رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البطريرك المصرى وشهادته الوطنية

«إن إعداد رجال الدين المسيحى لإخواننا الأقباط محتاج إلى عناية خاصة من الدولة ومن الأقباط أنفسهم، لأسباب طبيعية يسيرة أيضًا، فإن الأقباط مصريون يؤدون الواجبات الوطنية كاملة كما يؤديها المسلمون، ويستمتعون بالحقوق الوطنية كاملة كما يستمتع بها المسلمون، ولهم على الدولة التى يؤدون إليها الضرائب، وعلى الوطن الذى يذودون عنه، ويشاركون فى العناية بمرافقه ما للمسلمين من الحق فى العناية بتعليمهم وتقويمهم وتثقيفهم على أحسن وجه وأكمله، وما نظن أن أحدًا يستطيع أن ينكر ذلك أو يجادل فيه، بل ما نظن أن أحدًا أنكر ذلك أو جادل فيه، وقد قرر الدستور المصرى الذى نؤمن به جميعًا أن المصريين سواء فى الحقوق والواجبات، لم يفرق فى هذه المساواة بين المسلمين وغير المسلمين، والمُلاحظ أن الظروف المصرية الخاصة لا تسمح فى هذه الأيام، ولا ينتظر أن تسمح فى المستقبل القريب بإعفاء الدولة من التعليم الدينى فى بعض مراحل التعليم».. 

هى بعض سطور من رسالة تاريخية بديعة ومهمة حررها عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، موجهها لإدارة الكنيسة المصرية التى كان يقول فى وصفها إنها الكنيسة الوطنية، وهى الامتداد الطبيعى والوريث الشرعى للحضارة المصرية القديمة، قال «الكنيسة القبطية مجد مصرى قديم، ومقوم من مقومات الوطن المصرى، فلا بد أن يكون مجدها الحديث ملائمًا لمجدها القديم»..

وقد ضمن العميد رسالته بعض الإشارات والملاحظات النقدية لقوام وبنيان الرسائل الروحية التربوية المهمة، والوسائل والطرق المراعاة فى التواصل مع الأطفال والشباب، للاستفادة بالأبعاد الروحية عبر آليات من التعاون الرائعة بين المؤسسات الروحية والأخرى التربوية والتعليمية..

وعليه، أسعدنى تواصل تلك الأدوار التنويرية بترتيب وعقد تلك المقابلة التليفزيونية البديعة التى أجراها الإعلامى الدكتور محمد الباز رئيس مجلسى إدارة وتحرير «الدستور»، وصاحب التجربة الطويلة فى التعامل مع الملف الدينى عبر مواقع مختلفة ووسائط إعلامية متنوعة مع قداسة البطريرك تواضروس الثانى؛ للوقوف معًا لقراءة تفاصيل شهادة رأس الكنيسة الأكبر فى المنظومة المذهبية المسيحية الكنسية كشهادة مهمة وضرورية لتشكل تفصيلة تاريخية وطنية مهمة، ينبغى ضمها لمجموعة الشهادات الوطنية والإنسانية والواقعية التى قدمها برنامج «الشاهد» التليفزيونى على ألسنة أطياف ورموز وطنية متعددة المسئوليات والمواقع، توثق لمرحلة تاريخية مهمة فى حياة وعمر وطن عظيم، اجتاز فيها شعبنا بنجاح عبور مرحلة إسقاط حكومة إرهابية شديدة التخلف الفكرى والعقم المعرفى، ونوايا غير وطنية وأهداف قاتلة للطموح الإنسانى الطبيعى المبادر الممتلك رؤى مستقبلية علمية وطنية نافعة..

وعليه، أسعدنى أن تتوقف المقابلة الموثقة على هواء القناة الإخبارية الوطنية الرائعة «إكسترا نيوز» مع البطريرك الوطنى النبيل عند بعض المخرجات المهمة التالية:

■ فى يوم ٣ أبريل ٢٠١٣ وتحديدًا قبل وقوع حادثة الاعتداء على الكاتدرائية فى عهد الإخوان، زارنى سفير الفاتيكان من أجل التهنئة على منصبى الجديد، وفى نهاية الزيارة سألنى عن موعد زيارتى للفاتيكان، فأخبرته بأنه ليس لدى أى مانع، ولكن فى تاريخ محدد، يوم ١٠ مايو ٢٠١٣، لأن ذلك اليوم يوافق مرور ٤٠ عامًا على زيارة البابا شنودة للفاتيكان فى ١٠ مايو عام ١٩٧٣..

■ كنت فى زيارة خارج البلاد عندما أعلن فى البداية عن فوز منافس المرشح المهندس «محمد مرسى» الفريق «أحمد شفيق»، فاستقبلوا الخبر بالزغاريد، لكن بعد نصف ساعة انقلب الفرح لحزن وغم، وانقلبت الزغاريد لصويت وبكاء، عندما وصل خبر آخر بنجاح «محمد مرسى»!!

■ وأردف البطريرك: «كنا نصف الليل، وعم البكاء، واللى فكر يحضر أهله لأستراليا، واحد قال لى أنت هترجع مصر؟ قلت له طبعًا هأرجع مصر، كانت الأحداث تنبئ بأن شيئًا يُسرق، ليست هذه مصر، وليست هذه الطبيعة الحياتية لإخوتنا وجيراننا فى مصر، ليست هذه نكهة مصر، ولا طبيعة كل يوم، حتى اللغة المستخدمة فى الإعلام ليست اللغة التى اعتدنا عليها، أقرب تشبيه هو السرقة، وواحد شَبه لى الموقف لما الفرخة تطير عند الجيران ينتفوا ريشها، إحنا كده بينتفوا ريشنا»..

■ «بعد أيام قليلة من أحداث الخصوص والاعتداءات التى تمت فى الزمن الإخوانى، والتى وصلت إلى بيوت الأقباط والكنيسة، حدثت الاعتداءات على الكاتدرائية (الكنيسة الأم)، وتحديدًا يوم ٧ أبريل ٢٠١٣، وكنت موجودًا فى محافظة الإسكندرية حينها، ووصفت هذا الحدث بالتواطؤ، الأمر الذى أزعج العديد من المسئولين فى ذلك الحين»..

■ وأضاف: «كنت أواجه المسئولين حينها بكل حزم حول كيفية الاعتداء على الكاتدرائية رغم الحراسة الأمنية المشددة عليها، فهى ليست كنيسة صغيرة أو داخل قرية، بل موجودة فى العاصمة، فضلًا عن رمزيتها المهمة للدولة المصرية، ولم يحدث فى التاريخ السابق مثل هذه الحادثة، فقد رأينا اعتداءات على كنائس صغيرة وفى أماكن بعيدة، ولكن الكنيسة المركزية كان أمرًا غير مقبول بالمرة».. 

■ وعن زيارة الوفد الأمريكى فى ظل الأحداث الإرهابية عام ٢٠١٣ كان يشمل حوالى ٨ أفراد منهم سيدتان، كان يتابع عن كثب واهتمام الاعتداءات التى تعرضنا لها داخل الكنيسة والكاتدرائية، ويستفسرون عن رد فعلنا كأقباط حول ما حدث، وحينها أكدت لهم أن الكنيسة لا تعادى الوطن فى مثل هذه الاعتداءات، ونعلم جيدًا أن جميع من ماتوا هم شهداء..

وللمقال تتمة للتوقف عند المزيد من مخرجات شهادة راعى الكنيسة المصرية ودلالاتها، وردود الأفعال الوطنية والإنسانية كرد فعل ومحصلة لعناصر أخرى تضمنتها تلك الشهادة الوطنية المهمة والبديعة.