رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتهاكات إسرائيل تتواصل.. ثبات مصرى لدعم حقوق الشعب الفلسطينى

غزة
غزة

التقدير المصرى منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر ۲۰۲۳ يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي أسقطت أجندة السلام من حساباتها منذ تشكيلها في ديسمبر ٢٠٢٢، وأعلنت مجموعة من الأهداف التي تدرك أنها بعيدة تمامًا عن أن تتحقق، تسعى بجميع الوسائل إلى أن تخرج من أزمتها وذلك المستنقع الذي وقعت فيه.

إسرائيل في سبيل تحقيق هذه الأهداف المستحيلة وفى محاولة منها للخروج من أزمة غزة لم يكن لديها أي خطوط حمراء بل استخدمت جميع الوسائل غير المشروعة من تدمير وقتل بل وحرب إبادة ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، وأكثر من ۱۳۰ ألفًا بين قتيل ومصاب ومفقود، ووصل الأمر إلى أن تكون هناك كارثة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ الحديث في القطاع.

والأجانب الذين كانوا بحوزة فصائل المقاومة الفلسطينية لم يكونوا على أجندة هذه الحكومة المتطرفة، وليس أدل على ذلك من هذا القصف العشوائى لجميع مناطق غزة، غير عابئة بما يمكن أن يؤدى إليه ذلك من مقتل الرهائن، وهو ما حدث بالفعل مع عشرات الرهائن الذين لقوا حتفهم.

حددت مصر منذ اليوم الأول للحرب مجموعة من الثوابت التي تحكم الموقف المصرى ولم تتراجع عنها قيد أنملة، وكان أهمها رفض عملية العقاب الجماعي ورفض تصفية القضية الفلسطينية ورفض تهجير السكان الفلسطينيين إلى سيناء، وهى مؤامرة كانت مصر تقف لها بالمرصاد منذ اليوم الأول، واتخذت الإجراءات كافة لمواجهة مثل هذه الخطوة.

وأكدت القيادة السياسية المصرية أن تهجير السكان الفلسطيين إلى سيناء يعد خطأ أحمر، وكانت لدى الدولة كافة الوسائل الفاعلة التي تحمى أمنها القومي الذي يعد أولوية على ما عداها من تطورات وقضايا.

والقيادة المصرية وهى تتعامل مع هذه الأزمة كانت على قناعة كاملة بأن إسرائيل تحاول تصدير أزمتها إلى الخارج، وتحديدًا إلى مصر، ومن ثم كان قرار القيادة عدم السماح بأن تحل إسرائيل مشاكلها وأزماتها وتورطها في غزة على حساب الدولة المصرية مهما كان الثمن.

وقعت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل منذ ٤٥ عامًا، وطوال هذه العقود كانت مصر نموذجًا إقليميًا ودوليًا يحتذى به بالنسبة للالتزام الكامل بكل التزامات المعاهدة، والدليل على ذلك أن مصر تحركت في قضية طابا طبقًا لنصوص المعاهدة حتى تم استردادها بالتحكيم الدولى وليس عن أي طريق آخر.

معاهدة السلام لم ولن تقيد مصر عن القيام بأية خطوات لحماية أمنها القومي، صحيح أن هناك العديد من الانتهاكات المحدودة التي وقعت على الحدود بين الدولتين خلال الفترات السابقة، ونجحنا في حلها من خلال قنوات الاتصال القائمة بين الدولتين ما دامت لم تهدد أمننا القومى، إلا أنه إذا انتقلت هذه الانتهاكات إلى ما يمس الأمن القومى المصرى فإن مصر قادرة تمامًا على الرد وبقوة غير متصورة.

كانت مصر حريصة منذ بداية الأزمة على فتح معبر رفح أمام عبور الأفراد والمساعدات الإنسانية للقطاع، ولم تغلقه يومًا واحدًا، بل وافقت على آلية دخول المساعدات مع الطرفين الإسرائيلي والأمريكي من خلال معبر رفح إلى معبر كرم أبوسالم، ثم إلى داخل القطاع. كل هذا ما دام معبر رفح يقع تحت إدارة السلطة الفلسطينية.

فيما حذرت مصر مرارًا إسرائيل من مغبة القيام بعملية رفح إلا أن حكومة الاحتلال الإسرائيلية لم تتجاوب مع التحذيرات المصرية والأمريكية والدولية، وبدأ الجيش الإسرائيلي في تنفيذ العمليات في شرق رفح، ثم بدأ في توسيعها وقام أيضًا باحتلال معبر رفح الذي أصبح منذ هذا الوقت مغلقًا وتحت سيطرة دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وتحركت مصر وما زالت تتحرك مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولى كله من أجل أن تتوقف إسرائيل عن استكمال عملية رفح، وتنسحب من المعبر من أجل إدخال المساعدات إلى القطاع.

من الواضح أن هناك توافقًا بين مصر وواشنطن والعالم كله إزاء ضرورة وقف العمليات العسكرية في رفح والانسحاب من المعبر، ولكن لا بد من ممارسة مزيد من الضغوط على إسرائيل حتى تنصاع للموقف الدولي.

التحرك المصرى لم يتوقف وما زالت الاتصالات قائمة مع مختلف الأطراف حتى نستأنف مفاوضات الهدنة التي تحملت مصر أكبر عبء فيها، وطرحت أهم المقترحات لحل الأزمة، وبالرغم من هذه الإجراءات الإسرائيلية في غزة، إلا أن ذلك لم يحل دون التحركات الحثيثة التي تقوم بها مصر حتى يمكن أن تنهى هذه المأساة التي لا تتعلق بقطاع غزة فقط بل بالمنطقة كلها.

ومن الأمور المستغربة أن حكومة الاحتلال الإسرائيلية ليس لديها أي خطط واضحة سواء لكيفية حماية المدنيين سواء في رفح أو ما يسمى بالمناطق الآمنة، بل إن مناطق القطاع أصبحت تحت رحمة الضربات الإسرائيلية التي لا تفرق بين البشر والحجر.

هذه الحكومة المتطرفة ليس لديها أي خطط واضحة بشأن اليوم التالي بعد انتهاء الحرب، ولا تعلم كيف سيكون الموقف حينئذ، حتى إن هناك من القيادات الإسرائيلية مثل بيني جانتس تعارض قيام إسرائيل باحتلال غزة بعد انتهاء الحرب وتتهم نتنياهو بعدم امتلاك أي رؤية في هذا الصدد.

الادعاءات الإسرائيلية بأنها قد نسقت مع مصر قبل بدء عملية رفح ما هو إلا ادعاء منافٍ تمامًا للحقيقة ومحاولة إسرائيلية مكشوفة من أجل الهروب من التورط الإسرائيلي في معركة رفح التي لا تعلم القيادة الإسرائيلية متى وكيف ستنتهى.

وحذرت مصر إسرائيل بجميع الوسائل العلنية وغير العلنية ومن خلال جميع وسائل الاتصال بين الدولتين من عدم تنفيذ عملية رفح، لأن مصر تعلم تمامًا عواقبها، فكيف تجرؤ إسرائيل على الادعاء بغير ذلك وبصفة عامة هذه أكاذيب تعودنا عليها من إسرائيل.