مصر والعرب.. ويوم إفريقيا
فى القاعة نفسها، التى استضافت القمة الأولى لمنظمة الوحدة الإفريقية، سنة ١٩٦٤، احتفلت الخارجية المصرية وجامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقى، أمس الأحد، بـ«يوم إفريقيا»: يوم الخامس والعشرين من مايو، الذى وافق الذكرى الحادية والستين لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، الاتحاد الإفريقى لاحقًا. ولعلك تعرف أن دولة ٢٣ يوليو لعبت دورًا محوريًا، أو الدور المحورى، فى تحرير غالبية الدول الإفريقية والعربية من الاحتلال، وأسهمت بدور فاعل فى تحقيق تطلعات شعوبها خلال مرحلة ما بعد الاستقلال.
انطلاقًا من وحدة الهدف والمصير، وأملًا فى تجسيد روح التضامن بين دول القارة السمراء، تأسست منظمة الوحدة الإفريقية فى ٢٥ مايو ١٩٦٣، وكما استضافت مصر، فى السنة التالية، القمة الأولى للمنظمة، استضافت، أيضًا، سنة ١٩٧٧، أول قمة عربية إفريقية مشتركة، وأثبتت عمليًا أن الترابط الحضارى والثقافى، يمكنه أن يخلق تضامنًا سياسيًا بين الجانبين، حين نص البيان الختامى لتلك القمة، «إعلان القاهرة»، على دعم نضال شعوب فلسطين، زيمبابوى، جنوب إفريقيا، الصومال، وجزر القمر، لنيل استقلالها. وهو ما تحقق، فعلًا، فى خمس دول، بينما بقيت فلسطين وحدها تحت الاحتلال.
تعتز مصر بانتمائها الإفريقى والعربى، ولديها رؤية واضحة بشأن الأولويات التى ينبغى التركيز عليها لتحقيق الاستفادة المثلى من أطر التنسيق القائمة وتعزيز الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية. كما تتفاعل بشكل جاد مع كل التحديات الأمنية والسياسية والتنموية وتدافع عن مصالح الدول الإفريقية والعربية، فى كل المحافل الدولية. ولسنا فى حاجة إلى تأكيد، أو إعادة تأكيد، أن الجهود، التى قامت بها دولة ٣٠ يونيو، ولا تزال، خلال رئاستها الأجهزة والكيانات التابعة للاتحاد الإفريقى أو للجامعة العربية، كان هدفها الأساسى، وسيظل، هو تحقيق تطلعات الدول الشقيقة وطموحات شعوبها، فى الاستقرار والتنمية والحياة الكريمة.
إفريقيًا وعربيًا، دعمت دولة ٣٠ يونيو كل جهود البناء والتنمية والتعمير وإطفاء الحرائق، كلما أمكنها ذلك. وبقليل من التركيز، يمكنك ملاحظة أن مصر، منذ منتصف ٢٠١٤، أولت قضايا القارة السمراء والمنطقة العربية أولوية متقدمة فى سياستها الخارجية، وحرصت على التواصل والتنسيق مع أشقائها الأفارقة والعرب، وقامت بتسخير كل إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقى العربى المشترك.
من هذا المنطلق، قامت مصر، منذ بداية رئاستها الحالية للوكالة الإنمائية للاتحاد الإفريقى، «النيباد»، مثلًا، بدراسة جميع السبل الممكنة لتحقيق تطلعات الشعوب الإفريقية، وتنفيذ أهداف أجندة ٢٠٦٣ التنموية، مع التركيز على قائمة المشروعات ذات الأولوية فى مجال البنية التحتية، التى تتضمن ٦٩ مشروعًا، أبرزها مشروع الربط الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، الذى يتولى الرئيس السيسى ريادته، وطريق القاهرة كيب تاون. ومن هذا المنطلق، أيضًا، جاءت ريادة مصر لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد الصراعات. كما لم تدخر جهدًا فى تنفيذ مشروعات واعدة بالدول الشقيقة.
يضم الاتحاد الإفريقى نصف الدول الأعضاء فى الجامعة العربية تقريبًا، ما يجعل التعاون المؤسسى «أمرًا حتميًا»، بتعبير أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذى أشار فى كلمته، خلال احتفال أمس، إلى أن علاقات الجوار الممتدة دون عوائق طبيعية، ساعدت على الاندماج والتلاقى بين الشعوب العربية والإفريقية، وأسهمت فى صناعة مواقف مشتركة، وتقوية الرغبة نحو صياغة مستقبل أفضل يتكامل فيه أبناء المنطقتين، موضحًا أن الجامعة دائمًا ما تعمل بشكل متناغم ومتوافق مع الاتحاد الإفريقى بهدف بناء شراكة عربية وإفريقية ذات أبعاد وأهداف استراتيجية واعدة وبناءة.
.. وأخيرًا، نرى أن الدول الإفريقية والعربية، صاحبة الـ٦٤ صوتًا فى الأمم المتحدة، يمكنها أن تلعب دورًا أكثر تأثيرًا، على المستوى الدولى، فى مواجهة العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة، وأيضًا، فى التعامل مع ملفات الإرهاب والصراعات الداخلية وتهريب البشر والسلاح والمخدرات، و... و... وغيرها من التحديات، أو التهديدات، التى تؤثر، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، على دول القارة السمراء والمنطقة العربية.