المزاعم والأباطيل فى وجود إسرائيل
انتهت مباحثات القاهرة التى جرت على مدى يومين، بمشاركة حماس وإسرائيل وقطر ووكالة المخابرات الأمريكية، برجوع الوفود إلى قواعدها بعد ظهر يوم الخميس ٩ مايو دون نتائج واضحة، مع دخول الحرب على غزة شهرها الثامن. وأيًا كان مسار أو مصير المباحثات، فمن المؤكد أن إسرائيل قد تعرت تمامًا بحربها أمام شعوب الغرب وطلابه ومثقفيه.
وسقطت فى الوحل كل الأكاذيب والادعاءات التى تغطت بها منذ نشأتها، وفى مقدمتها رواية «الهولوكوست» التى ذرفت فيها إسرائيل دموع التماسيح على ستة ملايين يهودى، حسب ادعائها، «وهو رقم مكذوب»، من غير أن تذرف دمعة واحدة أو تظهر أسفها على خمسة وعشرين مليون مواطن ضحايا النازية فى الاتحاد السوفيتى، وهكذا حولت جنون النازية الألمانية إلى موضوع شخصى، أما عن أوجاع العالم فلا علاقة لها بها.
لكن الحرب على غزة جعلت إسرائيل تخسر كل الأساطير الملفقة التى تغطت بها، حتى أصبح قبح الكيان الصهيونى عاريًا لا يستره شىء، ولا يثير وجوده سوى غضب الطلاب والجماهير فى أنحاء العالم. وكان من ضمن ما اختلقته إسرائيل من حكايات تستدر بها العطف حكاية اضطهاد اليهود فى مصر. فى ذلك السياق كتبت صحيفة «جيروزاليم بوست»، فى ٢٤ ديسمبر ٢٠١٠، تقول: «إن اليهود المصريين تعرضوا فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر للاضطهاد».
وطالبت الجريدة الشعب والحكومة المصرية حينذاك: «بالاعتذار لليهود». لكن الكاتب الإنجليزى ديفيد مكاير «من أصل يهودى» يفند تلك الادعاءات فى تقرير له بعنوان: «يهود مصر»، نشرته صحيفة التقرير الجنوب إفريقية فى ١٧ يناير ٢٠٠٨، ويقول: إن الشعب المصرى استقبل ١٤ ألف يهودى نزحوا إلى مصر أثناء الحرب العالمية الأولى، وشاركوا المصريين العيش فى أمان، وكانوا يعاملون معاملة أهل البلد، وأثناء نزوح اليهود إلى مصر أرسلت الحكومة مندوبًا من وزارة الداخلية لدراسة أحوال اللاجئين واحتياجاتهم.
واستقبل السلطان حسين كامل المدعو إدجار ساويرس، رئيس الطائفة اليهودية بالإسكندرية، وأمر بفتح مناطق القبارى والبلدية ومبنى الحجر الصحى ومحطة الورديان بالإسكندرية لهم، وأمر بصرف إعانة يومية، وإقامة مدارس كان الأطفال يدرسون فيها باللغة العبرية، وفى عهد الملك فؤاد تولى يوسف قطاوى باشا اليهودى وزارة المالية، وسيطر عدة يهود على الاقتصاد المصرى وبرزت شركاتهم مثل «شيكوريل»، وموسى قطاوى، وغيرهما. كما سمحت لهم الحكومة بإصدارات صحفية خاصة بهم منها مجلة «إسرائيل» التى صدرت بثلاث لغات.
وكان لهم أكثر من ثمانين معبدًا، ٢٩ منها فى القاهرة و٢٠ فى الإسكندرية. ومع مطلع الثورة قام محمد نجيب بزيارة إلى معبدهم فى شارع عدلى، ورغم ذلك كله بادروا إلى الأعمال التخريبية ما إن واتتهم الفرصة، ويذكر فى ذلك المجال فضيحة «لافون» التى وقعت بعد الإطاحة بالملك فاروق، وسلسلة تفجيرات عام ١٩٥٤، حين نسفوا مبنى البريد بالإسكندرية ووكالة الاستعلامات الأمريكية والمركز الثقافى الأمريكى بالقاهرة، علاوة على غرس عشرات الجواسيس فى مصر. ولاحقًا تبين أن عددًا منهم أصبحوا ضمن الجنود الذين هاجموا مصر خلال العدوان الثلاثى، وفى حرب ٦٧، وحرب أكتوبر ١٩٧٣.
لكن الزمن خصم عنيد للأكاذيب، ومع أحداث غزة، وبطولات الشعب الفلسطينى راحت الأقنعة والأساطير الملفقة تسقط واحدًا بعد الآخر، وأخذت حقيقة ذلك الكيان تستنفر قوى المقاومة والضمائر الحية فى كل أنحاء العالم.