فورين أفيرز: غياب سلطة لحكم قطاع غزة سيحولها إلى "مقديشو البحر المتوسط"
حذرت دراسة أمريكية من بقاء قطاع غزة بدون سلطة تتولى إدارته وحكمه في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من اكتوبر 2023.
وأوضحت المجلة الأمريكية أنه لا يوجد أحد يدير قطاع غزة، ولهذا السبب يشير بعض مسؤولي الأمم المتحدة الآن إلى غزة باسم "مقديشو البحر المتوسط"، مشيرة إلى أنه في بعض المناطق، يقوم ما تبقى من الوزارات التي تديرها حركة حماس بتقديم الخدمات أو تحويل المساعدات الإنسانية، بينما في مناطق أخرى تقوم الشبكات الإجرامية بنهبها ثم توزيعها، وذلك وفق دراسة لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.
مخاطر غياب سلطة في قطاع غزة
وفي أماكن أخرى بحسب المجلة تتعاقد المجتمعات المحلية والجماعات الإنسانية مع جماعات مسلحة أخرى غير حماس لتوفير الأمن، فقد أضحت غزة عبارة عن مساحة غير خاضعة للحكم، حيث تتجذر هياكل السلطة الموازية والمتنافسة.
وفي نفس الشهر الذي انتشر فيه انعدام القانون بشكل عام في جميع أنحاء القطاع، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الشركات الاستشارية ووكالات التنمية والمؤسسات المالية بدأت جهود تخطيط موسعة لإعادة إعمار غزة حيث عُقدت محادثات في لندن في ديسمبر 2023، جمعت خبراء تنمية وممثلين عن القطاع الخاص وممولين دوليين لرسم مستقبل بديل لغزة.
وبموجب هذه الخطة، سيكون لغزة ميناء، وعملة خاصة بها، ولكن الأمور الأساسية بما في ذلك ضمان عدم اضطلاع حماس بأي دور في هذا الاقتصاد الحديث، وإنشاء إطار سياسي للحكم، وتحديد علاقة غزة بالسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لم تتم مناقشتها حيث ترفض إسرائيل التخطيط لما سيحدث بعد انسحاب قواتها من غزة.
وأوضحت "فورين أفيرز" أن ندرة الحلول الواقعية "لليوم التالي" في غزة تعكس غيابًا للتخطيط، كذلك الأمر الأكثر أهمية هو "اليوم الفاصل"، عندما تكون هناك حاجة إلى تدفق الدعم والخدمات المدنية بما يتجاوز المساعدات الإنسانية الطارئة، حتى مع استمرار العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي وهذا الدعم سيكون حاسمًا لضمان عدم إضاعة "اليوم الفاصل".
وفي سيناريو "اليوم التالي"، بحسب الدراسة الأمريكية من المتوقع أن يكون جيش الاحتلال الإسرائيلي قد نجح فعليًا في انهيار حماس ككيان منظم، مما يتركها غير قادرة على حكم قطاع غزة ومن المتوقع أيضًا أن يكون هناك اتفاق مقبول لدى العواصم العربية وإسرائيل والولايات المتحدة والهيئات الدولية، لإنشاء قوة أمنية على الأرض، وإطار لحكم غير حماس، وخطة لزيادة إيصال المساعدات الإنسانية والتوزيع والتمويل لتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار.
وتتطلب مثل هذه الخطة الطموحة لغزة ما بعد الحرب تخطيط وتنسيق مدني عسكري، ودعم دولي كان ينبغي أن يبدأ بالتزامن مع حملة جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023 لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجنب عمدا هذا الأمر معتبرين إياه تنازلًا يخفف الضغط على حماس ومع ذلك، لا ينبغي لهذا أن يمنع إسرائيل من التخطيط لـ "اليوم الفاصل".
وحذرت الدراسة الأمريكية من ان الفشل في التخطيط لهذه الفترة، ساهم في حالات مشابهة بشكل مباشر في اغتنام الجهات الفاعلة السيئة ما سيحدث، وتسريع عمليات التمرد، وإشعال دورات إضافية من العنف كما حدث في تجارب سابقة بدول أخرى.
ووصف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي متطلبات إعادة إعمار غزة بأنها الأهم منذ الحرب العالمية الثانية، ويقدر أنها ستتكلف عشرات المليارات من الدولارات، ولن يكون هذا التمويل ممكنا إلا من خلال آلية دولية مجمعة فهناك الكثير من الأمثلة عبر الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية لبرامج التمويل في مرحلة ما بعد الصراع.