انفجار فى إسرائيل.. توابع استقالة جانتس من «حكومة الحرب»
«واشنطن بوست»: توقعات بمزيد من الانشقاقات وتعميق الاضطراب السياسى
رأت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن استقالة الوزيرين فى حكومة الحرب الإسرائيلية بينى جانتس وغادى آيزنكوت قد تقلب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو رأسًا على عقب، وتؤدى إلى المزيد من الانشقاقات وتشجع العديد من منتقدى القيادة الإسرائيلية فى الداخل والخارج.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الاستقالة قد تؤدى إلى تعميق الاضطراب السياسى فى إسرائيل، فى وقت تحاول فيه تل أبيب إدارة التداعيات العالمية لحربها على غزة، وتصاعد الأعمال العسكرية على طول حدودها مع لبنان.
ونقلت الصحيفة عن «جانتس» قوله: «هناك حاجة إلى قيادة جديدة لتوجيه إسرائيل خلال هذه الفترة، نتنياهو قدم وعودًا فارغة بتحقيق النصر الكامل، بدلًا من صياغة خطة لليوم التالى للحرب فى غزة، والتصرف بشكل حاسم ضد (حزب الله) فى الشمال، والعمل على وقف إطلاق النار واتفاق إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس».
ولفتت إلى أن «جانتس» يعتبر المنافس السياسى الأقوى لـ«نتنياهو»، ويتفوق عليه بانتظام فى استطلاعات الرأى العام عندما يُسأل الإسرائيليون من هو الأفضل لقيادة إسرائيل، منوهة بأنه على الرغم من أن استقالته لا تهدد على الفور ائتلاف «نتنياهو» إلا أنها قد تؤدى إلى سلسلة من ردود الفعل السياسية، كما يقول المحللون، وتشجع العديد من منتقدى رئيس الوزراء فى الداخل والخارج.
وقالت إنه بعد ساعة من حديث «جانتس» قدم غادى آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلى السابق الذى انضم إلى حكومة الحرب، والوزير الإسرائيلى تشيلى تروبر، خطابى استقالتهما، وكتب «آيزنكوت» إلى «نتنياهو»: «لقد شهدنا أن القرارات التى اتخذتها الحكومة وقراراتك ليست بالضرورة مدفوعة بمصلحة البلاد، لقد تسللت الاعتبارات الخارجية والسياسية إلى غرف النقاش وأثرت على اتخاذ القرار».
ونوهت بأن «نتنياهو» لايزال يحتفظ بأغلبية ٦٤ مقعدًا فى الكنيست الإسرائيلى المؤلف من ١٢٠ عضوًا، لكن المزيد من الانشقاقات قد تكون مقبلة، قائلة: «فى حديثه، خاطب (جانتس) وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت، عضو مجلس الوزراء الحربى من حزب (الليكود)، الذى يتزعمه نتنياهو، قائلًا: فى هذا الوقت، القيادة لا تقول ما هو صواب فحسب، بل تفعل ما هو صواب».
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن «جالانت»، وهو شخصية أكثر اعتدالًا فى ائتلاف «نتنياهو» اليمينى المتطرف بشكل متزايد، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلى سرًا وعلنًا إلى إيجاد بديل لـ«حماس» فى غزة، التى لا تزال قوة قتالية والسلطة الحاكمة بحكم الأمر الواقع فى القطاع، على الرغم من مرور أكثر من ثمانية أشهر من الحرب الطاحنة، كما أعرب «جالانت» عن دعمه للتوصل إلى اتفاق لإعادة المحتجزين الـ١٢٠ حتى لو تطلب ذلك «تنازلات مؤلمة».
وذكرت أنه فى أعقاب أحداث السابع من أكتوبر الماضى قام «نتنياهو» بتشكيل مجموعة حرب حكومية محدودة من ستة أعضاء، مما يضمن منصبه على رأس الحكومة مع استبعاد شركاء الائتلاف المتطرفين من المشاركة فى القرارات الاستراتيجية حول الحرب فى غزة.
«وول ستريت جورنال»: وحدة إسرائيل انتهت..والاحتجاجات المُطالبة بانتخابات مبكرة تتصاعد
قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن استقالة الوزيرين فى حكومة الحرب الإسرائيلية بينى جانتس وغادى آيزنكوت قد تؤجج الاحتجاجات المناهضة للحكومة والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، وتدل على أن وحدة إسرائيل فى بداية الحرب على قطاع غزة قد انتهت.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، فى تقرير لها أمس، أن «جانتس» و«آيزنكوت» قدما استقالتهما، الأحد؛ بسبب طريقة تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، مع الحرب فى غزة، والافتقار إلى استراتيجية طويلة المدى، فضلًا عن الغارة على مخيم النصيرات لتحرير أربعة محتجزين لدى حركة «حماس» الفلسطينية.
ولفتت إلى أن التغيير الحكومى الإسرائيلى يأتى فى الوقت الذى يستعد فيه المسئولون الأمريكيون والإسرائيليون لتجديد مساعيهم للتوصل إلى اتفاق مع «حماس» لإطلاق سراح المحتجزين ووقف الحرب، منوهة بأنه بعد العملية العسكرية الإسرائيلية فى مخيم النصيرات، السبت الماضى، لم يتغير الوضع الاستراتيجى لإسرائيل فى غزة إلا قليلًا.
وأشارت إلى أن تداعيات الهجوم الإسرائيلى على النصيرات أدت إلى مواقف أكثر تشددًا فى المفاوضات، بعدما أثار العدد الكبير من الضحايا الفلسطينيين فى الغارة احتجاجات فى العالم العربى، وتصريحات غاضبة من «حماس»، التى قالت إنها ستسعى للحصول على ضمانات بشأن سلامة سكان غزة قبل استئناف المحادثات.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن خطوة «جانتس» كانت تهدف إلى الإطاحة بائتلاف «نتنياهو» الدينى واليمينى، لكن هذه الاستراتيجية تخاطر بنتائج عكسية، من خلال تمكين الوزراء الأقل انسجامًا مع إدارة الرئيس جو بايدن، فى الوقت الذى تقوم فيه واشنطن بدفعة متجددة لإنهاء الحرب فى غزة وإطلاق سراح المحتجزين هناك.
ونوهت بأن وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، يقوم بجولة فى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، لتنشيط الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، ما يقلل من عزلة إسرائيل ويضع الفلسطينيين على الطريق إلى دولتهم، وفق تعبير الصحيفة.
ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيك سوليفان، قوله لشبكة «سى بى إس» إن: «الطريقة الأكثر فاعلية والأكيدة والصحيحة لإخراج جميع المحتجزين هى التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار».
كما أوضحت أن خروج «جانتس» من الحكومة يدل على أن وحدة إسرائيل فى بداية الحرب قد انتهت، ومن المتوقع أن تؤدى هذه الخطوة إلى تأجيج الاحتجاجات المناهضة للحكومة والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، رغم أن المحللين يقولون إن الانتخابات يمكن أن تتم فى وقت مبكر من هذا الصيف، ولكن بشكل أكثر واقعية فى وقت مبكر من العام المقبل.
واستعرضت الصحيفة الأمريكية الخيارات المتاحة حاليًا أمام «نتنياهو»، وهى: أن يستبدل «جانتس» بنواب متشددين موجودين حاليًا فى المعارضة أو شركاء فى الائتلاف يعارضون الاقتراح الإسرائيلى المدعوم من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب وتحرير المحتجزين، أو حل حكومة الحرب؛ ما يعيد عملية صنع القرار إلى مجلس الوزراء الأمنى العادى، حيث يمكن أن يكون لحلفائه فى الائتلاف اليمينى المتطرف تأثير أكبر.
وأضافت أن كلًا من «جانتس» ووزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت قد أكدا علنًا أن مقعديهما على طاولة مجلس الوزراء الحربى لم تمنحهما تأثيرًا كبيرًا على إدارة الحرب، بينما يقول المحللون إن «نتنياهو»، إلى جانب كبار ضباط الجيش، يسيطرون بإحكام على اتجاه الحرب وكذلك على المفاوضات لتحرير المحتجزين وإنهاء الحرب.
وفقًا للصحيفة، فإن «جانتس» و«جالانت» انتقدا «نتنياهو» لعدم اختياره بديلًا واضحًا لـ«حماس» فى غزة بمجرد انتهاء الحرب؛ ما قد يسمح للجماعة المسلحة بالاحتفاظ بالسلطة، كما تريد إدارة «بايدن» أن تحل السلطة الفلسطينية التى تحكم معظم الفلسطينيين فى الضفة الغربية محل «حماس»، لكن القيام بذلك سيكون «أمرًا حساسًا من الناحية السياسية بالنسبة لنتنياهو، الذى أمضى سنوات يدين السلطة باعتبارها داعمة للإرهاب»، وفقًا لتعبير الصحيفة.
وأفادت بأنه من المرجح أيضًا أن يؤدى رحيل «جانتس» إلى إثارة معركة متجددة حول ما إذا كان يجب على الإسرائيليين المتشددين الخدمة فى الجيش، مثل الآخرين، حيث يدعم «جانتس»، مثل معظم الإسرائيليين، بما فى ذلك البعض فى حزب «الليكود» الحاكم، بزعامة «نتنياهو»، مثل هذا الأمر.
وتابعت: «لكن نتنياهو يعتمد على الأحزاب المتشددة التى تعارض الخدمة العسكرية الإلزامية لناخبيها، بينما تقول وزارة الدفاع الإسرائيلية إنها تحتاج إلى عدد أكبر بكثير من الجنود لخوض حروب إسرائيل الحالية والمستقبلية، ولهذا يخشى البعض أن يهدد خروج (جانتس) بتفاقم الانقسامات السياسية فى إسرائيل عندما تواجه ما يعتبره الكثيرون فى البلاد حربًا من أجل وجودها».
«الجارديان»: نتنياهو يرتمى أكثر فى أحضان حلفائه من اليمين المتطرف
أكدت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن استقالة بينى جانتس، من حكومة الحرب الإسرائيلية، والمعروف بتوجهاته السياسية المعتدلة، تدفع رئيس الوزراء الإسرائيلى بينامين نتنياهو، إلى الارتماء فى أحضان حلفائه من اليمين المتطرف.
وأشار كاتب المقال بيثان ماكيرنان، إلى أن استقالة «جانتس»، الذى كان يشغل منصب رئيس الأركان، لن تشكل تهديدًا سياسيًا مباشرًا فى الوقت الحالى لرئيس الوزراء الإسرائيلى، لأنه لا يزال يحتفظ بالأغلبية داخل البرلمان، إلا أنها سوف تدفعه إلى البحث عن حلفاء آخرين للانضمام إلى مجلس الحرب فى إسرائيل.
وأضاف الكاتب أن «جانتس»، رئيس حزب الوحدة الوطنية الذى ينتمى لتيار يمين الوسط، كان أحد الأركان الثلاثة لحكومة الحرب التى شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلى فى أعقاب هجوم ٧ أكتوبر الماضى.
ولفت إلى أنه فى ظل استمرار الحرب فى غزة، فقد بدأت الانقسامات تظهر بوضوح داخل مجلس الحرب فى إسرائيل حول الاستراتيجية التى يجب اتباعها خلال تلك الحرب من أجل تحرير ما يقرب من ٢٥٠ رهينة إسرائيلى، موضحًا أن «جانتس» وجه اتهامًا صريحًا لرئيس الوزراء أنه لا يولى ملف استعادة الرهائن الاهتمام المطلوب بقدر اهتمامه بمستقبله السياسى والسعى فقط لضمان استمراره فى منصبه.
ونوه الكاتب، كذلك، إلى أن «جانتس» كان قد منح رئيس الوزراء الإسرائيلى الشهر الماضى مهلة حتى الثامن من يونيو الحالى، من أجل وضع تصور واضح ومحدد المعالم حول اليوم الذى يلى انتهاء الحرب فى غزة.
وفى الوقت نفسه، اتهم «جانتس» رئيس الحكومة الإسرائيلية، فى رسالة عبر التلفاز، بالفشل فى تحقيق أى انتصار فى حرب غزة، مطالبًا نتنياهو بتحديد موعد لانتخابات مبكرة.
وأشار الكاتب فى هذا السياق إلى تصريحات زعيم المعارضة يائير لابيد، التى قال فيها إنه حان الوقت لتغيير تلك الحكومة المتطرفة والرعناء، واختيار حكومة تتسم قراراتها بالتعقل لاستعادة الأمن والاستقرار، وتعزيز الاقتصاد، وتحسين صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولى.
ولفت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى يواجه العديد من المشاكل فى الداخل، يأتى على رأسها اتهامات بالفساد إلى جانب التقصير الأمنى الذى أدى إلى وقوع أحداث السابع من أكتوبر، وهو ما يدفعه إلى الاعتقاد أن السبيل الأمثل للإفلات من تلك الاتهامات هو استمراره فى منصبه.