مَن يُمثل الوزراء الجدد ويقدمهم للإعلام؟
كنا فيما سبق ٢٠١١ لا نولي نحن- الإعلاميين- اهتماما كبيرا بمن يشغل مهمة المتحدث الرسمي باسم وزارة ما، فقد كان الوزراء - في معظم الأحوال - يقومون بتلك المهمة بأنفسهم، وكانت علاقاتهم بمندوبي المؤسسات الصحفية والإعلامية المختلفة لدى وزاراتهم علاقات ودية ومباشرة تقوم فقط بترتيبها وتنسيقها إدارات العلاقات العامة بكل وزارة أو هيئة كبرى. وزارة الشباب مثلا كان فيها دينامو يبرز كل أنشطتها وعلى علاقة طيبة مع معظم الصحفيين والإعلاميين المتعاملين مع ملف الشباب هو أحمد عفيفي الذي لا أعرف إن كان قد بلغ سن التقاعد، أو يعمل حاليا في أي قطاعات الوزارة إن كان لا يزال في الخدمة. وكذلك المهندس حمدي عبد العزيز المتحدث باسم وزارة البترول منذ عدة سنوات والذي أصبح يمتلك قاعدة بيانات لمعظم المتعاملين مع وزارته من ممثلي وسائل الإعلام.
شركة الطيران الوطنية أيضا كان يتولى مهمة التنسيق الإعلامي لها عبد العظيم صدقي مستغلا علاقات الصداقة التي كوّنها مع معظم الإعلاميين خلال سنوات دراسته معهم في إعلام القاهرة. غير أننا عرفنا قبيل 2011 منصب المتحدث الإعلامي المنتدب من إحدى المؤسسات الصحفية للقيام بالمهمة لدى وزارة ما، حيث انتدب شريف عبد الباقي - رئيس تحرير الأهرام الاقتصادي فيما بعد- ليكون مستشارا إعلاميا لوزير التنمية الإدارية الأسبق د.أحمد درويش، فأبلى بلاء حسنا إذ قرّب بنشاطه للمواطنين فكرة الحكومة الذكية التي كانت موضع تندر البعض حين ظهر هذا المصطلح على الساحة الإعلامية.
بعد 2011 زاد الاعتماد على الكفاءات الصحفية المتميزة كمتحدثين إعلاميين في معظم وزارات الحكومة وأذكر في هذا السياق مثلا عبد الجواد أبو كب رئيس تحرير بوابة روزاليوسف السابق والذي تولي مهمة المتحدث الرسمي باسم وزارة البيئة ومنها إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وكانت هناك أيضا الصحفية المتميزة مها سالم التي تولت ملف الإعلام في وزارة الهجرة كمستشار للاتصال السياسي ومتحدث رسمي استطاعت أن تمثل همزة وصل إعلامي بين الوطن والمصريين في الخارج.
وفي كل تلك التجارب التي لاحظتها وتابعتها عن كثب أرى أن مهمة المتحدث الإعلامي لوزارة ما لا بد لمن يتولاها أن يراعى عند اختياره عددا من الأمور، وأن يتصف ببعض الخصال حتى ينجح في أداء مهمته الوطنية الرفيعة وأن يكون عونا للوزير وليس عبئا عليه. إذ ينبغي على كل من يتولى هذا التكليف أن يتواصل مع المنصات ومندوبي الإعلام في وزارته بشكل دائم، وأن يتمتع بعلاقات طيبة مع كل مسئولي الوزارة لإتاحتهم للتحدث فيما يثار من الإعلام نحو أداء الوزارة سلبا أو إيجابا، في الوقت المناسب وكل فيما يخصه، وأن يكون هذا المتحدث على وعي كامل وملما بكل تفاصيل الملفات المكلفة بها وزارته، وأن يبقى على استعداد دائم للرد على كل الملاحظات التي يبديها الإعلام نحو أداء الوزارة.
وفي هذا السياق أذكر بكل خير أداء هاني يونس المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء والمشرف العام على المركز الإعلامي به، إذ أبرز الرجل نشاطا كبيرا منذ كان مكلفا بمهمة المتحدث الإعلامي لوزارة الإسكان في عهد د. مصطفى مدبولي. وحتى حين انتقل معه كمستشار إعلامي لمجلس الوزراء بقى على ود تام وتعاون واضح مع كل وسائل الإعلام، إذ يرد بنفسه على ما يبديه الإعلاميون من ملاحظات وما يوجهونه إليه من أسئلة أو ما يطلبونه من إيضاحات. كما تميز يونس بمتابعاته شبه اليومية لنشاطات وجولات رئيس الوزراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي سواء بالكلمة أو بالصورة. هناك أيضا الإذاعي أحمد إبراهيم الذي تولى المهمة متحدثا إعلاميا باسم وزارة النقل، ثم غادرها إلى وزارة الزراعة. والحقيقة أن هذا الرجل يمثل اختياره ذكاء ممن اختاره لصفات شخصية فيه ولطبيعة عمله الأصلي كمذيع متميز في الإذاعة المصرية. مما أهله أن يكون نموذجا لما ينبغي أن يكون عليه المتحدث الإعلامي من إجادة للغة العربية ولباقة أكسبه إياها تعامله الاحترافي مع الميكروفون فضلا على استعداده الشخصي والإنساني للخدمة العامة.
في المقابل حكى لي بعض الزملاء عن تجربة له مع أحد الصحفيين المتحدثين باسم صندوق خدمي ما، إذ ذكروا لي أنه رجل يتعامل بصلف شديد مع الإعلام وبانتقائية لم تعهد في الرئيس التنفيذي للصندوق نفسه، فهذا المتحدث حريص على أن يتحدث هو شخصيا دون الاستعانة بأي من الخبراء أو المتخصصين معه في ملف أراه شديد الحساسية ولا أعتقد أنه يجيده.
أظن مع إعلان الحكومة الجديدة أن يعيد الوزراء الجدد وحتى من سيستمر منهم تقييم المتحدثين باسم وزاراتهم، فمن أجاد يتم تجديد الثقة فيه، أما من صنع أزمة لوزارته أو تسبب في عدم وصول سياسات وزارته للجمهور أو أدلى بتصريح سبب حرجا للوزير فلابد أن يعفى من المهمة وأن يستبدل بآخر. كما أحلم أن تهتم كليات الإعلام بتدريس هذا الملف سواء كدبلومة متخصصة، أو حتى بتأسيس قسم متخصص يضاف إلى الأقسام القائمة حاليا. كما أتمنى أن يهتم من يتم اختيارهم كمتحدثين بما توفره لهم الأكاديمية الوطنية للتدريب من فرصة متميزة لاكتساب خبرات عملية وأكاديمية لكيفية إدارة ملفات الإعلام في الوزارات التي يتم اختيارهم لها. وأن يسعوا بمجرد تولي المهمة عمليا إلى صقل خبراتهم والتعرف على ما خفي عليهم وما لم يمارسوه واقعيا حتى يكتب لهم النجاح. هذا النجاح للمتحدثين الإعلاميين سيخفف كثيرا من الأعباء عن كاهل الوزراء وسيجعلهم يتفرغون – إلا فيما ندر وعظم من حالات – للعمل الميداني وللتخطيط لما سيكلفون به من ملفات بعد أداء اليمين الدستورية.