومحمد عبدالمنعم، فريق يستحوذ بنسبة ٧٠٪ على الكرة ومع هذا عاجز عن الحصول على النقاط الثلاث. أثناء عزف النشيد الوطنى فى بداية المباراة تشعر بصدق وحماس اللاعبين وهم يرددون «بلادى.. بلادى»، ولكنهم فى الملعب يفتقدون الصدق والحماس، وبعيدًا عن استديوهات التحليل العامرة بنجوم الكرة السابقين الذين احتكروا الحديث عن اللعبة، علينا أن نبحث عن أسباب هذا، كرة القدم بالنسبة للمصريين هى مصدر البهجة، ويتابعها عشرات الملايين من الذين ينتظرون رفرفة علم بلادهم فى المحافل الدولية وتقديم كرة قدم جميلة تليق بنا، لأن الحكماء يقولون: «قل لى كيف تلعب أقول لك من أنت»، كرة القدم أكثر من لعبة، فى المباراتين الأخيرتين لم نلعب الكرة المنشودة رغم تصدرنا المجموعة، ورغم وجود النجوم الكبار والمدرب العاطفى الحماسى وشقيقه الأكثر حماسة، فى مباراة غينيا بيساو شعرنا بأننا سعداء بالتعادل مع فريق متوسط مستسلم شعر بأنه حقق إنجازًا بتعادله معنا، نبرة «يجب الوقوف إلى جوار الجهاز الفنى فى مهمته الوطنية» هى نبرة مقلقة، سمعناها كثيرًا فى الماضى، نعم نحن نتصدر مجموعتنا، وسنتأهل بإذن الله إلى كأس العالم، ولكن يجب تناول الموضوع بعيدًا عن حسابات المعلقين والمسئولين، نريد أن نعرف لماذا نرتبك فجأة ونشعر بأننا عاجزون وتائهون فى الملعب؟، الأسطورة الهولندى يوهان كرويف له مقولات تنطبق على حالتنا، منها: «الجودة دون نتائج لا طائل من ورائها.. والنتائج دون جودة مملة»، كان يرى أن لعب كرة القدم بسيط للغاية، ولكن لعب كرة القدم البسيطة هو أصعب شىء فى اللعبة، فريقنا تنقصه البساطة والاستمتاع باللعب، تشعر فى فترات كثيرة بأن كل لاعب يحاول أن يتخلص من الكرة فى أقرب فرصة، تشعر بأننا أمام لاعبين يلعبون معًا للمرة الأولى، ثبت إحصائيًا أن اللاعبين يحصلون على الكرة لمدة ٣ دقائق فى المتوسط فى كل مباراة، لذا فإن الشىء الأكثر أهمية هو: ماذا تفعل خلال تلك الدقائق الـ٨٧ التى لا تملك الكرة فيها؟، هذا هو ما يحدد ما إذا كنت لاعبًا جيدًا أم لا، إذا كنت تملك الكرة، كما يقول كرويف، فيجب أن تجعل الملعب كبيرًا قدر الإمكان، وإذا لم تكن معك الكرة فيجب عليك أن تجعله صغيرًا بقدر الإمكان، سيقول أحدهم إننى غاضب رغم تحقق المطلوب، وهو الصدارة، أنا أنشد المتعة والفوز، وأن يعبّر اللاعبون عن أنفسهم وعن جمهورهم وعن بلدهم بطريقة أفضل، لأننا لو لعبنا هكذا فى كأس العالم سنكون ملطشة للفرق الكبيرة، يجب أن يكون طموحنا أكبر من مجرد السعادة بالحصول على نقطة أمام فريق كان من الممكن الفوز عليه بسهولة، حسام حسن عليه قبل مارس من العام المقبل أن يعالج أكثر من خلل، وعلينا أن نعترف بأن مشكلتنا الأساسية فى الدفاع، وأن يقتنع بأن عمر كمال عبدالواحد أفضل كثيرًا من محمد هانى فى الجانب الأيمن، وأن رامى ربيعة ليس الخيار الأفضل بجوار عبدالمنعم، وأننا نفتقد فى الجانب الأيسر إلى لاعب مقنع حتى الآن، أحمد أمين قفة مثلًا لاعب مبشر وقوى ولكن الدفع به مكان الموهوب مصطفى محمد المصاب لم يكن موفقًا، خصوصًا فى وجود محمد شريف وإبراهيم عادل على الدكة، لأنه لاعب لم يكتسب بعد خبرات اللعب مع الأفارقة، ومحبة فى كرة القدم وفى منتخبنا الوطنى وفى حسام حسن.. يا ريت نلعب كورة بقى.