د. عبدالمنعم سعيد: هجمات الحوثيين لم تنتقم لأهالى غزة بل أضرّت بقناة السويس والاقتصاد المصرى (2-2)
- 70% من مساعدات غزة مصدرها مصر.. والدولة لم تورط مواطنيها فى حرب ولم تُوقف مشروعًا واحدًا بسبب الأزمة
- قال إن رأس مصر مرفوعة فى تعاملها مع القضية الفلسطينية
- «حماس» تعلم جيدًا أن مصر هى الدولة الوحيدة التى تستطيع تخفيف الضغط عنها
- «حماس» وإسرائيل لا تريدان حل الدولتين بل خوض صراع يستغرق قرنًا من الزمن
- مصر أدخلت 100 ألف غزاوى لأراضيها منذ بداية الحرب استنادًا لمكانتها القومية
قال المفكر السياسى الدكتور عبدالمنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن «حماس» حين نفذت هجوم «طوفان الأقصى» كانت تتصور أن إيران ستساندها عسكريًا بشكل كبير، لكن هذا السيناريو لم يحدث حتى من الأطراف الموالية لطهران.
وأضاف «سعيد»، خلال الجزء الثانى من حواره مع الدكتور محمد الباز، عبر برنامج «الشاهد» المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، أن الهجمات التى ينفذها الحوثيون ضد إيلات وضد السفن التجارية لم تنتقم لأهالى غزة، بل أضرت بقناة السويس وبالاقتصاد المصرى.
وتابع أن ٧٠٪ من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مصدرها مصر، مضيفًا أن مصر رأسها مرفوعة فى تعاملها مع القضية الفلسطينية، فهى لم تُخطئ فى شىء يورط بلدًا به أكثر من ١٠٠ مليون مواطن، وفى الوقت نفسه لم تُوقف مشروعًا واحدًا بسبب الأزمة.
.. وإلى نص الحوار:
■ بعد عملية «طوفان الأقصى».. ما الذى خسرته إيران؟
- فى البيان الأول الذى صدر عن محمد الضيف، قائد الجناح العسكرى لـ«حماس»، نلاحظ أنه تحدث بقوة عن المناضلين فى إيران وفى الضفة الغربية وسوريا ولبنان، وكان هناك تلميح بأن طهران ستكون جزءًا من المعركة الجارية.
هذا التلميح كان مستندًا إلى العلاقة التاريخية وطبيعة المحادثات التى جرت بين «حماس» وإيران، لكن «حماس» شعرت بعد ذلك بنوع من خيبة الأمل، إذ كان هناك تصور أن إيران ستكون موجعة من الناحية العسكرية لإسرائيل أكثر مما جرى، وأن هذا سيتم عن طريق الأطراف الأخرى الموالية لها، وكان هذا ضمن استراتيجية ٧ أكتوبر، لكن لم يحدث ذلك السيناريو.
وتبع ذلك رد فعل عنيف ومتوحش وبربرى من إسرائيل، ورغم البربرية التى حدثت فإن رد الفعل من إيران كان مجرد كلام فقط، ورغم ذلك هناك أشياء غامضة فى القصة، فهل السلاح ما زال يذهب إلى حماس أم لا؟، لا أحد يعلم حقيقة ذلك.
والشىء الغامض، أيضًا، أن المخابرات الأمريكية التى لديها إمكانات كبيرة للتوصل إلى سلاح «حماس»، التى سبق أن شكلت فريقًا كاملًا لاغتيال أسامة بن لادن ووصلت إليه، لم تتوصل حتى الآن إلى مصدر ذلك السلاح.
وأرى أن إيران خسرت جزءًا من مهابتها الخاصة، وحدث إفساد للتهدئة بينها وبين إسرائيل، وأنا كمواطن مصرى أشعر بالضيق مما يفعله الحوثيون بتسببهم فى تعطيل قناة السويس، التى هى مصدر أساسى للعملة الأجنبية ومصدر للتنمية ومصدر لكل اللوجستيات والصناعات والخدمات، وتشكل محورًا كبيرًا لمصر ومستقبلها.
ويمكننا القول إن هناك بحرًا أحمر جديدًا الآن بين مصر والسعودية، وإن هناك نشاطًا تنمويًا موجودًا بالمنطقة، لكن الأفعال الحوثية تعرقل ذلك بدعوى الانتقام لغزة، عبر إطلاق صواريخ على إيلات وتوجيه ضربات لتعطيل المجرى الملاحى، فحدثت خسائر طويلة المدى لقناة السويس.
وشركات عالمية تحولت لرأس الرجاء الصالح، وموانئ الغرب بدأت فى تجهيز نفسها لفترة طويلة من التشغيل واستقبال السفن، فى ظل أن كل السفن تحتاج لتجهيز الغذاء والطاقة، وبدأت هذه الموانئ تتعود على أحجام كبيرة من السفن، وبدأ تنفيذ صفقات مع القراصنة وتنظيم شباب المجاهدين فى الصومال، وسياسة هذه المنطقة بدأت تتغير بعد انسحاب قناة السويس، فالحوثيون بسلوكهم لم ينتقموا لما يحدث فى غزة، وإنما انتقموا وسببوا ضررًا للطرف المصرى.
وركز ممثل الاتحاد الأوروبى فى أحد النقاشات حول البحر الأحمر على عدة نقاط، منها وضع نظام دفاع للسفن قبل مرورها بالقرب من الحوثيين، فى ظل أن صواريخ إيران رخيصة السعر، فالصاروخ يتكلف ٥٠٠ دولار، حتى السفن التى لم تصب فى الممر الملاحى لن تمر مرة أخرى حفاظًا على سلامتها، وتصريحات الممثل الأوروبى غير مسئولة؛ لأن الردع لم يحدث من أوروبا، مع العلم بأن تكلفة تأمين السفن واصطحابها من باب المندب إلى قناة السويس، كبيرة، لكننى لم أرَ لهفة من أوروبا لإنقاذ ما حدث للتجارة العالمية رغم الضرر الكبير.
■ إيران تصور نفسها على أنها حامية القدس.. هل هذه الصورة خُدشت بعد الاشتباكات الأخيرة بينها وبين إسرائيل؟
- نعم خُدشت، لأن ما يحصل لأهل غزة والفلسطينيين كبير، هم فى مذبحة كبيرة نتيجة تصور أن ٧ أكتوبر هو الحل، ودون الحديث عن حل للقضية الفلسطينية، ولا توجد فكرة إيرانية للحل إلا بالعودة للمربع صفر، أى إزالة إسرائيل، وهذا أمر غير واقعى مع دولة نووية، وهناك سيناريوهان مطروحان، العودة للمربع صفر التى تعكس فكرة الصراع الوجودى، أو الوصول لتسوية سياسية لحل الدولتين وقرار التقسيم.
■ الولايات المتحدة سعت لبناء نظام عالمى جديد.. هل هذا النظام يتفكك الآن؟
- هذه الحرب كشفت الغطاء عن كل من يمثلون القانون الدولى الإنسانى والهيئات الدولية التى رأيناها تتداعى، ولا أحد فيها يقدر على فعل شىء، وأنا على المستوى الشخصى لا أعتمد هذه المصطلحات ولا أدافع عن أمريكا، لأن كل دولة تبنى بطريقة أشخاصها.
والكارثة الفلسطينية تتمثل فى أنه لا توجد دولة لكى تقرر مسار الشعب، وما حدث فى سوريا من تفكيك كان نتيجة غياب الدولة، وكان هناك إدراك لدى القيادات العراقية بحجم الكارثة التى حدثت مع صدام حسين، وهو أضر الدولة لأنه حل محلها شخصيًا، إنما العراق كدولة لديه مقومات الدولة ويحاول بناءها مرة أخرى، وإيران تحاول هدمها.
وأمريكا تقول إن العالم مقسم لديمقراطيين وسلطويين، لكن هذا الأمر لم يعد يعتد به، أمريكا فى وقت معين كانت تقول إن لديها عجزًا فى الميزان التجارى مع الصين، فكيف أصححه، والليبراليون الأمريكيون لديهم صورة أيديولوجية للعالم، فالنظام العالمى قائم على مصالح مادية ومصالح استراتيجية، ولماذا لا تسيطر الصين حتى الآن على تايوان رغم قدرتها على ذلك، لأن أمريكا وضعت الخط الأحمر، والداخل الصينى يحكمه الحزب الشيوعى الخارج عن سيطرة أمريكا، وهى لن تعلّم الصينيين بحضارتهم كيف يسيرون، فكل بلد لديه الخلطة الخاصة به.
وأمريكا كاذبة فى أحكامها ونظرتها للعالم، وعدلت الدستور ٣ مرات لتعطى حقًا للانتخاب والترشيح والحقوق للسود، ورغم ذلك لم ينفذ من ذلك شىء لمدة ١٠٠ عام، فأمريكا لا تعطى أحدًا دروسًا فى إدارة الدول، وهى لم تعط النساء حق الانتخاب حتى العشرينيات من القرن الماضى، والحديث عن المجتمع الأمريكى وقيم أمريكا مجرد غلاف دعائى، وهذا يتضح من موقفها من ثورة ٣٠ يونيو، وموقفها الآن.
■ هل ترى أن الحديث عن قيم الولايات المتحدة غلاف دعائى؟
- حديث الولايات المتحدة الأمريكية، دائمًا، عن القيم الأمريكية دعائى؛ لأن كلامها هذا جزء من الضغوط السياسية على الجمهور، فالموقف الأمريكى على سبيل المثال اختلف تمامًا من ٣٠ يونيو ٢٠١٣ إلى اليوم، وتكرر الأمر أيضًا بعد أحداث ٧ أكتوبر الماضى.
وحديث الأمريكان وصندوق النقد الدولى، تحديدًا، قبل أحداث ٧ أكتوبر الماضى كان سخيفًا للغاية، فضلًا عن تعمدهم إظهار مصر بشكل سلبى للغاية، ولكن بعد ذلك التاريخ تغيرت طريقتهم تمامًا إلى الأفضل، ففى النهاية الأمور كلها عبارة عن مصالح.
ونحن نشاهد كيف تتم صناعة أيديولوجية معينة عبر ما يمكن وصفه بـ«تفخيم المثالية»، سواء العدالة لدى الماركسيين أو الحرية لدى الليبراليين، والليبرالية عبارة عن جناح من أجنحة الولايات المتحدة الأمريكية، وبها جزء تقدمى متضارب قليلًا وتابع للحزب الجمهورى، الذى يرغب فى إدارة العالم كما لو كان جامعًا أو كنيسة، ليتحكم فى السيئات والحسنات بطريقته.
■ كيف رأيت طريقة تعامل الإدارة الأمريكية مع الحراك الطلابى الأخير داخل الجامعات؟
- تعامل الإدارة الأمريكية مع الحراك الطلابى الأخير داخل الجامعات الأمريكية لم يختلف كثيرًا عن تعاملها معه فى الماضى خلال حرب فيتنام، من خلال إثارة الجدل فى المجتمع حول ادعاءات احتلال الجامعات.
والنخبة السياسية الأمريكية سواء ديمقراطية أو جمهورية، ترفض تمامًا أن تخرج تظاهرات فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتندد بأن الاحتلال الإسرائيلى استيطانى، خاصة أن أغلب المشاركين فى هذه التظاهرات من أصول عربية.
ومظاهرات الجامعات فى أمريكا كان بها يهود أمريكيون اعتبروا أن الاحتلال الإسرائيلى به مشكلة أخلاقية ودينية، ولكن إسرائيل هى جزء من المنظومة الدفاعية الأمريكية والمصالح الغربية فى العالم، وليست مجرد تابعة للولايات المتحدة كما نقول دائمًا، وهذه هى العلاقة العضوية بين إسرائيل وأمريكا.
ونحن خلقنا فجوة فى تعريف الموقف بين الأمريكان والإسرائيليين، ولا بد من توسيع هذه الفجوة، دون توقع أن ينتقل التأييد الأمريكى من إسرائيل إلى المجتمع العربى، فالموقف الأمريكى الحالى اختلف قليلًا فى الآونة الماضية، وذلك بعد الحديث عن إقامة دولة فلسطينية.
■ كيف تسعى الدولة المصرية لترتيب الأوضاع فى المنطقة مرة أخرى؟
- الضغوط الإقليمة الأخيرة كانت شديدة للغاية على الدولة المصرية، ولكن الجهد الكبير الذى بذلته الدولة فى التصدى لها كان مشرفًا بشكل غير مسبوق، حيث تعمل حاليًا على ترتيب الأوضاع فى المنطقة، حتى لا تتكرر هذه الحروب مرة أخرى.
ونحتاج فى الوقت الحالى إلى أن يفكر المثقفون فى كيفية محاربة ظاهرة «دولة الميليشيات»؛ لأنها ستسبب خرابًا كبيرًا فترات طويلة، وذلك فى مقابل المشروع الوطنى المصرى، الذى يشمل الإصلاح والبناء والتعمير؛ حتى الدخول فى سوق المنافسة العالمية.
ولا بد من تأسيس معسكرات الممانعة والمقاومة، لمواجهة الإهدار الكامل للعناصر البشرية عن طريق القتل، وذلك أمام معسكرات أخرى مختصة فى البناء والتنمية، وذلك الأمر أهم حاليًا من الحديث عن الاشتراكية والرأسمالية والقومية العربية، فالمسألة أصبحت تتمحور الآن حول كيفية تحقيق الهدف الاستراتيجى والأمنى؛ لأنه يجب توفير توازن القوى مع الأشرار من حيث الإرادة والتسليح الاستراتيجى، والواقع الأخلاقى.
■ كيف تقيّم التعامل المصرى والغربى مع الصراع الإسرائيلى- الفلسطينى؟
- استطاع المجتمع الغربى أن يضعنا فى عقدة ذنب دائمة، حول أن الفلسطينيين لا يستطيعون الاتفاق حول أى شىء، حتى يصبح كل الناس فى منطق دفاعى على المستويين الأخلاقى والضميرى، ورغم هذا الأمر، فالدولة المصرية تدرك جيدًا ما يحدث حولها، وتستطيع بنجاح موازنة الأمور.
وحركة حماس تعلم جيدًا أن مصر هى الدولة الوحيدة التى تستطيع تخفيف الضغط عنها، لكن فى الوقت نفسه، المصلحة الأساسية بالنسبة لها تكمن فى الشهداء الذين يسقطون بشكل لحظى، وقد وصلنا اليوم إلى أن الدولة المصرية أدخلت نحو ١٠٠ ألف غزاوى إلى الأراضى المصرية منذ بداية الحرب فى ٧ أكتوبر الماضى.
والدولة المصرية تتعامل دائمًا بمبدأ الإنسانية فى المقام الأول، حتى فى دخول الجرحى الفلسطينيين إلى الأراضى المصرية؛ إذ يأتون برفقة ذويهم الذين يصل أعدادهم فى أغلب الأحيان إلى ١٠ أفراد للأسرة الواحدة، وذلك الأمر لا نستطيع أن نتخلى عنه؛ لأن ذلك يعد جزءًا من المكانة المصرية.
ومصر لديها القدرة على تحقيق التوازن فى كل الأمور التى تواجهها، وهدفها الرئيسى الآن هو حماية أرواح الأشقاء الفلسطينيين، فهى دولة متمرسة ومحترفة فى التعامل مع مثل هذه الأزمات الإقليمية، وذلك ما اتضح خلال المفاوضات الجارية بين جهاز المخابرات المصرية وأطراف الصراع.
■ هناك فجوة فى المواقف بين إسرائيل والأمريكان، حيث ترى واشنطن أن حل الدولتين ضرورة، كما ترفض الإبادة الجماعية للفلسطينيين.. كيف يمكن استغلال هذه الفجوة والاستفادة منها؟
- الأمريكان يمكن وصفهم بأنهم «عالم أى كلام»، فهم تركوا الفلسطينيين يموتون، فأمريكا رفضت مشروع قرار فى مجلس الأمن لوقف إطلاق النار فى غزة.
وموضوع «فيتو» جزء عضوى من قانون الأمم المتحدة، وهو لا يعتبر شيئًا جديدًا، فهو نظام قديم اعتُمد بعد الحرب العالمية الثانية، وهو أن العالم بشر والبشر ضعفاء ومن ثم لا بد أن يكون لهم كبير، والكبير ٥ دول أخذت حق «فيتو».
والدول التى دخلت الأمم المتحدة كانت على علم بذلك، ولا يوجد أحد قال: «أنا همشى لأنى ليس لى حق فيتو»، وإصلاح الأمم المتحدة لن يحدث أبدًا لأنه قائم على إدخال دول جديدة والتوسعة، وبالتالى توجد إشكالية، وهى أنه توجد ١٥ دولة تأخذ قرارات الحرب والسلام للعالم، فإذا جعلتها ٣٠ دولة فلن تتفق على شىء.
وبالعودة إلى قرارات الأمم المتحدة فى أزمة ١٩٥٦، كانت القوتان العظميان فى ذلك الوقت هما الاتحاد السوفيتى والأمريكان، واتفقتا مع بعضهما بعضًا على أن هذا العدوان لن يمر، وأمريكا كانت تريد أن تطرد فرنسا وبريطانيا، كما أن التوافق الذى حدث أدى إلى انسحاب الإنجليز من مصر بعد العدوان الثلاثى.
■ ماذا حققت مصر على المستويين الإقليمى والدولى فى الأزمة الراهنة؟
- مصر شجعت الإخوة العرب على الاهتمام والعمل على القضية الفلسطينية، أى أن مسألة اللجنة السداسية جرت إعادة إحيائها، وبالتالى فإن الدول العربية لها قدرات، وقدرات مصر التاريخية فى التفاوض تتم من خلال مؤسسة مثل وزارة الخارجية، والطريقة التى تتعامل بها لديها أدوات دبلوماسية مرضية، كما أن عناصر القوى لدى مصر ذكية وخارجة من دولة عريقة.
وفى رأيى، استفادت مصر بأن العالم قد بدأ نتيجة هذا الوضع الجديد فى تقديم تسهيلات فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة الاقتصادية، وأن صبر المصريين فيما يتعلق بموضوع هجمات الحوثيين وأزمة البحر الأحمر مُقدّر، لأننا لم ندخل فى هذه الحرب، ومصر ركزت على وقف إطلاق النار، فلو قررت مصر إنزال أسطولها البحرى مع الأسطولين الأوروبى والأمريكى وغيرهما، سيوسع ذلك من العمليات العسكرية فى المنطقة وسيكون الإنقاذ مستحيلًا، وبالتالى فإن مصر لديها موقف أخلاقى ودينى وعروبى تجاه الإخوة الفلسطينيين، كما أن ٧٠٪ من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة كان من مصر، ومن ثم فإن مصر رأسها مرفوعة فى التعامل مع القضية الفلسطينية، فالدولة لم تخطئ فى شىء يورط بلدًا به ١٢٠ مليون مواطن، وفى الوقت نفسه لم توقف مشروعًا واحدًا بسبب الأزمة، والباقى مجرد تفاصيل، مصر متأثرة بالحرب لكنها ليست فى حالة حرب ولن تدخل الحرب.
الانعكاس المصدّر للعالم هو أن مصر كما لو كانت فى حالة حرب، فبالتالى تتقيد السياحة ويتقيد الاستثمار الأجنبى، ويتم تخفيف الأحمال، وفى ظل هذه الأمور يجب أن يتم التركيز على ألا يضيع الهدف الاستراتيجى، وهو أن مصر ليست فى حالة حرب، وأنها يجب أن تكون مغرية للاستثمارات والسائحين، فحركة التنمية والعمران مستمرة، ولدينا إمكانات جبارة فى مختلف المجالات، ومن ثم يجب ألا يفقد العالم هذه الصورة، وهذا يجب أن يقال فى خطب رسمية وتصريحات قوية.
■ما مدى إيمان حماس وإسرائيل بحل الدولتين؟
- الطرفان لا يريدان ذلك، لأن الجزء العقلانى غائب، ولأن فكرة رهن الأمة بصراع أبدى يأخذ قرنًا من الزمن هى السائدة، وهذا ما رفضه الرئيس السادات، وأدركته مصر بعد ٦٧، فحرب الاستنزاف كانت بداية لأن نوجع الإسرائيليين ونجعل الاحتلال مكلفًا بالنسبة لهم، أنت توجع الاحتلال ليبحث عن حل، هذه الأشياء قرارات كبيرة ومصيرية.