شهادات المستقيلين من إدارة بايدن: زوَّروا تقاريرنا عن الحرب الإسرائيلية على غزة
كشف تقرير أمريكى عن أن مسئولين فى إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن أعلنوا الاستقالة من مناصبهم بسبب سياسة البيت الأبيض تجاه حرب الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة- يتكاتفون لدعم المعارضة المستمرة، والضغط على الإدارة الأمريكية لتغيير مسارها.
وقالت شبكة «CNN»، إن المستقيلين من مختلف تيارات الحكومة الأمريكية، ورأوا أنه لم يعد بإمكانهم العمل لصالح الإدارة، كما غادر عدد آخر بهدوء دون الإعلان عن ذلك، وشدد المستقيلون على أنهم سيسعون إلى إحداث تأثير كبير خارج الحكومة.
ويواجه الرئيس جو بايدن ضغوطًا فى الخارج والداخل بسبب دعمه إسرائيل بعد ثمانية أشهر من الحرب فى غزة، وهو الصراع الذى أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، وشرّد الملايين وخلق مجاعة فى جميع أنحاء القطاع.
وذكرت «CNN» أنه على الرغم من أن خطاب الإدارة الأمريكية أصبح أكثر قسوة تجاه إسرائيل، مع تحذيرات من أنها يجب أن تفعل المزيد لحماية المدنيين والسماح بدخول المزيد من المساعدات، فإن السياسات ظلت دون تغيير إلى حد كبير.
وقال المستقيلون «جوش بول، وهاريسون مان، وطارق حبش، وأنيل شيلين، وهالة راريت، وليلى جرينبيرج كول، وأليكس سميث، وستاسى جيلبرت»، إنهم شعروا بأن وجهات نظرهم وخبراتهم ومخاوفهم لم يتم الالتفات إليها، وأن الإدارة تتجاهل الخسائر الإنسانية الناجمة عن الحملة العسكرية الإسرائيلية، كما تحدثوا عن أن سياسة الولايات المتحدة بشأن الحرب تؤثر بالسلب على مصداقية البلاد.
وأضاف جميع المسئولين أن لديهم العديد من الزملاء الذين ما زالوا داخل الحكومة، ولكنهم يتفقون مع قرارهم بالرحيل.
وقال جوش بول، المسئول فى وزارة الخارجية الذى استقال احتجاجًا فى أكتوبر الماضى: «نحن نفكر فى كيفية استخدام قلقنا المشترك ومواصلة الضغط معًا من أجل التغيير».
فيما قال هاريسون مان: «عندما يكون لديك العديد من المهنيين والمعينين الرئاسيين الذين استقالوا بسبب هذه السياسة، فهذا مؤشر على أن شيئًا ما يسير على نحو خاطئ».
واتخذ «مان»، ضابط الجيش الذى عمل فى وكالة استخبارات الدفاع، قرار الاستقالة فى نوفمبر، بعد أسابيع فقط من ٧ أكتوبر، رغم أنه يهودى وأول عضو فى مجتمع الاستخبارات يستقيل علنًا.
ورأى «مان» أنه بدا واضحًا له فى وقت مبكر أن «الإسرائيليين سيقتلون بلا تمييز أعدادًا هائلة من المدنيين»، وأن هذا «لن يؤثر على الدعم الأمريكى»، وأوضح أن المغادرة كانت «عملية بطيئة للغاية وممتدة»، لذا لم يترك وظيفته فعليًا حتى هذا الأسبوع ولم يخبر الناس بسبب استقالته حتى وقت قريب خوفًا من أن يصبح «شخصًا غير مرغوب فيه».
وقال العديد من المسئولين، لشبكة «CNN»، إنهم تحدثوا مع نظراء آخرين استقالوا علنًا، لطلب المشورة قبل الإعلان عن استقالاتهم. كما قالت ستاسى جيلبرت، الدبلوماسية المهنية التى لديها أكثر من عقدين من الخبرة، إنها كانت تعمل على التقرير المرتقب حول استخدام إسرائيل الأسلحة الأمريكية، وما إذا كانت قد قيدت المساعدات الإنسانية، ولكن بعد ذلك، فى مرحلة ما، جرى تحريف التقرير.
ولم تر «جيلبرت» التقرير حتى صدوره للجمهور فى العاشر من مايو الماضى، ووجد التقرير أنه «من المعقول أن نقيم» أن الأسلحة الأمريكية استُخدمت من قِبل القوات الإسرائيلية فى غزة بطرق تتعارض مع القانون الإنسانى الدولى، لكنه لم يصل إلى حد القول رسميا بأن إسرائيل انتهكت القانون، بل إن التقرير المزيف خلص إلى أن إسرائيل لم تحجب المساعدات الإنسانية عن غزة.
وقالت «جيلبرت» إن الاستنتاج الأول كان «أكثر صدقًا مما كنت أتوقعه»، لكن الاستنتاج الثانى «غير صحيح على الإطلاق».
وتابعت: «هذا ليس رأى الخبراء فى الحكومة الأمريكية، والخبراء فى المساعدات الإنسانية وليس رأى المنظمات على الأرض فى غزة، لذا فإن ما جاء فى التقرير من أن (إسرائيل لا تمنع المساعدات الإنسانية) كان أمرًا مروعًا، وعندها قررت الاستقالة»، ووصفت استنتاج التقرير بأنه «سياسى». فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، هذا الأسبوع: «نحن نستمع إلى الناس.. نريد أن نسمع آراءهم والخبرة التى يقدمونها، ولكن فى النهاية، فإن الرئيس والوزير وغيرهما من كبار المسئولين هم من يتخذون القرارات بشأن ما ينبغى أن تكون عليه سياسة الولايات المتحدة».
وأوضحت الشبكة أن المستقيلين على اتصال ببعضهم بعضًا، وهم «يأملون فى استخدام قوتهم الجماعية للتحدث فى البيانات الصحفية لجعل أصواتهم قوية، والتحدث نيابة عن العديد من الموظفين الذين ما زالوا يعملون ولا يستطيعون التحدث لأنهم يرغبون فى الاحتفاظ بوظائفهم، وهو أمر عادل للغاية».
كذلك أكد أليكس سميث، الذى عمل لمدة أربع سنوات فى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أنه وجد أن السياسات تجاه غزة «ناقصة»، وأن إحباطاته بشأن السياسات الأمريكية حول الحرب تراكمت، لكن «القشة الأخيرة» كانت إلغاء عرض تقديمى كان من المقرر أن يقدمه حول التأثيرات الصحية للأمهات والأطفال الناجمة عن «العقاب الجماعى للمدنيين».
وقال لشبكة «CNN»: «كان ذلك بمثابة القشة الأخيرة أيضًا بالنسبة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لأنهم عادوا بإنذار نهائى مفاده أنه يمكننى الاستقالة، أو إنهاء خدمتى بسبب اختلافات الشخصية». ولهذا ترك الوكالة فى مايو الماضى.
وذكرت ليلى جرينبيرج كول، الموظفة السابقة فى وزارة الداخلية، أول سياسية يهودية معينة تستقيل علنًا: «قضيت الأسابيع القليلة الأولى فى حالة من الذهول من التعامل مع الصدمة، وتأثير ذلك، والحزن على فقدان الناس، لكننى كنت أعرف أيضًا أن أى شىء سيحدث، كرد فعل، سيكون وحشيًا ومروعًا».