السفير محمد العرابى: إسرائيل تهاب مصر ولم يعد بها «حمائم» ولا دعاة سلام
قال السفير محمد العرابى، وزير خارجية مصر الأسبق، إن عملية «طوفان الأقصى» مثلت صدمة لإسرائيل التى أفاقت على الأحداث بعد أن عاشت فى راحة استراتيجية منذ بدء «الربيع العربى» فى عام ٢٠١١، مؤكدًا أن المقاومة الفلسطينية أوضحت نقاط الضعف الإسرائيلية، وغيّرت من تكتيكات حرب المدن، وأن الحرب فى غزة كشفت عن وحشية دولة الاحتلال، وأسست مرحلة جديدة فى الإقليم بدأت ملامحها فى التشكل حاليًا.
وأوضح «العرابى»، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن مصر تمتلك القوة والسرعة والكفاءة للتعامل مع المتغيرات على حدودها الأربعة، رغم أنها تعيش على حدود من نار، مشيرًا إلى أن السياسة الخارجية المصرية صمدت رغم المتغيرات الإقليمية والدولية، ونجحت فى حشد العالم كله وراء السلام، وتبنى الموقف المصرى الرافض للتهجير والتوطين، ما حال دون تصفية القضية الفلسطينية، التى تعيش الآن أخطر مراحلها منذ عام ١٩٤٨.
■ كيف ترى الدور المصرى فى ظل التوترات الدولية الحالية فى المنطقة والعالم؟
- نعمل اليوم فى إطار محددات جديدة تختلف عن تلك التى كانت قائمة منذ سنوات، مثل النصر المنقوص والهزيمة غير الكاملة، وإطالة أمد الأزمات، وهذه المحددات تتطلب منا تعاملًا مختلفًا عما كان فى السنوات الماضية، مع التحرك لتقصير مدة الأزمات، خاصة أن أزمات مثل الحرب فى أوكرانيا وغزة والأحداث فى باب المندب أثرت على مصر اقتصاديًا، لأن لها أعباء علينا وعلى غيرنا.
والدور المصرى أصبح مختلفًا، فعليك أولًا أن توازن بين المصالح والمبادئ، وأن تسير على ضوء المحددات الجديدة، وهى ثنائية مهمة جدًا، مارستها مصر فى الأزمة الأوكرانية بدقة شديدة، وكانت موضع نظر من الآخرين، فتصويت مصر بالجمعية العامة للأمم المتحدة كان انتصارًا للمبادئ العامة والقانون الدولى، لكن من غير المُجدى أن تخسر مصر شريكين مهمين، مثل روسيا وأوكرانيا، خاصة أن لنا مصالح متنوعة مع الطرفين.
■ هل كنت تتوقع ما يحدث الآن فى غزة؟
- إلى حد كبير كانت توقعاتى تسير مع ما يجرى حاليًا، ولكنى لم أتوقع الرأى العام الدولى الذى انتصر للحق الفلسطينى، وكان هذا مفاجأة كبيرة بالنسبة لى، ومنذ ٧ أكتوبر كنت أتوقع ما ستقوم به إسرائيل وكل هذه الوحشية والشراسة، لأنها أهينت إهانة بالغة فى ذلك اليوم.
ووحشية إسرائيل دفعت الرأى العام الدولى لمساندة القضية الفلسطينية، عكس ما كان فى الأيام الأولى من الحرب، والدعم الدولى لموقف إسرائيل، نظرًا لحسن استغلال الصور التى تم نشرها عن عملية «طوفان الأقصى».
ولكن سوء إدارة الحكومة الإسرائيلية قلب الأمور عليهم بهذا الشكل، لأن الأسلوب الإسرائيلى أراد إبلاغ رسالة بأنه يستطيع تدمير فلسطين فى الفترة المقبلة، ويجعلها مكانًا غير قابل للحياة، وهذا ما يفسر الأرقام المطلوبة لإزالة الركام فقط، وليس عملية إعادة البناء، من حيث الوقت والتكلفة الاقتصادية، فإسرائيل تريد أن يكون القطاع منطقة منكوبة، وبذلك تخرج غزة من المعادلة، لتكون نموذجًا، حتى إنها بدأت تمارس نفس الأسلوب فى الضفة الغربية، ولكن بنمط أقل حدة.
■ ماذا عن الموقف الأمريكى؟
- تمارس الإدارة الأمريكية أسلوبًا محيرًا، فقد أدارت الموقف بشكل هزلى، فهى ترسل السلاح إلى إسرائيل، لكن فى الوقت نفسه ترسل المساعدات إلى أهل غزة، كما أن لدينا خطوة مقبلة تحتاج إلى قدر من التأمل، وتتمثل فى الميناء الذى يتم بناؤه، ووجود جنود أمريكان على الأرض، وبهذا أصبحت أمريكا على المسافة صفر مع الفلسطينيين، دون أن تحسب ما يترتب عليه من مقتل أحد الجنود الأمريكان، ورد الفعل على هذا المشهد.
■ ما تأثير ما فعلته «حماس» فى ٧ أكتوبر على القضية الفلسطينية بشكل عام؟
- بالنظر إلى الإمكانات والطرق، فقد استطاعت المقاومة فرض أسلوب جديد سيدرس فيما بعد، كما أن شكل حرب المدن تغير تغيرًا ملحوظًا بعد ٧ أكتوبر، وأصبحنا أمام متغيرات جديدة وسريعة وحادة، تحتاج جهدًا كبيرًا للمتابعة، كما أن الوضع الاستراتيجى، من حيث القوة والإمكانات، اختلف قبل وبعد العملية.
ومن الأمور الاستراتيجية بالنسبة لـ«حماس» أنها لا بد أن تكون طرفًا فى أى معادلة قادمة، حتى لا يتحقق النصر الكامل لإسرائيل، كما أن عليها الحفاظ على قدر الإمكان على كتائبها دون الرضوخ لحالة الاستنزاف الكامل، التى تجرها إسرائيل إليها، لأن إسرائيل لديها القدرة الأكبر على الاستمرار فى هذا الاتجاه، ولديها دعم دولى.
كما أنه على «حماس» أن تحافظ على وضعها وشعبيتها داخل فلسطين، لأنه لديها قطاع منكوب منذ ٧ أكتوبر الماضى، والبشر لهم طاقة تحمل، والقضية الفلسطينية هى قضية شعب وأرض، والشعب إما يواجه القتل أو النزوح أو الطرد، ولكى نحافظ على القضية لا بد من وقف إطلاق نار سريع، للحفاظ على الأرض والشعب.
■ هل للمجتمع الإسرائيلى أى تأثير على القرارات الخاصة بوقف الحرب؟ وهل هو راغب فى السلام؟
- كنت موجودًا فى إسرائيل فى عام ١٩٩٤، وكانت هناك قوى يسمون أنفسهم بـ«شالوم أخشاف»، أو «السلام الآن»، وكان فى إسرائيل حمائم وصقور، أما الآن فالمجتمع كله صقور فقط.
وهو ما نلاحظه فى الحراك المجتمعى الذى يتحدث عن المحتجزين فقط، ولا أحد يتحدث عن حقوق الشعب الفلسطينى، رغم أن تكلفة السلام أرخص بكثير من الحرب، ونلاحظه أيضًا فى الغل الذى يتعامل به المستوطنون مع الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية والقدس، وكل هذا، فى حد ذاته، يؤثر بشكل كبير على إمكانية تحقيق السلام فى المستقبل القريب.
ولكنى لاحظت أثناء فترة وجودى فى إسرائيل أن الأجيال الجديدة فى الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى لديهم قدرة على التعامل والقبول والوصول إلى أهداف مشتركة، لأن الأجيال الجديدة من الجانبين تعرف لغات بعض.
وفى نفس الوقت، يرى الشاب الإسرائيلى أنه يضيع عمره فى الجيش ولا يبحث عن مستقبله، لأنه يدخل الجيش بعد الثانوية العامة، وهناك بعض الأفراد من ضباط الاحتياط رفضوا الانضمام لهذه الحرب، وكذلك بعض الطيارين، أى أن هناك حراكًا داخليًا، لكنه ليس حراكًا للسلام يقبل بوجود فلسطين، بل حراك لأن الحرب تشكل ضغطًا على المواطن الإسرائيلى، مع الخسائر الاقتصادية والتضخم، وارتفاع أسعار الطاقة والسلع، وتراجع الاحتياط النقدى، ومع ذلك، فإن أكثر شىء يؤثر على الإسرائيلى هو الخسائر فى الأرواح، لأنه يثق فى قدرة أمريكا على تعويضه عن الخسائر الاقتصادية.
وعمومًا، نتمنى أن تكون هناك إيجابيات للأزمة الحالية، وأن تدرك إسرائيل بعد الخسائر التى طالتها أن السلام أرخص، وأن تتسبب الأزمة فى حالة من الإفاقة لدى المجتمع الاسرائيلى، خاصة أن كل الحروب العربية الإسرائيلية لم تشهد وفيات مثل تلك التى حدثت منذ ٧ أكتوبر، سواء من المدنيين أو العسكريين.
ورغم ذلك، فإن التعصب الدينى شىء متأصل ومتجذر فى الشخصية الإسرائيلية واليهودية، وهو موضوع مهم جدًا ويجب وضعه فى الاعتبار عند تحليل المواقف، فهم يقولون عن أنفسهم إنهم واحة الديمقراطية فى المنطقة، وهذا غير منطقى وغير صحيح، لأن الكنيست الإسرائيلى ليست لديه القدرة على وقف إطلاق النار، ورئيس الوزراء له سلطة مطلقة، وهو من يقرر مع مجلس الحرب، كأن هناك دولة دون مؤسسات.
■ كيف تدير الدبلوماسية المصرية الصراع بين إسرائيل و«حماس».. وما الفرق بين الدبلوماسية الرئاسية ودبلوماسية وزارة الخارجية؟
- ليس هناك فرق، فهما يكملان بعضهما، فرئيس الدولة المصرية هو المسئول الأول عن إدارة التوجهات، ووزارة الخارجية تقدم الدراسات والاحتمالات والاقتراحات حول كيفية التحرك فى أطر استراتيجية تخدم مصلحة الدولة، والرئيس هو من يختار وينفذ.
وميزة الدبلوماسية الرئاسية هى أنها يمكنها أن تذيب مشاكل معينة بشكل أكبر وأسرع من الخارجية، فرئيس الدولة بما له من ثقل وإمكانات وعلاقات دولية يساعد فى حل المشاكل.
وعندما زرت صربيا منذ فترة، علمت أن لقاء الرئيس السيسى مع رئيس صربيا كان وديًا بشكل كبير، وأن العلاقة الشخصية وطريقة التعامل مؤثرة جدًا، خاصة أن المصريين لديهم قدر من الود وحرارة تستطيع أن تذيب كل شىء.
كما أن الدبلوماسية الرئاسية لعبت دورًا كبيرًا فى الإطارين العربى والإفريقى، ولعبت أيضًا دورًا كبيرًا بعد ٣٠ يونيو، وغيرت من معادلات كثيرة جدًا، خاصة بعد زيارة الرئيس السيسى لألمانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبى.
■ كيف تستطيع الدولة المصرية الحفاظ على أمنها القومى وفى نفس الوقت على حقوق الفلسطينيين؟
- هذا محصلة لأشياء كثيرة، منها رسوخ الدولة المصرية، وقوتها الذاتية، فمصر دولة ذات سيادة، رغم أنها تعيش وسط حدود من نار، كما أن لديها الثبات والقوة للتعامل مع كل هذه المتغيرات على الحدود الأربعة، وبنفس القوة والسرعة والكفاءة، فهى لا تؤجل أى شىء.
ومصر لديها أيضًا موقع جغرافى حاكم، وقناة السويس ليست مجرد مورد للعملة الصعبة، ولكنها ممر استراتيجى عالمى، وكل الدول تنظر إليها على أنها ممر حيوى لكل التجارة العالمية.
ولا بد هنا أن نضع فى الاعتبار أن إسرائيل تنظر لمصر على أنها القوة الأولى فى هذا الإقليم، والتى يجب أن «يعمل لها حساب»، فمن الممكن أن تتكلم وتهدد لكنها فى الواقع تضع اعتبارًا وحسابًا لمهابة مصر، فمثلًا، لمجرد كونك دبلوماسيًا مصريًا يكون لديك قدر كبير من الهيبة فى المجتمع الإسرائيلى.
وكل الصحافة العبرية تتحدث حاليًا عن تحركات الجيش المصرى فى سيناء، والإسرائيليون يعلمون بقوة مصر ومركزها فى الإقليم، ويراقبون السياسة الخارجية المصرية بشكل يومى.
وإلى جانب ذلك، فإن التجارب السابقة للدبلوماسية المصرية، خاصة فى الملف الليبى، ووضع «خط أحمر» هناك كان له صدى عالمى كبير، فمصر لديها التجارب والسيطرة على الإقليم دون دعاية جوفاء، كما أن لديها أسلوبًا معينًا ورصينًا ومهابًا، والجميع يعلم أن مصر عندما تقول يكون لديها القدرة على التنفيذ.
ولذا فمصر استطاعت صيانة الأمن القومى، وعدم تصفية القضية الفلسطينية، وحشد رأى عام كبير يسير خلف القيادة السياسية فى رفضه مسأله التوطين، كما أن العالم أصبح يسير وراء استراتيجية مصر التى وضعتها فى مجلس الأمن بعد ٧ أكتوبر، ولا يخرج أحد عن الموضوعات المتمثلة فى الحفاظ على القضية الفلسطينية، ورفض التوطين، ورفض النزوح، وأنه لا بد أن تكون هناك مساعدات إنسانية سريعة، مع وقف إطلاق نار سريع، والشروع فى عملية سياسية سريعة، بحيث يكون هناك أفق للسلام.
والخطاب السياسى فى أى دولة أصبح يتحدث عن كل هذه الأمور، حتى فى الدول التى نقول عنها إنها «موالية» لإسرائيل بشكل كبير، مثل ألمانيا، وأيضًا الدول التى لم تكن لها علاقة مباشرة بالقضية الفلسطينية مثل هولندا، فكلها تنخرط فى التعامل مع مصر، لأنها تعلم أنها تستطيع أن تقدم شيئًا خلال المرحلة المقبلة.
■ ما أهم سمات المفاوض المصرى؟
- أهم ما يميز المفاوض المصرى هو حرية الحركة، لأنه سواء كان من جهة سيادية أو غيرها يستطيع أن يتجه إلى غزة أو تل أبيب أو رام الله، ويكون له تأثير، فلدينا أناس عاشوا سنوات طويلة جدًا مع هذا الملف، ويعرفون كل الشخصيات، وكل توجهاتهم، ويتعاملون مع كل الفصائل، أى أننا «نمتلك خريطة كاملة»، والأمر نفسه ينطبق على إسرائيل، فلدينا من يفهم إسرائيل تمامًا، ويعرف دخائلها، ويعرف من يجب العمل معه.
وبالإضافة إلى ذلك، فهناك ثقة فى المفاوض المصرى، لأن لديه القدرة على الخروج من المآزق وطرح البدائل والأفكار، دون أن ينتظر الحلول من أمريكا أو غيرها.
والرئيس أنور السادات مثلًا كان ينصح بالتعامل مع المتشددين، وليس المتطرفين، لأنهم يأتون بنتائج أفضل، وهو ما حدث مع مناحم بيجين مثلًا، وجاء بنتائج جيدة.
والمفاوض المصرى، سواء من الخارجية أو من الأجهزة الأمنية، يعمل فى إطار متكامل، فلدينا لجنة أزمة تم تشكيلها بعد ساعات من ٧ أكتوبر، تضم كل الأجهزة، وكل واحد فيها له رؤيته وإسهامه الذى يساعد بعد ذلك فى الانطلاق فى خط واحد، حتى الوصول إلى رئيس الدولة.
■ بعض الدوائر فى إسرائيل يتوقع أن تستمر الحرب لسنتين.. فكيف ترى ذلك؟
- الأمور ليست برّاقة، ولا يوجد نفق آخره ضوء، فإسرائيل كانت فى راحة استراتيجية منذ عام ٢٠١١، بسبب انشغال الدول بما يحدث فيها من ثورات الربيع العربى، وقد يكون من فوائد ٧ أكتوبر أنها أفاقت إسرائيل، وأظهرت جوانب الضعف والتقصير بها، وأوضحت أنها لن تطيل فى راحتها الاستراتيجية، بعدما أصبحت فى بؤرة الاهتمام الدولى والإقليمى، ووقعت تحت ضغوط كبيرة جدًا من جانب دول العالم، ومن دول الإقليم أيضًا.
ومن المؤكد أن إسرائيل خسرت كثيرًا نتيجة إجرامها فى غزة، الذى لا يمكن نسيانه، وبالتالى أصبحت لدينا مرحلة جديدة فى الإقليم، هى مرحلة ما بعد «طوفان الأقصى»، وقد بدأ بعض ملامح المرحلة يتشكل، مثلما يحدث حاليًا فى باب المندب.
ورغم المتغيرات، هناك دول صمدت فى سياستها الخارجية حتى الآن، مثل مصر والسعودية، فلم يحدث انزلاق أو تهور فى التصرفات، وهو ما يعد شيئًا إيجابيًا، لكن علينا أن ننتظر ونرى ما سيحدث خلال الفترة المقبلة، وأنا متشائم بعض الشىء وأعتقد أن الأمور سوف تطول.
■ مصر حققت الكثير من النجاحات الدبلوماسية مع قدرتها على التأثير والتغيير فى وجهة نظر دوائر مختلفة فى العالم فيما يخص القضية الفلسطينية والصراع القائم.. فكيف تستطيع مصر أن تبنى على ما حققته فى هذه الأزمة؟
- عبر الاستمرار فى الضغط وحشد القوى الدولية فى اتجاه أن السلام أفضل كثيرًا مما يجرى فى العالم، وهو ما يجرى فى المرحلة الحالية، ويعد منهجًا مصريًا، ومصر تقوده، حتى فى إفريقيا وفى النزاعات المحدودة، لأنها ترى أن فكرة السلام هى الفكرة التى يجب أن نسعى إليها، وأنها سوف تحقق التنمية ورفاهية الشعوب، لأن الحرب لن تأتى برفاهية أبدًا.
والعالم حدث به تغير كبير فى المواقف، لكنه أيضًا يتغير دائمًا، وأقرب تغيير قادم هو فى الانتخابات الأمريكية فى نوفمبر ٢٠٢٤، فالعالم كله يحبس أنفاسه ليرى نتيجة الانتخابات، وهل ستكون هناك معادلات جديدة فى الإقليم أم لا، فلو جاء رئيس أمريكى آخر من الممكن أن يكون هناك طرح جديد، وبالتالى يجب أن نتحرك فى هذا الإطار طبقًا للمتغيرات.
وإلى جانب ذلك، فهناك شهية متزايدة من الجوار الإقليمى للتدخل فى شئوننا، ومما نسميه بـ«القوى الفاعلة من غير الدول»، وشهية دول الجوار لم تكن مفتوحة للتغول فى شئوننا منذ ١٠ سنوات مثلًا، لكن ذلك حدث من خلال الميليشيات والجماعات، وهذا التغول كان يتم أحيانًا بشكل مباشر أو غير مباشر، عن طريق الدراما، وبالتالى فإن هذا هو المتغير الذى يجب أن نتحسب له.
وبالتالى لا يمكن ترك مستقبل المنطقة لأيدى بعض المنظمات، فهناك دول راسخة فى الإقليم، وهى دول مركزية، تستطيع أن ترسم مستقبل هذا الإقليم.
■ ما أهمية الدور المصرى فى مفاوضات التهدئة ووقف إطلاق النار؟
- القضية الفلسطينية دائمًا مختطفة من قوى إقليمية تستغلها لمصالح خاصة، وليس لمصلحة الفلسطينيين، وهذا ما يميز التدخل المصرى، لأن مصر هى الجانب الوحيد الذى يحقق مصالح الشعب الفلسطينى، بجانب مصلحته، لذا فمصر هى الطرف المنشود فى أى وساطات، لعلاقة الجوار الجغرافى، والعلاقة الجيدة مع «حماس» وإسرائيل، وكلها أمور تجعل مصر وسيطًا نزيهًا وقابلًا للوصول إلى نتائج.
ومن يوم اجتماع المجلس القومى المصرى، أى منذ يوم ٨ أكتوبر، تم وضع الثوابت التى تسير على خطاها الدولة المصرية بدقة شديدة جدًا، فنحن الآن أمام أخطر مرحلة تمر بها القضية الفلسطينية، حتى إن قورنت بالنكبة فى عام ١٩٤٨، فنوايا إسرائيل ظهرت، وما يساعد القضية الفلسطينية هو تفهم الجانب الدولى.
ومصر تدعو إلى أن يكون هناك مسار سياسى واضح فى فترة زمنية محددة للوصول لحقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته، وهى مهمة صعبة، ولكنها الهدف المنشود.