انضمام مصر لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل ضغط جديد لوقف الحرب
دخل الدور المصري لدعم القضية الفلسطينية فصلًا جديدًا بإعلانها التدخل رسميًا لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، خصوصًا بعد استمرار إسرائيل في انتهاكاتها للقانون الدولي في القطاع ومواصلة قتل المدنيين، فضلًا عن دخول رفح ومنطقة فلادلفيا.
جرائم كبيرة
وقال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مصر منذ اللحظة الأولى أيدت لائحة الاتهام التي تقدمت بها جنوب إفريقيا للمحكمة، وذلك خلال المرافعة الشهيرة التي شاهدها العالم كله.
وأضاف هريدي في تصريحات لـ"الدستور"، أن انضمام مصر لقائمة الدول التي رفعت الدعوى تطور جيد يأتي في إطار تدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية، على ضوء اقتحام إسرائيل لـ رفح، والممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وشدد على أن هذه الممارسات تمثل جرائم كبيرة، ومنها على سبيل المثال غلق المحاور والمعابر، وما يترتب على ذلك من وقف للمساعدات، وكذلك منع إمداد المستشفيات بالوقود، وكلها ممارسات ترتقي إلى انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم الدول بحماية المدنيين خلال الحروب.
وتابع هريدي بقوله، إن إسرائيل على العكس من القانون الدولي في التعامل مع المدنيين، فهي تعمل على التهجير القسري، وتحويل قطاع غزة إلى منقطة خالية من السكان.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن انضمام مصر يعطي زخمًا وبعدًا عربيًا وإسلاميًا، لهذه الدعوى التي تقدمت بها دولة إفريقية، وهي خطوة قد تشجع بعض الدول على الانضمام إلى الدعوى لاحقًا.
خرق اتفاقية السلام
من جهتها، قالت مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفيرة منى عمر، إن الفرق كبير بين أن تكون صاحب الدعوى، أو أن تؤيدها، والمرة الماضية وقت تقدم جنوب إفريقيا بالدعوى، قدمت مصر عبر مندوبها مرافعة قوية جدًا، وبالتالي من حيث المضمون هو واحد، لكن من حيث الشكل أصبح الموقف أقوى لأنه مطلوب الرد عليك شخصيًا.
وأضافت عمر في تصريحات لـ"الدستور"، أنه من الملاحظ أن هناك تغييرًا في التكتيك الدبلوماسي في تناول الموضوع، فقد كنا حريصين على عدم إحداث ضجة، ونعمل في صمت، دون الإعلان عن الخطوات بقدر الإمكان؛ بحكم أننا الوسيط الرئيسي في المفاوضات الجارية بين حماس وإسرائيل، ونستضيف هذه المفاوضات، ونقوم بنوع من التحرك النشيط جدًا بالنسبة لعملية التفاوض.
وأشارت إلى أن رد الفعل الشعبي في مصر قوي من البداية، ومن أبرز مظاهره مقاطعة الشركات التي تدعم الاحتلال، وكلها كانت تحركات شعبية خالصة دون توجيه حكومي، فضلًا عن الدور الكبير الذي لعبته مصر فيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتحمل عملية النقل والمخاطر التي تصاحب إدخال المساعدات.
وأوضحت أن مصر تستخدم كل الأدوات للضغط على إسرائيل، وإقناع المجتمع الدولي أن ما تقوم به إسرائيل من مجازر ضد المدنيين يجب وقفها، ووقف إطلاق النار، ويضاف لهذه الأمور خرق تل أبيب لاتفاقية السلام مع مصر؛ بدخول محور فيلادلفيا، وهو سبب التصعيد المصري الواضح والتصريحات ونوعيتها التي اختلفت في الآونة الأخيرة.
دور مهم
ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني عبدالغني الشامي، أن انضمام مصر للدعوى سيحدث زحمًا كبيرًا، فهي دولة تتمتع بوزن كبير في المنطقة والمحافل الدولية، والدبلوماسية المصرية معروفة برصانتها، وهي دولة تربطها علاقات قوية بفلسطين بحكم الجغرافيا.
وقال الشامي في تصريحات لـ"الدستور"، إن مصر لديها تاريخ كبير في المحاماة والقانون، وبها شخصيات كبيرة تتمتع بخبرات مهمة جدا تقدم القضية، لافتًا إلى أن إسرائيل تدرك جيدًا حجم مصر في هذه المسألة.
وأضاف أن مصر سيكون لها دور مهم في الدعوى، نظرًا لثقل القاهرة، والقامات القانونية الكبيرة فيها، وهي خطوة سوف تحسب لها إسرائيل ألف حساب، متابعًا: نأمل أن تحذو دول أخرى حذو مصر، وتكون ضمن هذه الدعوة.
وأشار الشامي، إلى أن تاريخ العدوان ونا سبقه من اعتداءات صهيونية على قطاع غزة يشهد على الدور الكبير الذي تلعبه القاهرة في حماية أرواح الفلسطينيين، وقد قدمت الكثير من التضحيات في هذا الإطار منذ عام 1948 وكل الحروب التي خاضتها لأجل فلسطين.
ونوه بأن مصر كانت هي التي تلعب الدور الأكبر لوقف العدوان الاعتداء على غزة منذ 2008، بحسب الضغوط التي كانت تمارسها بشكل سريع، لكن هذه المرة تحول العدوان إلى حرب إبادة تشنها إسرائيل، والتحرك المصري كان منذ اللحظة الأولى، واستخدمت فيه مصر كل قواتها الدبلوماسية والسياسية، وهى الآن تستخدم قوتها القانونية.
وواصل قائلًا: ننتظر من مصر تحركات أكبر لتأمين معبر رفح، لأن احتلال إسرائيل له يعد حكمًا بإعدام أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في هذا القطاع المحاصر، والقاهرة أدرى بوضعها ولا نملي عليها كيف تتعامل مع هذا الأمر.
واختتم تصريحاته بالقول، إن محكمة العدل الدولية ربما تخرج بحكم تاريخي، لكن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا كبيرة على القضاة، والناس هنا يعلقون آمالًا كبيرة على المحكمة منذ نحو شهرين أو أكثر، والكثير من الناس رفعوا أعلام جنوب إفريقيا في البداية؛ لاعتقادهم أن المحكمة ستصدر حكمها بشكل سريع يوقف الحرب، وهو ما لم يتمكن منه حتى الآن لا المحكمة ولا مجلس الأمن.
انتهاكات بالجملة
وأوضحت مصر أن التقدم بإعلان التدخل في الدعوى المشار إليها يأتي في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والإمعان في اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطيني من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير البنية التحتية في القطاع، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم، ما أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة أدت إلى خلق ظروف غير قابلة للحياة في قطاع غزة، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية چنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.