استراتيجيات التأويل والعنف الديني.. مناقشة جادة حول التيار الحداثي
استراتيجيات التأويل والعنف الديني في الفكر الإسلامي المعاصر، عنوان أحدث إصدارات مؤسسة مؤمنون بلا حدود، للباحث صبحي عبد العليم نايل، وتقديم المستشار المفكر عبد الجواد ياسين.
معالجة تأويل العنف في الإسلام
وفي تصريحات خاصة لـ “الدستور”، كشف الباحث الشاب صبحي نايل، ملامح كتابه استراتيجيات التأويل والعنف الديني، مشيرا إلى أن الكتاب يسعى في شقه الأول، إلى تفنيد حالة التماهي التي تزعمها الجماعات الجهادية بأنها يد الله في الأرض وأنها تنطلق من القرآن وتعاليمه، وأن أفعالها أومرٌ إلهيةٌ غير قابلةٍ للنقاش الإنساني، وأنها في حالة تماهٍ تامةٍ مع الله.
وأوضح “نايل” أن تفنيد حالة التماهي ووضعها على طاولة النقاش، أحد أهداف الكتاب، فضلا عن طرح التساؤلات حولها، وحول ما إذا كان القرآن، بوصفه بنيةً نصيةً، أكثر قدرة على تحريك السلوك الإنساني من الواقع الذي يعيش فيه ويحدد أهدافه وآماله؟ وإذا لم يكن للقرآن القدرة على تحريك السلوك الإنساني، فهل يعد بذلك أحد الأدوات الاستهلاكية التي تستخدمها الجماعات الجهادية للوصول إلى أهدافها؟
وتابع “نايل” عن كتابه “العنف الديني”: يُخضع الكتاب في شقه الثاني الاستراتيجيات التأويلية المعاصرة للدراسة من خلال مناقشة أربعة مشاريع لمفكرين معاصرين، محمد أركون، نصر حامد أبو زيد، علي مبروك، عبد الجواد ياسين. وتراهن هذه المشاريع على التأويل، بالمعنى الحديث، بوصفه أحد أدوات فك حالة التماهي مع الله، التي تفرضها الجماعات الجهادية؛ لأن التأويل يعد إثباتًا لبشرية القراءات المقدمة للنص القرآني، وخضوعها للقبول والرفض البشريين، وسلب الحق من أي قراءةٍ تزعم التطابق مع المقصد الإلهي.
https://www.dostor.org/4728337
فهل تفادت هذه الاستراتيجية التأويلية ما وقعت فيه نظيراتها من أخطاء؟ وهل كان بإمكانها تقديم استراتيجية شافية تمكّن القرآن من الحضور الحي في زمانها، ويُقدم للجماعة المسلمة شروط تقدمها، وانفتاحها على كل ممكنات العيش؟ وباختصار، هل نجحت هذه الاستراتيجيات في الوصول إلى هدفها المتمثِّل في سحب النص وقدسيته من الجماعات الجهادية؟ هذا وغيره يطرحه الباحث صبحي نايل في كتابه استراتيجيات التأويل والعنف الديني في الفكر الإسلامي المعاصر.
مناقشة جادة حول التيار الحداثي
وفي مقدمته لكتاب استراتيجيات التأويل والعنف الديني في الفكر الإسلامي المعاصر، يري المفكر عبد الجواد ياسين: "في هذا الكتاب، يقدم صبحي عبد العليم نايل، مناقشة جادة حول هذا التيار التجديدي الذي يسميه "التيار الحداثي" وطريقة معالجته لمشكل تأويل العنف في الإسلام، وبحسب صبحي، ينتسب هذا التيار إلى الفكر الإسلامي المعاصر، وهو "يراهن خاصة في نموذجيْ الدراسة على التأويل كحل لمشكل العقل العربي، بوصفه آلية سحب النص من الجماعات الجهادية"، حيث يُمَكِّن التأويل من إطلاق قراءات ورؤى متعددة للنص القرآني، تسمح بانفتاح المجتمعات العربية على العالم؛ وذلك من خلال تطبيق المناهج الألسنية الفيلولوجية المعاصرة.
ويضيف “عبد الجواد”: يمكن موافقة صبحي على تنسيب نموذجيْ أركون وأبي زيد إلى الفكر الإسلام المعاصر بالمعنى الواسع، ويمكن إدراجهما في إطار "التأويل" بالمعنى الواسع أيضًا، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، والذي أقترح على القارئ استصحابه طوال رحلة القراءة، هو: إلى أيّ مدى يمكن التعويل على التأويل لحل مشكل التناقض بين النص والواقع -كما صارت تطرحه وتنبئ به التطورات الحداثية المتسارعة- خصوصًا في مسألة العنف؟