لو لم تجد دورًا جديدًا تلعبه فهاجم القاهرة!
بعضهم يسير هكذا بالفعل.. لا أجد دورًا جديدًا ألعبه إذًا عليَّ أن أهاجم القاهرة، التحرش بعاصمتنا المصرية لا يهدأ البتة؛ لأنها العاصمة التي لا تهدأ مدافعة عن الحق البين ومريدة إنهاء الصراع الأزلي في منطقة الشرق الأوسط بمدد من الاتفاقيات السابقة واحترام القوانين الدولية والإنسانية، الصراع الذي يضر بالجميع ويهدر طاقات الجميع، ولا يجعل لأجيال هذه المنطقة المشتعلة على الدوام مستقبلًا يُذكر..
إسرائيل في المقدمة طبعا، مقدمة المهاجمين للدور المصري، وفي مقابلة حديثة مع قناة سي إن إن التليفزيونية الأمريكية، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "آمل أن تفهم مصر أننا لا نستطيع الاتفاق على شيء من قبيل المشاركة في مفاوضات مستقبلية بشأن وقف إطلاق النار".. هذا نص قوله، وفي هذه المقابلة نفسها أشار إلى كونه يعتبر إسرائيل "هي القوة الوحيدة القادرة على منع عودة الإرهاب في المستقبل المنظور". لا يريد نتنياهو أن تمارس مصر دورها الطبيعي في عملية إحياء الأمل التي تحاولها بالرغم من تفاقم الأوضاع السيئة في القطاع الغزي، وإقحام رفح المفاجئ في الموضوع، وكل العوائق والعقبات التي تجعل الممكن مستحيلا، هو يعرف ثقل مصر ويعرف حجم تأثيرها، كما يعرف تماما أنها الأقرب إلى فلسطين حدوديًا وعاطفيًا أيضًا، وأنها الصخرة الأضخم التي بإمكانها كسر أطماعه العميقة إذا ما فكر في الدنو المريب منها والمساس الضار بها.. ترتيب جيشها سابق لترتيب جيشه، وشعبها العظيم يفدي أطرافها بأفئدته!
كافحت مصر سنوات طوال من أجل القضية الفلسطينية، العدالة والشرعية، كافحت كفاحا مريرا، ولا زالت تكافح، وتحملت أعباء لا مثيل لها، لكنها تعلم أن صمودها يساوي استمرار رفعتها كقائد تاريخي للعرب، ويساوي صدق دفاعها عن نفسها أيضا؛ فهي المستهدفة من وراء الاستهداف الإسرائيلي للفلسطينيين، ولو كان الاستهداف في صورة تهجير تقلب خريطتها وتنقل ويلات الحرب إلى سوحها الطيبة الهادئة.
بالأمس القريب أكد وزراء خارجية مصر والأردن وفرنسا "أهمية دور مصر في الجهود الرامية إلى تخفيف معاناة السكان المدنيين في غزة، وكذلك في المفاوضات المتعلقة بقضايا وقف إطلاق النار والرهائن والمحتجزين، وتنفيذ التدابير المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية في 26 يناير و28 مارس 2024"، كما أنهم "عارضوا أي هجوم عسكري على رفح التي تأوي 1.5 مليون نازح فلسطيني، حيث إن أي هجوم على رفح سيؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح ويزيد من تفاقم الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة، داعين الحفاظ على الوضع القائم للأماكن المقدسة في القدس دون تغيير، بما في ذلك دور دائرة أوقاف القدس الأردنية تحت الوصاية الهاشمية، وأعربوا عن قلقهم العميق إزاء الضغوط المتزايدة ضد المجتمعات المسيحية والمسلمة في القدس".
لكن إسرائيل ماضية في عبثها الدموي التخريبي، وتصر على سماع صوتها وحده، تلعب أدوارها الجهنمية بمنتهى البغي والاستكبار، وعندما لا تجد دورا تلعبه تهاجم مصر المحروسة بالذات؛ ربما لأن درس السادس من أكتوبر 1973 كان قاسيا فوق العادة والتصورات!