زيارة إلهام علييف
بحفاوة، تعكس ما شهدته العلاقات بين البلدين، خلال السنوات العشر الماضية، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، بقصر الاتحادية، إلهام علييف، رئيس أذربيجان، واصفًا زيارته لمصر بأنها «مهمة»، متمنيًا أن تشهد الفترة المقبلة، طفرة فى مسار تعزيز وتطوير التعاون فى كل المجالات، استكمالًا للعلاقات الودية والتاريخية، التى تربط الشعبين الصديقين، وتوطيدًا لأطر الحوار السياسى والشراكات الاقتصادية، بين البلدين، وسعيًا إلى زيادة حجم التبادل التجارى بينهما والوجود الاستثمارى فى كليهما.
الدولة الصديقة كانت إحدى دول الاتحاد السوفيتى السابق، وفى أكتوبر ١٩٩١، اعتمد مجلسها الأعلى إعلان استقلالها، الذى أكده استفتاء شعبى على الدستور، جرى فى ديسمبر التالى، فور حل أو تفكيك الاتحاد. وكالعادة، كانت مصر من أوائل الدول التى اعترفت بذلك الاستقلال، وبعد شهور قليلة، تحديدًا فى مارس ١٩٩٢، بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ومع ذلك، كانت زيارة الرئيس السيسى للعاصمة الأذرية باكو، أواخر يناير ٢٠٢٣، هى أول زيارة يقوم بها رئيس مصرى للدولة الصديقة، بعد استقلالها.
تتشارك مصر وأذربيجان فى «حركة عدم الانحياز» و«منظمة التعاون الإسلامى»، وتجمعهما أكثر من ٦٠ اتفاقية تعاون، أضيفت إليها عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم جديدة، شهد الرئيسان، أمس، مراسم التوقيع عليها، من بينها مذكرة تفاهم فى مجالى الشباب والرياضة، وثانية بشأن الصداقة والتعاون بين محافظة القاهرة والسلطة التنفيذية لمدينة باكو، وثالثة للتعاون فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ورابعة للتعاون فى مجالى الكهرباء والطاقة المتجددة، إضافة إلى خطة عمل مشتركة للتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار بالمناطق الحرة فى مصر ومؤسسة التصدير وتشجيع الاستثمار بأذربيجان، و... و... و«بروتوكول نوايا» للتعاون بين وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، ووزارة الاقتصاد الأذرية.
مباحثات الرئيسين، وكلمتاهما خلال المؤتمر المشترك، أكدت تطلعهما إلى تعزيز العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات، والتنسيق السياسى، بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ودفع العلاقات الاقتصادية والتجارية، عبر الاستفادة من الإمكانات المتاحة فى قطاعات الإنشاءات، والنقل، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات الغذائية والدوائية، والنفط والغاز الطبيعى. وبالفعل، اتفق الرئيسان، على أهمية الحفاظ على دورية انعقاد جولات المشاورات السياسية بين البلدين، وتطلعهما إلى عقد اجتماعات الدورة السادسة لـ«اللجنة المشتركة المصرية الأذربيجانية، للتعاون الاقتصادى والعلمى والفنى»، فى أقرب وقت، وتنظيم «منتدى رجال الأعمال المصرى الأذربيجانى»، لدفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
الملفات الإقليمية كانت حاضرة بقوة، فى مباحثات الرئيسين، وفى القلب منها، طبعًا، «القضية الفلسطينية»، التى تعتبرها مصر صُلب قضايا المنطقة. وفى هذا السياق، استعرض الرئيس السيسى الجهود المصرية لإنفاذ المساعدات الإنسانية لأهالى قطاع غزة، والتوصل إلى وقف إطلاق النار، حتى يتسنى التوجه نحو إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وأملًا فى إحلال السلام والتعايش فى المنطقة، بدلًا من الحروب والدمار والخراب.
بين أرمينيا وأذربيجان، نزاع يمتد لأكثر من ثلاثين سنة، حول مرتفعات «ناجورنى قره باغ»، ولأن موقف مصر المحايد من هذا النزاع يتيح لها أن تخلق قاعدة جيدة لتسوية مستقبلية، كان طبيعيًا، أن يؤكد الرئيس السيسى، خلال مباحثات أمس، ثم فى المؤتمر الصحفى المشترك، مساندة الدولة المصرية كل المبادرات الرامية إلى تحقيق الاستقرار فى منطقة جنوب القوقاز، ودعمها الكامل للحوار والتفاوض لتحقيق السلام العادل والشامل، مشيدًا بالتقدم الذى تم إحرازه مؤخرًا، فى ملف ترسيم الحدود الأذرية الأرمينية، الذى من شأنه أن يؤسس لمرحلة جديدة من التنمية، ويحقق مصالح وطموحات شعوب المنطقة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس علييف وجه دعوة للرئيس السيسى للمشاركة فى الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٩، وأعرب عن سعادته بقبول الدعوة. ولعلك تعرف أن مصر كانت قد استضافت الدورة السابعة والعشرين من المؤتمر نفسه، كوب ٢٧، فى نوفمبر ٢٠٢٢، وحققت، بشهادة العدو قبل الصديق، نجاحات عديدة، غير مسبوقة، فى ملف مواجهة التغير المناخى.