"أرضنا مستقبلنا" التحدى 2024
الملف البيئى المصرى، حديث ذو شئون. عندنا وزارة للبيئة، وتحت يديها موارد من الدولة. لكن التلوث البيئى بكل أشكاله، السمعى والبصرى والهوائى، والمائى، وتلوث المناطق الصناعية، وتلوث مياه البحر، وتلوث الشوارع بالحفر والبلاعات المفتوحة، والأسلاك الكهربائية العارية، وعدم وجود الحد الأدنى، اللائق للبشر فى الأبنية التعليمية والصحية، خاصة فى القرى والأماكن الفقيرة.
5 يونيو، هو اليوم العالمى لحماية البيئة. وهذا العام 2024، يتخذ شعار: «أرضنا مستقبلنا».. «استعادة كوكب الأرض».
تعمق اهتمامى بقضايا البيئة، وأنا فى لندن، للحصول على الماجستير، فى التنمية والتخطيط العمرانى، وقررت أن أعد الدكتوراه فى العلوم البيئية، بعد عودتى لمصر.
كان مشرفى د. قدرى حفنى، الأستاذ الرفيع علما وثقافة وخلقا، جامعة عين شمس / معهد الدراسات والبحوث البيئية.
اخترت موضوع «الايكوفيمينزم» وهو مزيج من «إيكولوجى» علم البيئة، والذى ما زال مهملا إلى حد كبير،
و«فيمينزم» ويعنى حركات تحرير المرأة.
أصبحنا نعيش فى «عالم واحد»، وفى حضارة واحدة، تفرض سطوتها على الجميع.
حضارة طبقية من أجل الأغنياء... حضارة ذكورية تقهر النساء.. حضارة همجية تدعى التقدم، والتمدن، والتحضر، ما زالت تطمع فى التوسعات، وإخفاء الحقائق، تعتمد البطش المسلح، والتدخل العسكرى.
حضارة عالمية تزعم فصل الدين عن الدولة، وهى دينية من الجذور وحتى النخاع، لا تخاصم الأصوليات الدينية، بل تنشطها لمصالحها. ولا تحارب الإرهاب الدينى، يقسم الشعوب على أساس دينى، مذهبى، طائفى، طالما يدعم مبادئها.
حضارة التضخم الإعلامى والتكنولوجى المضلل، والتناقضات والازدواجيات الأخلاقية والثقافية الصاخبة، المغلفة بمسميات برّاقة.
حضارة سببت للرجال، «الصلع» المبكر، و«القذف» المبكر، و«الكفن المبكر».
وأصابت النساء بهوس «الطاعة»، وهوس «التجميل»، وفوبيا «العنوسة».
حضارة أمراض وفيروسات مستحدثة، واختلالات فى نفوسنا، وأجسادنا، هى نتيجة احتجاج الطبيعة، وغضب البيئة، وانتقام الأرض، ضد منْ ينتهك سلامتها وتوازنها.
حضارة الثلاجات الممتلئة، والنفوس الفارغة. حضارة المنشطات الجنسية،
والعواطف اليائسة. حضارة تبنى ناطحات السحاب، وتهدم شموخ الإنسان. تقتل الآلاف بمهارة، وفشلت فى إسعاد شخص واحد، سعادة إنسانية حقيقية دائمة.
حضارة تشترى لاعب كرة القدم، بملايين الدولارات، وتدفع أرقاما خيالية لإعلانات تسليع النساء، ولنجوم الإعلام والسينما، بينما يموت الملايين، فى كل مكان من سوء التغذية وقلة الدواء، وتدهور البيئة.
الآن، العالم يستهلك ويمتلك ويكتشف ويعرف أكثر. لكنه أكثر قسوة وتعاسة.
أى فلسفة تحكم الاستهلاك والتملك والاكتشاف والمعرفة؟. هذه هى القضية، التى يتم تجاهلها، سهوًا، أو عن عمد.
نحتاج وعيًا عالميًا بيئيًا جديدًا، يتجاوز الحواجز الجغرافية والسياسية، من أجل «واجبات أخلاقية»،
تنقلنا من حضارة ديكتاتورية، واستبداد، النسق «الهرمى»، الى حضارة ديمقراطية وعدالة، النسق «الدائرى».
حضارة توفر البيئة الكريمة السهلة، لأقلية مرفهة، بينما يمرض الغالبية الفقراء من غياب الحد الأدنى، للحياة التى لا تهدر كرامة الإنسان، وصحته.
وقد صنعت حركات «الايكوفيمينزم»، العالمية، إضافتها الجديدة، ألخصها كالتالى:
1 – العلاقة العضوية الوثيقة، بين حركات تحرير المرأة، وحركات حماية البيئة والطبيعة،
وحركات تحرير الشعوب المقهورة. إن تحرير النساء، وتحرير البيئة، وتحرير الشعوب،
«نضال»، واحد مترابط.
2 – الانتهاكات للطبيعة، وللبيئة، من إفراز الحضارة «الذكورية»، المستغِلة للنساء
والأرض والموار الطبيعية والبيئية.
تلك الحضارة، لم تنتج طوال تاريخها، إلا الموت والدمار والحروب والجرائم والتفرقة.
والمرأة بحكم ارتباطها العضوى، بالأطفال، تكون أكثر حرصًا على ضمان البيئة الصالحة الآمنة، المتكاملة لضمان حاضرهم ومستقبلهم.
فالطبيعة، والموارد البيئية، تعتبر تمامًا مثل المرأة «أنثى» حاضرة، وجاهزة، ومقننة، ومستباحة،
للاغتصاب، و«جسد»، متاح، «للتحرش»، و«العنف».
3 - كل أشكال التفرقة، مترابطة. ولذلك، فإن تغيير مقولة إن الانسان، ويقصد به الرجل «سيد الطبيعة»، مرتبط بتغيير، أن الرجل «سيد المرأة»، مرتبط بتغيير مقولة أن الإنسان أبيض البشرة، «سيد الإنسان أسود البشرة»،
مرتبط مقولة أن الإنسان الغنى «سيد الفقير»، مرتبط بمقولة، أن دول الشمال، «سيدة دول الجنوب».
4 – الفقر، والقهر، والظلم، من «ملوثات»، البيئة. وهى لا تقل خطورة، عن ملوثات البيئة المادية، مثل قطع الأشجار.
فالفقر «يلوث» كرامة الإنسان. والظلم «يقطع» إنسانيته. والقهر «يدمر» حياته.
5 - عدم الفصل بين «العام» و«الخاص»، بين «العالمى» و«المحلى».
إن أشرس الأوبئة، ليس أخطر على البشرية، من أوبئة الفقر المهلك، وفيروسات القهر المتحورة، وأمراض التملك والسيطرة، وعبادة الفلوس، والوصايا الدينية.
من بستان قصائدى
===============
كنت أحلم بشقة تطل على «النيل»
تحقق الحلم
فلم أعد أرى «النيل»